عاودَ الصرح البطريركي نشاطه الاعتيادي بعد عودة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي من زيارته إلى روما، والتي كثّف فيها لقاءاته مع المسؤولين اللبنانيين لتقريب وجهات النظر، لإتمام الاستحقاق الرئاسي في موعده الدستوري.
نقلَ البطريرك طاولة مشاوراته الرئاسية إلى روما، متسلّحاً بدعم فاتيكاني مُطلق يضعه أمام مسؤوليات وتحدّيات إضافيّة، تتمثّل بمتابعة العمل لإنقاذ موقع الرئاسة الأولى من احتمال الفراغ.
التعليق الأوّل لدوائر بكركي على لقاءات الراعي الإيطالية، هو: «محلّ ما بِكون البطريرك تتبعه الرعيّة والمحبّون». وفي هذا الإطار توضح مصادر بكركي لـ»الجمهورية»، أنّ «كلام الرئيس سعد الحريري بعد لقائه الراعي كان حاسماً جدّاً في تحديد أولوية انتخاب رئيس توافقي قويّ»، مشدّدةً على أنّ «الراعي يدعم توافق الجميع على مرشّح واحد للرئاسة، فإذا تمّ ذلك يُنتخبُ رئيساً، وإذا لم يتوافقوا على إسم، فعلى الأقلّ يُطرح إسمان، ويُنتخب من بينهما واحد بطريقة ديموقراطيّة».
وقد لمسَ الراعي، حسب المصادر، بعد لقاءاته مع السياسيين اللبنانيين في روما، أنّ «الكتلتين الكُبرَيين في مجلس النوّاب أي «المستقبل» و»التغيير والإصلاح» أبلغتا إليه أنّهما مستعدّتان لتأمين النصاب»، ولاحظت المصادر أنّ «موقف «التكتّل» تغيّر عن انتخابات العام 2007 عندما قاطع جلسات انتخاب العماد ميشال سليمان، وحساباتُه تختلف اليوم عن المرحلة السابقة»، لافتةً إلى أنّ «بكركي تعتبر أنّ المُرحّب بمذكّرتها هو حُكماً ملزم القيام بواجباته لانتخاب رئيس».
وفي السياق، تكشف المصادر أنّ «اللقاءات ستتكثّف في الأيام المقبلة في بكركي على مختلف الصُعد، وستشمل هيئات المجتمع والمحامين والمهندسين والفاعليات، على أن تلتئم غداً في الصرح البطريركي مجموعة «العمل والتفكير» التي انطلقت منذ 25 عاماً مع البطريرك الراعي عندما كان مطراناً على أبرشيّة جبيل المارونيّة، وقد توسّعت لتشمل مفكّرين واختصاصيّين من كلّ المجالات، بعدما عادت الى العمل في الصيف الماضي، وهي ستناقش سُبل تطبيق «وثيقة بكركي» ومن ضمنِها البند المتعلّق بانتخاب الرئيس»، مشدّدةً على أنّ «الأيام المقبلة ستشهد ورشة عمل على الصُعد كافة، من بينها السياسي، بعد أن يُعقد لقاء للهيئات الاقتصادية متابعةً للظروف الإقتصادية الصعبة التي يمرّ بها وطننا».
وتكشف المصادر أيضاً أنّ «الأقطاب الموارنة سيجتمعون في لقاء قمّة في بكركي خلال الأسبوعين المقبلين، وأنّ بكركي تسعى الى تقريب موعد الإجتماع قدر الإمكان ليخرج بنتيجة، وليكون له القدرة والوقت الكافيان لمتابعة إجتماعاته قبل موعد 25 آذار، لأنّه إذا عُقد مع بدء المهلة الدستورية لانتخاب رئيس فلن يكون له أيّ تأثير، وهناك تصوّر معيّن سيطرحه البطريرك على الزعماء المسيحيّين، وستكون المرّة الأخيرة التي سيضعهم فيها أمام مسؤوليّاتهم التاريخية والوطنية». وتؤكّد المصادر أنّ «بكركي تراهن على نتائج إيجابية ستظهر قريباً، إستناداً إلى جولة المشاورات البعيدة عن الإعلام مع الأحزاب المسيحية ومن خلال اللجان الخاصة المنبثقة عنها»، لافتةً الى أنّ «الحوار لم يتوقف يوماً مع الأقطاب الموارنة، على الرغم من خلافاتهم».
من جهة ثانية، تؤكّد مصادر بكركي أنّ «البطريركية المارونية لن تنجرّ إلى استفزاز رئيس «جبهة النضال الوطني» النائب وليد جنبلاط الذي هاجم الوثيقة وقال إنّه سينسّق مع الزعماء المسلمين لتسمية مرشّحه للرئاسة متجاهلاً بكركي والزعماء الموارنة، مضيفةً أنّ «بكركي آخر من يردّ على جنبلاط، وهي لن تردّ، وليس جديداً على جنبلاط مهاجمة الموارنة وإنكار دورهم»، مستغربةً «توقيت هذا الهجوم الذي يأتي على طريقة أنّ «جنبلاط لا يستطيع مواجهة السنّة والشيعة، فيستقوي على الموارنة، مع العلم أنّ الدروز والموارنة هم من بنوا إمارة جبل لبنان ولبنان الكبير». وتشدّد المصادر على أنّ «الموارنة يركّزون بحثهم على قضايا أهمّ تعني إنقاذ الوطن، ولن يدخلوا في الزواريب الخلافية الضيّقة».