مسؤول أوروبي: الأسد يخسر معركة الإرهاب مع الغرب

الرئيس بشار الاسد

“أميركا وفرنسا وبريطانيا تتفق مع الدول الغربية الأخرى ومع الدول الاقليمية المعنية بالأزمة السورية على ان الأولوية يجب أن تكون لمواصلة العمل في مجالات مختلفة من أجل اسقاط النظام السوري واقامة نظام جديد ديموقراطي تعددي، ولا للتركيز على محاربة الارهاب والقوى المتشددة.

فالثورة في سوريا ليست في جوهرها وأساسها حركة ارهابية بل انتفاضة شعبية أصيلة واسعة النطاق بدأت سلمية وحوّلها قمع النظام لها انتفاضة مسلحة وهدفها نقل السلطة من نظام متسلط مستبد الى نظام ديموقراطي يحقق المطالب المشروعة للشعب السوري بكل مكوناته ويرتكز على استعادة السوريين حقهم في تقرير مصيرهم بأنفسهم من طريق انتخابات نيابية ورئاسية تعددية حرة وشفافة الأمر الذي افتقدوه طوال أكثر من خمسين عاماً. وهذه الدول على اقتناع بأن نظام الرئيس بشار الأسد هو المسؤول الأول عن انتشار الارهاب وتعزيز نفوذ المتشددين في سوريا وليست المعارضة، ذلك ان حربه البالغة الشراسة ضد مواطنيه التي يستخدم فيها كل أنواع الأسلحة هي التي تغذي الارهاب والتطرف وتجذب الى البلد جهاديين متشددين ذوي جنسيات مختلفة”.

هذا ما قاله لنا مسؤول أوروبي بارز في باريس معني مباشرة بالملف السوري. ورأى “ان أصل المشكلة في سوريا هي سياسات النظام وأعماله وقراراته ورفضه الاستجابة لمطالب شعبه المحتج وليس وجود متشددين البعض منهم يقاتل هذا النظام والبعض الآخر متحالف ضمناً معه ويحاول الاساءة الى الثورة.

وقد بعث الأسد برسائل سرية الى ادارة الرئيس باراك أوباما من طريق رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ومن طريق مسؤولين ايرانيين ومبعوثين التقوا ديبلوماسيين أميركيين في أوروبا اقترح فيها التفاهم مع واشنطن لمحاربة القوى الارهابية والمتشددة في مقابل ضمان بقاء نظامه، كما ان اتصالات سرية جرت بين دمشق وأربع دول أوروبية من طريق شخصيات أمنية واستخبارية من أجل انجاز تفاهمات مماثلة مع الأسد. لكن هذه المحاولات باءت كلها بالفشل، اذ ان الادارة الأميركية والحكومات الغربية ترفض رفضا قاطعا أي تفاهم مع الأسد وتتمسك بضرورة رحيله تمهيداً لقيام نظام جديد”.

وأفاد المسؤول الأوروبي ان أربعة عوامل رئيسية تمنع انجاز أي تفاهم أميركي – غربي مع الأسد هي الآتية:

أولاً – ان الأسد يتهم جميع المعارضين والثوار بأنهم ارهابيون ويقول ان 95 في المئة منهم مرتبطون بتنظيم “القاعدة” ويرفض التفاوض معهم ويتمسك بمواصلة الحرب ضدهم. وأي تعاون غربي مع الأسد يعني ان أميركا والدول الأوروبية ستتحالف مع الرئيس السوري في حربه ضد شعبه المحتج. وهذا المطلب مستحيل التحقيق وترفضه كل الدول الغربية والاقليمية الداعمة للثورة.

ثانياً – ان اعطاء الأولوية لمحاربة الارهابيين والمتشددين يطيل الحرب ويزيد الأزمة تعقيداً. والمواجهة مع هؤلاء يجب أن تأتي في المرتبة الثانية بعد معالجة جوهر المشكلة وأسبابها الحقيقية مما يدفع كل الدول المعنية باستثناء ايران الى العمل من أجل ايجاد حل سياسي شامل حقيقي للأزمة يرتكز على تنفيذ بيان جنيف المؤرخ 30 حزيران 2012 والذي ينهي حكم الأسد ويتضمن خريطة طريق واضحة ومحددة لنقل السلطة الى نظام جديد.

ثالثاً – ان الارهابيين والمتشددين لن يستطيعوا أن يقرروا مصير سوريا أو أن يمنعوا انجاز الحل السياسي المناسب وخصوصاً اذا بذلت الدول المؤثرة الجهود الكافية من أجل دفع الأفرقاء السوريين الى تطبيق بيان جنيف ونقل السلطة الى نظام جديد. وعدد هؤلاء محدود جداً ويرفض وجودهم السوريون عموماً.

رابعاً – ان القيادة الروسية ذاتها تعترف بوجود معارضة سورية شرعية سياسية ومسلحة وتميز بينها وبين القوى المتشددة خلافاً للأسد وتدعو الى التفاوض معها. وعلى رغم تصريحاتهم العلنية المطالبة بتركيز الجهود على محاربة المتشددين والارهابيين، فان المسؤولين الروس متمسكون باتفاقهم مع الأميركيين على ضرورة اعطاء الأولوية للحل السياسي ولتطبيق بيان جنيف كاملاً ويدعمون تشكيل هيئة حكم انتقالية من ممثلين للنظام والمعارضة تمارس الصلاحيات التنفيذية الكاملة وتحقق انتقال السلطة الى نظام جديد.

وخلص المسؤول الأوروبي الى القول: “يحاول الأسد بكل الوسائل ومن غير جدوى انقاذ نظامه وليس انقاذ سوريا، لكنه خسر معركة تغيير الأولويات ولم تحقق اتصالاته السرية أي نتائج، وهو يواجه تصميماً غربياً – اقليمياً قوياً على ضرورة انهاء حكمه تمهيداً لحل الأزمة واحلال الأمن والاستقرار والسلام والقضاء على الارهابيين والمتشددين في هذا البلد بالتعاون مع المعارضين ومع مختلف القوى السورية”.

السابق
«السفير» تنشرتوزيع المقاعد الوزارية في الحكومة المقبلة
التالي
الجميل: موقفنا من الحكومة سيكون جامعا وبالتفاهم مع قوى «14 آذار»