عن دفتردار ومنير الربيع: حزب الله يحارب خصومه بأقلامهم

كثيرة هي الأحيان التي تصيبني بنوع من الاشمئزاز عند قراءة مقال لأحد الكتّاب المعارضين لحزب الله. إذ يُشعرني، وأنا معارض مثله، بأنّه يتحدّث عن جهة يكاد لا يعرف عنها شيئا. واحدة من هذه المرّات كانت بالأمس وأنا أقرأ مقال الزميل والصديق العزيز منير الربيع، المنشور هنا على موقع "جنوبية". وفيه يقول الربيع إنّ حزب الله قد أوكل محامية للدّفاع عن الإرهابي المفترض جمال دفتردار.

كثيرة هي الأحيان التي تصيبني بنوع من الاشمئزاز عند قراءة مقال أو تقرير صحافي لأحد الكتّاب المعارضين لحزب الله. إذ يُشعرني الكاتب، وأنا في موقع معارض مثله، بأنّه يتحدّث عن جهة أو عن ناس يكاد لا يعرف عنهم شيئا.

واحدة من هذه المرّات كانت بالأمس وأنا أقرأ مقال الزميل والصديق العزيز منير الربيع، المنشور هنا على موقع “جنوبية”. وفيه يقول الربيع إنّ حزب الله قد أوكل محامية (لم يذكر اسمها) للدّفاع عن الإرهابي المفترض جمال دفتردار، الموقوف عند القوى الأمنية والمتّهم بضلوعه في تفجرات ضاحية بيروت الجنوبية.

طبعا لست في وارد إسقاط أيٍّ من أنواع اللوم على موقع “جنوبية” لأنني. خصوصا أنّني العارف بحجم الهامش من الحرية المُعطى من قبل إدارة الموقع للكتّاب والصحافيين من أجل التعبير عن مواقفهم وآرائهم دون أن يعكس، بالضرورة، تبنّي مضامين كلّ ما ينشر فيه. ومن جهة أخرى، وإن كنت أتفهّم الخلفية الصحافية التي دفعت الصديق منير للنسج حول هذا الخبر ومحاولة تقديمه كمادّة دسمة للقارئ، إلا أنّ هذا لا يمنع من تسجيل ملاحظات على سياق صياغة الخبر وطريقة الاستدلال المتهافتة من أجل تأكيد صحّته. خصوصا في المحصلة النهائية المفجعة التي كانت خلف كتابة هذه الكلمات . لأنّها لا تُنبئ إلا عن ضعف معرفي بطريقة عمل وتفكير حزب الله. ما يجعل كثيرين من أمثال منير يسقطون في هفوات كبيرة يستفيد منها ببراعة من كانوا يريدون انتقاده، أي حزب الله.

وإن كنت لا أريد الخوض في صحّة الخبر من عدمه فهذا يحتاج الى معطيات لا أدّعي امتلاكها، بل أكتفي بالإشارة إلى نقطتين جاءتا في متن المقالة. الأولى حين حاول الكاتب الربط المستغرَب بين هذه الواقعة (إن صحّت) وبين سابقة تولّي أحد نوّاب حزب الله، نوّار الساحلي، المرافعة والدفاع عن الشيخ السلفي عمر بكري “المتّهم” يومها فقط “بالانتماء إلى حركات سلفية محظورة”. هذا دون أن يُسجَّل اتهامه بأيّ من الأعمال الإرهابية المباشرة.

كان هفوة كبيرة تغاضي الزميل منير الربيع عن الظروف التي رافقت اعتقال بكري فستق، وعن مناشدة هذا الأخير الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله بالتدخّل لإطلاق سراحه. وبالتالي فقد كان واضحا أنّ الهدف السياسي الذي قصده حزب الله من تلك الخطوة هو استعمالها في سياق معركته المستعرة حينها مع التيار السنّي المعتدل، عنينا تيار المستقبل. وهذا ما لا يمكن مقارنته مع ظروف اعتقال الإرهابي دفتردار “المتهم” بتنفيذ أعمال إرهابية طالت الحزب وبيئته وراح ضحيتها قتلى وجرحىى!

النقطة الثانية التي تزيد الطين بلّة في مقال الصديق منير الربيع هو النتيجة الهوليوودية المرعبة التي توصّل إليها، والقائلة بأنّه في حال ثبوت صحة خبر دفاع الحزب عن دفتردار فهذا يعني أنّ حزب الله هو من يقف خلف التفجيرات التي تصيبه وتصيب أهله وناسه. وهنا يكمن العجب العجاب: ألم يسأل الصديق نفسه لماذا يضطرّ حزب الله، وهو صاحب أكبر شبكة أمنية في لبنان، إلى الاستعانة بهذا “الإرهابي”، ومن ثم تقديمه إلى القوى الأمنية من أجل اعتقاله، والعودة مرّة أخرى الى مساعدته بتوكيل محامي له؟ ألم يكن الحزب باستطاعته، من أجل الاستثمار السياسي كما يقول الزميل مننير، اختصار تلك الدوامة المتخَيًّلة كلّها، ووضع المتفجرات بنفسه وقتل جمهوره؟

هنا يبرز حجم الجهل عند الصديق منير وأمثاله من الصحافيين بسبب بعدهم الطبيعي عن حزب الله وبيئته. جهل، وإن كان مبرّرا أمام حزب عقائدي شبه مقفل، إلا أنّه غير مبرر من الكاتب ومن غيره الاسترسال بالمخيال النقدي واختراع قصص ما أنزل الله بها من سلطان تخرجهم عن الموضوعية. وهذا ما يسمح لحزب الله بإعادة استغلال مقالات الكتّاب المعارضين له فيستعملها في المزيد من تجييش جماهيره عبر تقديمها كمجرّد افتراءات تساهم بذلك في تضييع جوهر انتقاد المنتقديين الموضوعيين.

بكلّ بساطة، في مثل هذه الحالة، إذا ثبتت صحّة خبرية توكيل المحامي عن المتهم دفتردار من قبل حزب الله، مع صعوبة تصديق أمر الثبوت هذا، فالنتيجة لا تعني أكثر من أنّ عملية القبض على هذا “الإرهابي”، وتضخيم خير اعتقاله إعلاميا، إنّما كان من أجل استعمال الحادثة في الحرب النفسية التي يخوضها الحزب، ولتسجيل انتصارات إعلامية يحتاجها من أجل تبريد ساحته. فلا يكون المدعو دفتردار حينئذ إلا مجرّد اسم ولا علاقة له بحقيقة التفجيرات. ويكون الإعلان عن اعتقاله، بوصفه “أحد كبار قادة الإرهاب”، مجرّد “هوبرة” إعلامية فقط!

وهذا أقصى ما يمكن استنتاجه.

السابق
سبعة أمور يريدها الرجل من المرأة ولا يقولها !
التالي
شباب من الجنوب… عالهوية بسّ!