يقول الكاتب اللبناني محمد بركات عن إصداره الأخير “محاولات اغتيال علي”: كلّ بطل من أبطال أي قصة يكتبها أي بشري يشبهه في مكان ما. الكاتب يأتي بالأبطال من يومياته، يخيطها بمخيلته، لكنّها تكون في رأسه وذاكرته. أحيانا يغيّر الكثير من الشخصيات التي يعرفها أو من بعض نواحي شخصيته، لكن مهما غير فإنه يكون حاضرا في كل شخصية يخترعها. وعلي، في هذا المعنى ومن هذا المنطلق، هو أنا بالطبع. بعضه من بعضي، وبعضي من بعضه. لكن الأهم أنني، فيما كنت أكتب عن علي، وعن شخصيات أخرى، مثل زوجته أو ابنه أو والده أو عمه، كنت أكتشف نواحي في داخلي لم أكن أعرفها قبل الكتابة. فالكتابة ليست “اعترافات نقدّمها إلى “الآخر – القارىء” بالدرجة الأولى، بل هي مرآة واعترافات نقدمها إلى أنفسنا. حين أكتب أكون كمن يحاول أن يتعرف إلى نفسه، أو أن يدرك بعض أسراره. والكتابة مثل جدول مياه، حين ننجح في الوصول إلى جذره فإنه سيستمر في التدفق من دون قدرتنا على ردعه أو التحكم بمساره”.
محمد بركات كاتب وإعلامي لبناني يعمل في الإعلام المرئي والمسموع والالكتروني منذ العام 2001. صدر له كتاب شعر نثري بعنوان: “الأرض في مكانها” عن دار مختارات في العام 2005 و”المدينة لا تتسع لرجل جديد” عن دار النهضة في 2007 ومجموعة نصوص روائية عن دار الآداب بعنوان “شهوة جدتي” في 2009 واخيراً صدر له “محاولات اغتيال علي” في العام 2014 وهو “سيرة منزلية” عن “شركة المطبوعات للتوزيع والنشر”. معه كان هذا الحوار:
1. ما هي قصة علي؟
قصّة علي هي قصّة كثيرين في هذا الوطن العربي، من المحيط إلى الخليج، ممن لا يجدون أنفسهم في العلب المغلقة من التوضيب الاجتماعي. فهو شيعيّ المولد وليس إلى جانب “حزب الله” في لبنان، ويعمل في مؤسسة “سنّية” وليس سنّيا، وهو يساريّ ولكن ليس في حزب شيوعيّ أو يساريّ، ومدنيّ وله موقف من المجتمع المدني. هو “اللامنتمي” ربما، في زمن الانتماءات، والبلاهويّة، في زمن “الهويّات القاتلة”، تائه بين البيئة التي ولد فيها والبيئة التي يعمل فيها والبيئات التي حاول أن يكون جزءا منها وعجز. ففي كلّ مكان عليه أن يكون تابعا. حتّى من ادّعوا الثورة ذات يوم وصدّقهم في آذار 2005 اكتشف أنّهم باعوه وأنّ أحدهم يفرح لمشهد طائرات إسرائيلية تقصف منزله في الضاحية الجنوبية. وهو في الوقت نفسه ضدّ إسرائيل وضدّ “حزب الله” وضدّ الفرحين بقصف منزله وضدّ من يقاتلون إسرائيل لأنّهم يقاتلونه في الوقت نفسه، كما في أحداث 7 مايو \ أيّار 2008 في بيروت… علي هو كلّ من لا يجد نفسه في “علبة” من المحيط إلى الخليج.
2. لماذا اخترت هذا الأسم تحديداً “علي”؟
اخترت اسم علي لأنّه يتناسب مع “بطل” السيرة التي كتبتها. فهو شيعيّ وحول شيعيته وسنّية الآخرين تدور الأحداث. كان يمكن أن يكون عمر السنّي ويعمل في بيئة شيعية أو جورج المسيحي الذي يعمل في بيئة مسلمة أو محمود المسمل الذي يعمل في بيئة مسيحية. كان يمكن أن يكون أيّ واحد من الأقليّات أو الأكثريات الموجود في الشرق العربي. وهو استقرّ على علي لأنّني أعرف قصصا وتفصيلات لها علاقة بهذه الشخصية أكثر من غيرها. لكنّه اسم “عموميّ” يمكن تغييره كما يملأ الأطفال الفراغات بالكلمة المناسبة في مسابقات التمارين اللغوية.
3. هل حاولت اختصار معاناة فئة معينة من الأشخاص في محاولة اغتيال علي؟
ليس معاناة فئة معيّنة. بل هي معاناة الآلاف والملايين ربما من الباحثين عن وطن وعن انتماء. قد يكون علي اسمه طارق في ليبيا أو بكر في السعودية أو زيد في العراق أو عامر في سوريا أو وليد في فلسطين أو عمّار في المغرب أو ولد فاس في موريتانيا أو زكريا في جيبوتي… هو اختصار تعميميّ إذا صحّ القول، لكل ّ طفل أو مراهق يحاول المجتمع تدجينه حين يكون طفلا، كأن تمنعه المدرّسة من طرح أجوبة مختلفة عن الأجوبة التي يتمّ تليقينها إلى الأطفال، أو أن يعبر قرب حزب ما فيكتشف أنّه لا يمكن أن يناقش بل أن “يحفظ” و”يطيع” وينفّذ”، كما في المدرسة كذلك في الحزب والوظيفة لاحقا والزواج أيضا.. وهلمّ جرّا… جرًّا بشكل حرفيّ.
4. تقول في محاولات اغتيال علي “لا يوجد بلد ممزق مثل لبنان”، هل في كلامك هذا رثاء للوطن؟
في هذا المعنى الكتاب كلّه رثاء برثاء. لكنّي، كقارىء للكتاب، أجد فيه أملا بأنّه يمكننا الخلاص من محاولات الاغتيال كي ننجو معا، وتنجو أوطاننا من القتل المحتّم. “لا يوجد بلد ممزّق مثل لبنان” جملة جذورها أنّه في لبنان “وحوش” مذهبية وسياسية وحروب أهلية منذ تأسيسه قبل أكثر من سبعين عاما. اليوم تعيش الدول العربية الأخرى خروج وحوش مشابهة، مذهبية وسياسية ودينية ومالية. وما عاد لبنان وحيدا. هذا الكتاب كُتِبَ بين العام 2008 والعام 2013.. أي بدأت كتابته قبل الربيع العربي، وأكملته وعدّلته بعده. اليوم أرى أنّه رثاء العالم العربي كلّه. تصير الجملة: “لا يوجد وطنّ ممزّق مثل الوطن العربي”.
5. “ تقول في المقدمة: “هذا الكتاب ليس رواية. لا هو نثر ولا مجموعة قصص صغيرة ولا سيرة ذاتية”. ما هو الجنس الادبي الذي ينتمي اليه هذا الكتاب؟
إنّه كتاب يشبه قصّته. ربما بلا هويّة. وربما هويّته هنا بالتحديد، في لاهويّته. فالرواية ما عادت كافية، بشروطها وأسبابها المدينية، ومصبّاتها وقرّاءها. الجوّ الذي نعيشه في هذه السنوات الأخيرة، منذ عشر سنوات على الأقلّ، هو جوّ لا بدّ سينتج فنونا جديدة. فالغناء يتغيّر، والشعر يتغيّر، والسينما تتغيّر والإعلام يتغيّر… والكتابة تتغيّر من أساسها. اليوم هناك أكثر من 3 أو 4 مليارات بشريّ يكتبون بشكل يومي على وسائل التواصل، الإجتماعي أو التقليدي أو على الهواتف النقّالة. هذا يعني أنّنا صرنا، كلنا تقريبا، كتّابا مياومين. وهذا يفرض على “الكتابة”، بمعنى “الأدب”، أن تذهب في اتجاهات مختلفة. تماما كما أنّه حين بات “كلّ مواطن مراسل إعلاميّ” في هاتفه النقّال وقدرته على نقل المعلومات بسرعة وبثّ الصور والفيديوات، بات على الصحافة أن تذهب إلى التحليل وإلى الإبداع وإلى “صناعة الحدث” لا الاكتفاء بنقله، أيضا على الكتابة أن تذهب إلى أماكن أخرى. وهنا أذكر ما كتبه الروائي الكبير، وهو أحد أهمّ الكتّاب العرب هذه الأيام، اللبناني حسن داوود، عن كتابي “محاولات اغتيال علي”، إذ سأل: “يأتي محمد بركات في كتابه هذا إلى الكتابة الأدبية بيوميات لا نعرف لماذا أبقاها الأدب خارجه كلّ هذا الوقت”.
أي أنّ الكتاب لا يأتي من جذور “الرواية” ولا من جذور الشعر، بل من جذور “اليومي”، وبلغة أقرب إلى لغة “السوشال ميديا” من لغة كتب الآباء الأدبيين والأجداد التقليديين.
6. غلاف الكتاب مثير للجدل بعض الشيء هل لك أن تخبرنا عن قصته؟
الغلاف عمل عليه نخبة من المبدعين من فريق “شركة المطبوعات للنشر والتوزيع – All-Prints”. وهو يصوّر شابا يحاول القفز إلى خارج القفص، وفي الخلفية عروس قد تكون الزوجة، وطفل قد يكون ابنه وأجسام أخرى هي بعض شخصيات الكتاب. وهو جزء من العمل البصري الذي رافق عملية إنتاج الكتاب في “شركة المطبوعات”، التي هي واحدة من أكثر دور النشر جرأة وتقبّلا للأفكار الجديدة في بيروت وربما في العالم العربي. فأنا نشرت في 3 دور نشر من قبلها، واحدة منها “دار الآداب” الأكثر شهرة في نشر الأدب اللبناني والعربي. ما تجرّأت عليه “شركة المطبوعات” هو العمل على عدد من الفيديوات التي تصوّر مشاهد من الكتاب بطريقة مبتكرة. الصورة والفيديو أساس في تسويق هذا الكتاب. وسمّينا الفيديوات بـ”محاولات”. إذ يصوّر كلّ واحد منها محاولة من محاولات اغتيال علي. وهنا رابطا الفيديوين الأوليين.
7. تقول: “تغيّر مفهوم الكتابة. لا الرواية بقيت رواية، ولا الشعر بقي شعرا” لماذا؟
لديّ نظرية أحبّ تكرارها باستمرار: في العالم العربي الناس يقرأون. يمضون ساعات يقرأون على الفايسبوك والتويتر. ويقرأون كتب الأبراج والطبخ التي تحظى بأعلى نسبة مبيعات في دور النشر العربية. فلماذا يتّهمون العرب بأنّهم “أمّة لا تقرأ”؟
الأرجح أنّ الكتّاب سيّئون ولهذا السبب لا يشتري الناس كتبهم. وكتّاب الطبخ وكاتبو الأبراج أفضل من الروائيين والشعراء. لهذا السبب يتهافت الناس على كتبهم، وليس لأنّ القرّاء أغبياء، بحسب ما يحاول الكتّاب الفاشلون التسويق.
أما الذين تباع كتبهم فلأنّهم كتاب تحوّلوا إلى أيقونات لدى شريحة كبيرة من القراء. مثلا كنت ضيفا في برنامج تلفزيوني قبل شهر اسمه “z-ladies”، وكان الحوار المتفق عليه هو 6 إلى 10 دقائق. قبلي مرّ فنّانون وممثلون وكانت الأحاديث معهم تتراوح بين 20 و30 دقيقة. وحين جاء دوري اقتصر الحديث على 5 دقائق، حذف منها المعدّون، حين شاهدت الحلقة، دقيقتين تقريبا وفيهما سؤال طرحته المذيعة التي لم تقرأ الكتاب (ولا أحد من فريق الإعداد أو من المذيعات الأربع قرأ الكتاب). المذيعة سألتني: “ما هي الرسالة من الكتاب؟”. سألتني كما لو أنّها تطرح سؤالا ذكيا. وافترضتُ أنّها لا تعرف ماذا ستسأل غير سؤال كهذا. فأجبتها: “ليس هناك رسالة. المسألة معقّدة. هناك قصص وعلى القارىء أن يناقش نفسه ويستنتج”. فأصرّت: “لكن هناك دائما رسالة. فحين كتب جبران خليل جبران كتاب “النبي” أراد توجيه رسالة”. فقاطعتها: “كلما ظهرت مذيعة أو ملكة جمال أو عارضة أزياء تحدّثنا عن جبران خليل جبران. إذا لم يكن هناك نقاش بعده، وهو كتب قبل أكثر من 100 سنة، فهذا يعني أنّ الكُتّاب كلّهم، خلال 100 عام، يجب رميهم في سلال النفايات. أو فلنتوقف عن الحديث عنهم”.
تفاجأتُ أنّ هذا المقطع حذفه المعدّون. ربما رأوا فيه تطاولا على جبران ل جبران، أو على عارضات الأزياء. بكلّ الأحوال القصّة أعمق من ذلك. هناك كتّاب – أيقونات، والقراء يشترون كتبهم ﻷنهم اعتادوا على أقلامهم. ومن بعدهم هناك كتب الطبخ والأبراج، ثم الكتب السيئة التي لا يشتريها أحد، أو الكتب التي لا يشتريها أحد خوفا من تجربة أسماء جديدة.. ﻷن التجارب مع كتاب جدد لم تعجب القراء في أوقات سابقة.
وأنا من ناحيتي إذا لم يقرأ كتابي ولم تشتره أعداد معقولة من الناس، سأتوقف عن الكتابة، وبدلا من صرف مئات الساعات على الكتابة سأرقص وأمضي المزيد من الوقت مع طفلي ومع زوجتي وأخوتي وأصدقائي.
إذا كانت الكتابة جروح وشفاء، والقراءة دواء، فما المغزى من اختراع أدوية لا يريد أحد استعمالها؟ ما الجدوى من الكتابة لمن يجد أنّه لا داعي لقراءة ما نكتب؟ ربما نكتفي مستقبلا بكتابة ستايتوسات فايسبوكية وبالتغريد أو بالمشاركة في مواقع جديدة ستولد لاحقا، وكفى.
8. “الرأي والرأي الآخر”. إلى أيّ حدّ تصالحت المجتمعات العربية مع هذا الأمر؟
المجتمعات العربية تقبل الرأي الآخر بالطبع. منذ أكثر من ألفي عام يعيش سكّان الشرق الأوسط في سلام. الحروب التي خيضت هنا إما كانت بإيحاءات من إمبراطوريات خارجية، أو بجنود بلاد أخرى. وكان السكّان ينجرّون إلى صراعات حينا باسم الدين أو العقيدة أو أسباب أخرى. لكنّ المسلمين عاشوا في كنف المسيحيين قرونا، ثم عاش المسيحيون في كنف المسلمين، وهكذا دواليك. المشكلة ليست في قدرتنا على “تقبّل الآخر”، بل في نزوع فطريّ إلى “السيطرة” وإلى “احتلال العالم” ما يساهم في “اختلال العالم”. والسبب هو نزوع فطريّ أيضا إلى توسيع النفوذ والسيطرة على موارد مالية أكثر، وليس “عدم تقبّل الآخر”. هي فقط “فوضى” في غياب مفاهيم المواطنة وفشل مجتمعاتنا، بعد الفترة العثمانية والاستعمار والانتداب ثم أنظمة الاستقلال، في صياغة عقود اجتماعية وبناء دول حقيقية تجعل السكان مواطنين. وهذا يدفعنا باستمرار إلى أحضان دول خارجية تنجح في استمالة جزء من هنا وغيرها يستميل جزء من هناك، وهكذا دواليك، إلى أن نصير حطبا ووقودا لقوّادين خارجيين.
9. تقول “المرأة لا تُهزم، تُترَك وحدها في الانتصار، والبقية تأتي”. أيّ بقية؟ ولماذا المرأة؟
المرأة لا يمكن هزيمتها. عمري 30 عاما، وحتّى اليوم لم أنجح في الفوز بنقاش مع امرأة. أقصى ما يمكن الوصول إليه هو أن تقول لك: “كلّ لديه وجهة نظر”. وإذا كانت العلاقة عميقة فإنّ المرأة تفوز، إن لم يكن بالنقاط، فبالضربة العاطفية القاضية، بالبكاء، أو الصراخ، أو الزعل، أو أيّ طريقة أخرى. وإذا حصل أن “كسرت” المرأة (إذ أن لا سبيل إلى هزيمتها) فإنّها تتحوّل إلى أسد. هناك جملة في الكتاب: “هزيمة المرأة قطّ يتحوّل إلى أسد، وانتصار الرجل أرنب ينام على الطريق”.
10- تعمل في الإعلام المرئي والمسموع والالكتروني منذ العام 2001. منذ ذلك الوقت إلى يومنا هذا ما هي أبرز التحولات التي طرأت على منهج عمل هذه الوسائل؟
أبرز التحوّلات في الإعلام هو انتقاله من “تغطية الخبر” إلى “صناعته” أحيانا، وإلى “تحليله”. ونشهد اليوم انتقالا من اصطياد “السبق الصحافي” إلى “رمي السبق في الماء”. والمياه هنا هي وسائل التواصل الاجتماعي، حيث السبق يتدحرج ويكبر، والإعلام هو الذي يحوّل ويحوّر مجاري أنهاء اهتمامات الناس، بدلا من أن يلاحق “ما يريده المشاهدون”.
قبل 13 سنة كنّا نريد أن نقرأ مقالا لكاتب معروف. اليوم نريد فكرة جديدة فقط، أيا كان الكاتب. وكنّا نريد تقريرا متقنا، اليوم نريد فيديو بسيط، مسرّب ربما، يعرض حقيقة ما، ولا تهمّنا نوعية الفيديو، إن كان مصوّرا بكاميرا هاتف جوّال ثمنه 20 دولارا أو بكاميرا ثمنها 50 ألف دولار. بات المشاهد يريد “الأصالة” ونشهد مرحلة “اختفاء النجوم” وولادة “نجوم مرحليين” يتغيّرون كلّ يوم.
11. ما حكاية الصفحة التي أنشأتها على “الفيسبوك” من أجل الترويج لكتابك؟
لا يوجد حياة لأيّ فكرة أو منتج خارج الفايسبوك والتويتر. لا يوجد حياة لأيّ فكرة خارج اليوتيوب، الذي هو “أرشيف كوكب الأرض” حاليا. وإذا أردت لكتابي أن يرى “نور” القرّاء فلا بدّ لي من الفايسبوك والتويتر واليوتيوب وما أمكن من وسائل تواصل اجتماعي ووسائط تسويق متاحة ومجانية. الصفحة حازت أكثر من 2000 لايك في أسبوعين قبل توقيع الكتاب، وأهملتها لاحقا، لكن أعمل عليها بين الحين والآخر، وبأية حال تحتاج إلى جهد قد لا أكون جاهزا لتقديمه، خصوصا أنني أعمل أكثر من 10 إلى 12 ساعة يوميا.
وهنا رابط الصفحة: https://www.facebook.com/MohawalatIghtiyalAli
12 كم يشبهك علي وكم يختصر بغض النظر عن التفاصيل جزءاً من حكايتك؟
كلّ بطل من أبطال أيّ قصّة يكتبها أيّ بشريّ يشبهه في مكان ما. الكاتب يأتي بالأبطال من يومياته، يخيطها بمخيّلته، لكنّها تكون في رأسه وذاكرته. أحيانا يغيّر الكثير من الشخصيات التي يعرفها أو من بعض نواحي شخصيته، لكن مهما غيّر فإنّه يكون حاضرا في كلّ شخصية يخترعها. وعلي، في هذا المعنى ومن هذا المنطلق، هو أنا بالطبع. بعضه من بعضي، وبعضي من بعضه. لكنّ الأهمّ أنني، فيما كنت أكتب عن علي، وعن شخصيات أخرى، مثل زوجته أو ابنه أو والده، أو عمّه، كنت أكتشف نواح في داخلي لم أكن أعرفها قبل الكتابة.
فالكتابة ليست “اعترافات” نقدّمها إلى “الآخر – القارىء” بالدرجة الأولى، بل هي مرآة واعترافات نقدّمها إلى أنفسنا. حين أكتب أكون كمن يحاول أن يتعرّف إلى نفسه، أو أن يدرك بعض أسراره. والكتابة مثل جدول مياه، حين ننجح في الوصول إلى جذره فإنّه سيستمرّ في التدفّق من دون قدرتنا على ردعه أو التحكّم بمساره.
أكرّر ما قلته في الإجابة عن السؤال الأوّل: علي قد يكون أنا وقد يكون أنت وقد يكون أيّ شخص في هذا العالم العربي، أو خارج العالم العربي، من العرب، ممن هم لا يجدون أنفسهم في العلب التي تتسيّد المشاهد، من المحيط إلى الخليج، وممن يريدون البحث عن هويّاتهم في السعي الى الاستقلالية.