كتبت “النهار ” تقول: على رغم غياب أي عنوان علني من عناوين ملفات الازمة الداخلية في لبنان عن النتائج المعلنة للمحادثات التي أجراها رئيس الجمهورية ميشال سليمان امس في الرياض، حرصت المملكة العربية السعودية على إحاطة الزيارة الرئاسية بمعالم اهتمام كبير تمثل في المستوى الرفيع الذي طبع استقبال العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز للرئيس اللبناني في حضور كبار أركان القيادة السعودية، كما اكتسب حضور الرئيس سعد الحريري اللقاء الى جانب الوفدين السعودي واللبناني دلالة مماثلة.
وبدا واضحا ان الموقف السعودي تركز على دعم الرئيس سليمان في اتجاهين أساسيين هما التشديد على التزام “إعلان بعبدا ” كإطار وطني عام لتجنب التداعيات السلبية للازمة السورية على لبنان، والمساعدة السعودية للبنان في تحمل أعباء اللاجئين السوريين، مما يشكل ضمنا دعما لمقررات مجموعة الدعم الدولية للبنان التي أنشئت في نيويورك في ايلول الماضي، علما ان سليمان كان التقى آنذاك وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل وبحث معه في هذا الملف.
وفيما برز غياب اي اشارة الى الملفات الداخلية اللبنانية، ولا سيما منها الازمة الحكومية، أفادت المعلومات الرسمية عن المحادثات ان الجانبين اللبناني والسعودي شددا على “أهمية الحفاظ على الاستقرار السياسي والاقتصادي والامني في لبنان وانضواء جميع الافرقاء تحت الثوابت الوطنية التي تبقي لبنان في منأى عن تداعيات ما يحصل حوله”. كما بحث في موضوع اللاجئين السوريين الى لبنان، فأبدى العاهل السعودي “استعداد المملكة للمساعدة وتقديم الدعم للبنان كي يستطيع مواجهة هذه الاعباء في انتظار عودتهم الى بلادهم”. وتناول البحث “أهمية تعزيز خط الاعتدال في المواقف السياسية وتطبيق اعلان بعبدا الذي قضى بتحييد لبنان عن المحاور والصراعات خصوصا انه يمر بأوقات سياسية واقتصادية دقيقة على أبواب استحقاقات أساسية”.
وعقد الرئيس سليمان في وقت لاحق في قصر الضيافة الذي حل فيه لقاء مع الرئيس الحريري تناول التطورات السياسية والامنية المطروحة. كما استقبل رئيس الحرس الملكي الامير متعب بن عبدالله وعرض معه مساعدة الجيش اللبناني ضمن المقررات التي أصدرتها مجموعة الدعم الدولية. بينما تناول مع وزير الداخلية السعودي الامير محمد بن نايف علاقات التعاون الامني وموضوع اللاجئين السوريين والمساعدة التي يمكن المملكة ان تقدمها في هذا المجال. واستقبل ولي العهد السعودي الامير سلمان بن عبد العزيز في قصره مساء الرئيس سليمان وأجرى معه محادثات تناولت العلاقات الثنائية والاوضاع في المنطقة، وأقام الامير سلمان عشاء تكريما للرئيس اللبناني والوفد المرافق له حضره عدد من الامراء والمسؤولين السعوديين.
“حزب الله”
وكان لنائب الامين العام لـ”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم موقف من زيارة رئيس الجمهورية للسعودية فقال: “زيارة الرئيس ميشال سليمان للسعودية زيارة عادية، ولسليمان الحق في زيارة دول المنطقة لاستكشاف مواقفها ولا أتوقع ان تأتي بثمار ايجابية، إلا أننا مع اي زيارة يقوم بها المسؤولون مع كل الجهات في المنطقة والعالم، وكذلك على المستوى الداخلي من أجل ان نبحث عن باب ضوء لمحاولة تشكيل هذه الحكومة الجامعة لينطلق لبنان. ومن ينتظر المتغيرات في المنطقة سينتظر طويلا وطويلا. ومن يبني آمالا على متغيرات لمصلحته لن تحصل هذه المتغيرات بناء على موازين القوى والمعادلات القائمة. وخير لنا ان نشبك الأيادي ونبني لبنان معا ونستفيد من هذه الفرصة في اطار انعدام التوازن الموجود في المنطقة”.
14 آذار
وفي المقابل، استغربت مصادر في 14 آذار عبر “النهار” ان يقول الشيخ قاسم ان للرئيس سليمان “الحق” في زيارة دول المنطقة وكأن رئيس الجمهورية في”حاجة لينال الاذن من حزب الله ليمارس صلاحياته”. وعن دعوة قاسم الى “شبك الايادي” تساءلت المصادر “كيف تشبك الايادي وقد خرج من حزب الله من يدعو الى قطعها؟”.
ميقاتي
بيد ان رئيس الحكومة المستقيلة نجيب ميقاتي اتخذ موقفا سلبيا مفاجئا من السعودية تزامن مع زيارة سليمان للرياض. وأخذ على المملكة في لقاء صحافي امس ما وصفه بـ “الشخصنة” قائلا: “نحن نقول ان الموضوع لا يحتمل الشخصنة… ولو أخرجتنا المملكة من الباب فيجب ان ندخل من النافذة، اذ لا يحتمل لبنان ان يكون بعيدا من المملكة”. ورأى وجوب التمييز بين سياسة النأي بالنفس التي اعتمدتها حكومته “وما حصل بعد استقالتي فانخراط “حزب الله” في سوريا حصل بعد الاستقالة ولهذا أقول إنه ليس على المملكة ان تشخصن المسألة معي”.
التجسس الاسرائيلي
في غضون ذلك تميزت جلسة لجنة الاعلام والاتصالات النيابية التي عقدت جلسة أمس خصصت للبحث في موضوع التجسس الاسرائيلي على لبنان بتحييد الخلافات السياسية بين مكونات اللجنة عن هذا الملف، فغابت عن الجلسة الانقسامات الحادة وطغى عليها نقاش وصف بأنه “مسؤول ورصين وهادئ”. ولوحظ حرص اللجنة ورئيسها النائب حسن فضل الله على احاطة مناقشاتها بالسرية حرصا على تنفيذ المقررات التي اتخذت لمواجهة التجسس الاسرائيلي تقنيا وديبلوماسيا، علما انه تقرر اعداد شكوى على اسرائيل لدى الامم المتحدة والعمل على اتخاذ تدابير رادعة اخرى منها المطالبة بطردها من الاتحاد الدولي للاتصالات. وعرضت امام النواب تقارير وصور وخرائط على شاشات تثبت تزايد الاجهزة والرادارات المنصوبة على طول الحدود الجنوبية لمراقبة الشبكات والاتصالات الهاتفية والتنصت على المكالمات وأفيد ان ثمة 39 برجا اسرائيليا تغطي منطقة الجنوب كلها.
ملف الاغاثة
على صعيد آخر ختم النائب العام التمييزي القاضي سمير حمود التحقيق الاولي مع الامين العام للهيئة العليا للاغاثة ابرهيم بشير وقرر ابقاءه وزوجته موقوفين وأحالهما على النائب العام المالي علي ابرهيم لاجراء المقتضى القانوني.
وكان القاضي حمود كلف المحامي العام التمييزي القاضي شربل ابو سمرا الاستماع الى افادتي بشير وزوجته. وهما حضرا امس الى قصر العدل في بيروت وعند انتهاء التحقيق معهما قرر القاضي حمود ابقاءهما موقوفين على ذمة التحقيق في ملف اختلاس وتبييض أموال من خزينة الهيئة.
واحالة ملف بشير على النيابة العامة المالية يعني الانتقال بالتحقيق الى مرحلة جديدة مع ما تستدعيه من ادعاء عام وتسلم قضاء التحقيق الملف لاجراء استجوابات والتحقيق مع أشخاص آخرين استكمالا للتحقيق وصدور مذكرات التوقيف اللازمة علما ان مهلة التوقيف الاحتياطي هي 48 ساعة قابلة للتجديد مرة واحدة الا ان المهل تعتبر غير ذات حاجة لاستنفادها باعتبار ان النائب العام المالي يتسلم اليوم الملف تمهيدا لاجراء المقتضى القانوني. وعلمت “النهار” من مصادر معنية بالتحقيق ان الملف غير سياسي على الاطلاق وقد أحالته منذ أكثر من عشرة أيام هيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان على القضاء بالاستناد الى حركة الحساب المصرفي لزوجة بشير بعدما تبيّن ان هذه الحركة غير منطقية، لذا فان الملف مالي بامتياز وقد رفعت هيئة التحقيق الخاصة السريّة عنه وأحالته على القضاء.
وافادت معلومات ان قرار توقيف بشير وزوجته الذي أصدره النائب العام التمييزي بالإنابة القاضي سمير حمود يشمل أيضا ابنهما الموجود في بيلاروسيا وتاجراً يوفر مشتريات للهيئة العليا للاغاثة.