الصيغة المعتمدة في البيان الوزراي : جديدها ومشكلتها

الجديد في الصيغة المعتمدة للبيان الوزاري إلغاء “المقاومة” ككيان مستقل، وفق ما كان يرد في ثلاثية ” الجيش والشعب والمقاومة”.

يلغي النص كيانية “المقاومة” ولكنه يعطي اللبنانيين حق المقاومة للإحتلال وللتصدي لعدوانه.

المشكلة في هذا النص أنه لا يربط الحق بالمقاومة بالدولة، مما يسمح بالإستنسابية،بالاضافة الى ان هذا النص يحلل السلاح وتوافره وحمله، لا بل يؤيده حتى زوال الخطر الاسرائيلي الذي يعتبره البعض دائما.

هذا يعني استمرارية احتكار “حزب الله” للقرار وتقديم التفسيرات مزاجية في الدفاع عن لبنان من إسرائيل، كما هي حال الفتوى التي يبرر فيها المشاركة في القتال في سوريا، بحيث بات قتل السوريين مقاومة لإسرائيل.

والنص الجديد الذي يستبدل الصيغة القديمة أي ” الجيش والشعب والمقاومة” هي:

واستناداً إلى مسؤولية الدولة في المحافظة على سيادة لبنان واستقلاله ووحدة أراضيه وسلامة أبنائه، تؤكّد الحكومة على واجب الدولة وسعيها لتحرير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء اللبناني من قرية الغجر بشتّى الوسائل المشروعة مع التأكيد على الحق للمواطنين اللبنانيين في المقاومة للاحتلال الإسرائيلي ورد اعتداءاته واسترجاع الأراضي المحتلة.

صناعة الصيغة

على أي حال، كيف تم التوصل الى هذه الصيغة التي أنقذت الحكومة السلامية من الإنتقال الى وضعية تصريف الأعمال؟

عندما أقفلت الأمور ليل الخميس ـ الجمعة، وانتهت جلسة الحكومة باعلان تمام سلامقراره بالاستقالة مع وقف التنفيذ، عقد اجتماع رباعي مصغر في القصر الجمهوريضم رئيسي الجمهورية والحكومة والوزير وائل ابو فاعور، ناقش كيفية إنقاذ الموقف،خاصة أن سلام كان حاسماً بعدم إعطاء مهلة جديدة، اذا انقضى يوم الجمعة من دوناقرار البيان.

طلب سلام عقد الجلسة صباح أمس، لكن رئيس الجمهورية استمهله حتى المساء،ووعده بإجراء الاتصالات اللازمة في اليوم التالي، وبناء على اتصالات مسبقة، عقد عند الحادية عشرة والنصف من قبل ظهر أمس اجتماع في بعبدا برئاسة سليمان وحضور السنيورة ونادر الحريري مدير مكتب الرئيس سعد الحريري انضم اليه أبوفاعور، وكانت ركيزة النقاش خلاله الصيغة المقدمة من الرئيس بري بالتشاور مع النائب جنبلاط.

طرح السنيورة ملاحظاته وطلب أبو فاعور مهلة للتشاور مع جنبلاط الذي وافق عليها،وتلا ذلك سعي ابو فاعور الى نيل موافقة بري وقيادة “حزب الله” على التعديلات،وتمحورت حول تفسير دور الدولة، الوسائل المشروعة والمتاحة، دور المقاومة فيالتحرير ومفردات أخرى بلغ بعضها حد استبدال عبارة بأخرى، مثل استرجاعواسترداد وتحرير الخ…

استمر اجتماع بعبدا الرباعي حتى الثانية والنصف تقريبا، وأمكن من خلال المشاورتالتي أجراها أبو فاعور، مع المعاون السياسي لرئيس المجلس وزير المال علي حسن خليل والحاج وفيق صفا، تثبيت بعض التعديلات على صيغة بري، ليتمحور الخلاف على عبارة “مع التأكيد على حق أبنائها”(معطوفة على الدولة)، وهي العبارة التيرفضها الرئيس بري رفضاً قاطعاً وقال لخليل لا أقبل بها مهما كانت النتائج.

الموقف نفسه عبر عنه “حزب الله” بلسان المعاون السياسي للأمين العام الحاج حسين خليل الذي كان طوال ساعات نهار وليل امس على تشاور مستمر مع الوزير خليل،وقال له اذا تمسكوا بصيغة “أبنائها” نحن مستعدون لمواجهة كل الاحتمالات بما فيهاتطيير الحكومة وليتحملوا هم مسؤولية تشبثهم بمواقفهم.

ونقل الحاج حسين خليل موقفاً واضحاً من السيد حسن نصرالله مفاده منح تفويضكامل للرئيس بري بإدارة معركة البيان، “وما يوافق عليه دولته من صيغ نمشي به نحن في حزب الله”.

جرت اتصالات عاجلة شارك فيها النائب جنبلاط شخصياً مع رئيس المجلس، وبين جنبلاط والرئيس سعد الحريري وقيادة “حزب الله”، لكن الأمور ظلت عالقة عند رفض هذه العبارة على قاعدة أن “الأبناء” يصبحون في هذه الحالة، الجيش والامن الداخلي وأمن الدولة والأمن العام (أبناء الدولة).

توقفت المفاوضات عند هذه النقطة، وطلب تمام سلام عقد الجلسة عند السادسة عصرا،فتدخل سليمان وطلب عقدها عند السابعة، ثم طلب جنبلاط عبر أبو فاعور ساعة إضافية لإعطاء فسحة أكبر للمشاورات، خاصة مع بري والحريري، واقترح جنبلاط صيغة “حق أبناء الوطن” بدل حق “أبنائها” (الدولة) ولكن بري و”حزب الله”رفضوها…

قرابة الرابعة والنصف من عصر امس، وقبيل بدء مهرجان “البيال”، ابتدع السنيورةصيغة “الحق للمواطنين”، فرفضها بري و”حزب الله”، وتمسكوا بعبارة “الحق للمواطنين اللبنانيين في المقاومة”. استوجب الأمر اتصالات شارك فيها بعض السفراء، فقبل بها سعد الحريري، ثم السنيورة على مضض، حيث اجرى اتصالا برئيس الجمهورية وقال له “إنني أضع الأمر في عهدتك يا فخامة الرئيس”.

السابق
الجديد: وزراء حزب الكتائب يتجهون الى الاستقالة من الحكومة
التالي
النص النهائي للبيان الوزاري بعد جدال