أليس هذا ما كان يخشاه حزب الله؟

حزب الله والثلث المعطل

أثار تفجير انتحاري جديد هو السادس في لبنان في أقل من أربعة أشهر الكثير من مشاعر الخوف والقلق في الضاحية الجنوبية لبيروت بعد أن أدرك سكانها على نحو قاطع الآن ألا أمن الدولة، ولا نطاق الحماية الذي فرضه حزب الله فيها، يمكن أن يُبعدا عنهم عواقب الصراع الذي يدور في سورية.

فقد قُتل ثمانية أشخاص، بمَن فيهم المهاجمان الانتحاريان، صبيحة يوم الأربعاء الباكر عند أطراف حي شيعي ومنطقة تابعة لحزب الله وداعمته الرئيسية إيران.

إذ يبدو أن هدف الهجوم كان المركز الثقافي الإيراني الواقع غربي الضاحية.

يقول أولئك الذين شهدوا الهجوم، الذي حدث عند الساعة 09:20 صباحاً، إن سائق إحدى السيارتين المفخختين تجادل على ما يبدو مع حراس مبنى المركز الثقافي الذين ما إن رفضوا السماح له بالدخول حتى نزع فتيل قنبلة داخل السيارة، وفجّر المكان مما أحدث دماراً هائلاً في المباني المجاورة، وأدى لإصابة أكثر من 120 شخصاً بجروح مختلفة.

وما إن مرّ وقت قصير حتى أعلنت مجموعة محلية سُنّية مسلحة، هي كتائب عبدالله عزام، مسؤوليتها عن الهجوم الذي ذكرت أنه جزء من حملة تستهدف المواقع التابعة لحزب الله وإيران.

وكانت هذه المجموعة قد اعترفت سابقاً باستهداف السفارة الإيرانية المجاورة العام الماضي، وقالت إن التفجيرات هي انتقام من الدور البارز الذي يلعبه الحزب في دعم نظام الأسد في سورية.

تحدٍّ متعاظم

والحقيقة أن لبنان، الذي يعاني منذ وقت طويل من فترات عدم استقرار منذ انتهاء حربه الأهلية قبل 24 سنة، معتاد على مثل هذه الأزمة والأحداث.

لكن يبدو أن زيادة التطرف وغياب الأمل بانتهاء الحرب في سورية قريباً باتا يشكّلان تحدياً متعاظماً لمرونة تكيّف اللبنانيين الذين يفكر الكثيرون منهم الآن بالرحيل.

إذ لو تجوّلت في حارة حريك، التي تتميّز محالها التجارية وأكشاك البيع فيها بنشاط صاخب عادة، لوجدتها الآن هادئة على نحو مخيف بعد أن أغلق سكانها أكشاكهم، وأصبح البعض الآخر منهم يبحث عن مخرج دائم يُبعدهم عن الخطر.

يقول فادي رزق (28 عاماً): لقد تركت عملي لأني لا أريد أن أفقد حياتي، فأنا أخشى الموت وأحب الحياة، ولا أعبأ بالسياسة، ولا بمن يكسب أو يخسر سواء كان حزب الله أم الطرف الآخر. ويضيف رزق قائلاً: بعد التفجير الأول بدأت التفكير جدياً في السفر الى خارج البلاد، لكنني الآن أريد مغادرتها للأبد فأنا مسافر الى أستراليا مع نهاية فبراير.

ويقول علي تومي (45 عاماً) الذي يمتلك مطعماً للوجبات السريعة، إنه يشعر بالقلق أيضاً من استمرار وصول الانتحاريين وتمكّنهم من اختراق نقاط التفتيش العديدة المنتشرة في المنطقة، ويضيف: الواقع أني تأثرت كثيراً فأنا لم أتوقع أبداً أن ينتهي تدخّل حزب الله في سورية بتفجير سيارات في الضاحية.

وهنا المفارقة، فقد زعم الحزب ومؤيّدوه أن دعمه القوي للنظام السوري هو للدفاع عن النفس ومنع المتطرفين السُّنّة من مدّ نطاق الحرب السورية الى لبنان، في حين أن هذا الأمر هو بالضبط ما يحدث الآن نتيجة لذلك الدعم.

إذ تدور رحى الحرب اليوم وفقاً لانقسام طائفي حاد، يدور في سياق إقليمي، ويضع المعارضة السورية التي هي في معظمها سُنّية ضد نظام الأسد الذي يقوده العلويون ويتحالف مع حزب الله وإيران.

على أي حال، جاء هجوم يوم الأربعاء الماضي بعد أيام قليلة من إعلان لبنان عن تشكيل حكومة تآلف جديدة عقب 10 أشهر من مأزق سياسي معقّد جعله بلا حكومة. لكن من الواضح ان استمرار العنف أضعف الآمال بأن تكون الحكومة الجديدة أكثر استقراراً وتتمكن من كبح موجة العنف الطائفي.

إذ يخشى المراقبون الآن من أن يكون تكرار الهجمات، التي شهدتها الأشهر القليلة الماضية، مؤشراً على حصول المجموعات المرتبطة بالقاعدة على ما يكفي من الدعم بحيث باتت قادرة على توسيع نطاق عملياتها بحيث تمتد الى لبنان. أليس هذا ما كان يخشاه حزب الله؟

السابق
قطع طريق بولفار طرابلس احتجاجا على توقيف احد الأشخاص
التالي
اصابة صاحبي أفران الهادي في حي السلم بعد اطلاق النار عليهما