بين الجهاد والاقتصاد… لمن النصرة؟

بين عواصف المنطقة التي تبقى الاخطار الامنية سيفاً مصلتاً الى حين تفضي المساعي الدولية عن تسوية لم يلح أفق لها من جنيف 2، وبين عواصف العالم الاقتصادية والمالية التي تفاقمت لتتحوّل ازمة اسعار عملات في الاسواق الناشئة قبل ايام، يحاول اقتصاد لبنان البحث عن جرعات تفاؤل تتيح له تسجيل خرق في مسيرة محكومة بضغوط لم تسحب مفاعيلها عن المشهد الحكومي.

لم تعد المشاعر مقياساً أو مؤشراً. فالتوقعات العلمية تضيق كلما اتسعت دائرة الاهتزاز السياسي والامني. مشهد عام يتأرجح وبتعادل تام ما بين سلبي وايجابي، بدليل ان القراءات تتحوّط دوماً بمراجعات تتيح لها احتساب عوامل طارئة قد تقلب ميزان النمو من معدل 1% في افضل السيناريوات المتفائلة لهذه السنة، الى 5% ان نجحت الديبلوماسية الدولية في ترجمة مساعي التفاوض والحوار الى تسوية قد تعمّ بمفاعيلها مواقع الترددات المباشرة في المنطقة.
تحت ذلك الثقل، يقع اقتصاد لبنان في دائرة القلق من مستقبل لا يزال يتشح بالرمادية. مؤشرات تعكس تباطؤاً في اداء قطاعات فقدت مناعتها حيال هذا الكمّ من الاستحقاقات الآتية من خارج قريب متفجّر، ومن داخل متشنج لم يفرج بعد أسر حكومة موعودة منذ 10 اشهر بعدما علقت في فخّ مداورة الحقائب (!)… وكأن الزمن السياسي مرن الى حدّ اتساع القدرة على تحمّل الفراغ لخلاف على طبيعة الحكومة.
بعد اسابيع المشاورات ومحاولات تدوير الزوايا، لا دخان بحجم الوعي لولادة حكومة تعيد الدولة الى دورها في السياسة والامن، والاهم في اقتصاد مجتمع تحوّل ثلثه سورياً. فالاعباء المقدّرة بنحو 10 مليارات دولار لسنوات ثلاث مضت، ليست سوى جزء من اخرى تفترض احتسابها احترازاً لترتيب مناعة تتجاوز الصدمات.
يختلفون على مصير وزارة الطاقة، ويغفلون القلق من فدائح مرشحة بسهولة ان تتحوّل من “محتملة” الى “مؤكدة” ان لم يحل التوافق الوطني دون تهافت مجاهدي “النصرة” و”داعش” على جعل لبنان ارضاً جهادية. يوما بعد يوم، يرتفع منسوب القلق، فيتوقف الطلب ويصاب الاستهلاك بالشلل حتى في اضيق الحلقات ضرورة.
ما كان لبنان ليؤمن بانه بلد زائل ما دام بالارقام يؤكد استحقاقه للحياة. فالاستهلاك الأسري في الـ2013، عام الخلافات والاختلافات، وصل الى نحو 37 مليار دولار في بلد لا يتجاوز ناتجه المحلي الاجمالي مستوى الـ46 مليار دولار. قراءة للدكتور فريدي باز، احد كبار خبراء الاقتصاد. اما محفظة التسليفات المصرفية فالى خانة 46 مليار دولار. مؤشرات تدحض كل تشاؤم وتبرّر جنى النمو.
بعيداً من استحقاق الحكومة والرئاسة، ثمة سباق بين الجهاد والاقتصاد. فلمن تكون النصرة؟

السابق
سلب سيارتين وسوريين بقوة السلاح في البقاع
التالي
قتال وخوف