أميركا تبحث مع روسيا في رحيل الأسد

كشفت الولايات المتحدة، أمس، أنها تبحث مع روسيا في خلافة الرئيس بشار الأسد في الحكومة السورية الجديدة، في تأكيد لتفسيرها لمؤتمر «جنيف 2» الذي يتم الإعداد له بأنه يعني تسليم الرئيس السوري السلطة لحكومة انتقالية. وصدر هذا الموقف في وقت تحدثت الأمم المتحدة عن نتائج إيجابية للمحادثات التي أجراها موفدها إلى دمشق الأخضر الإبراهيمي، علماً أن الحكومة السورية وصفت بدورها محادثات الأخير مع الأسد بأنها كانت إيجابية. وفيما ترددت معلومات عن هجوم شنته إسرائيل على قاعدة صواريخ قرب اللاذقية في شمال سورية، حققت قوات النظام تقدماً على الأرض بسيطرتها على أجزاء من مدينة السفيرة الاستراتيجية التي تُعتبر ممراً مهماً لإيصال الدعم إلى مدينة حلب.
وعرض السفير الاميركي لدى سورية روبرت فورد، في جلسة استماع ساخنة أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، استراتيجية الإدارة، مؤكداً أن التركيز هو على العمل باتجاه «جنيف ٢» وأن روسيا والولايات المتحدة «تبحثان بمن سيحل مكان الأسد في الحكومة السورية الجديدة»، وأن هذا الملف سيكون حاضراً في مفاوضات «جنيف ٢». وإذ أقر بأن الوضع في سورية هو «إلى الأسوأ»، أخذ على المعارضة انقساماتها وقال «إنهم يحاربون بعضهم البعض بنفس الوتيرة التي يحاربون فيها الأسد». غير أنه استبعد نجاح النظام في الحسم عسكرياً، وأشار إلى أن الأسد «يعتمد اليوم بشكل متزايد على القوات الأجنبية للقتال عنه»، مشيرا الى أن روسيا زادت شحناتها العسكرية للنظام «منذ العام الماضي».
وشدد فورد، ازاء انتقادات الكونغرس واعتبار السناتور جون ماكين أن سياسة أوباما حيال سورية هي «صفحة عار في التاريخ الأميركي»، على أن واشنطن تعمل على دعم المعارضة المعتدلة وزيادة التنسيق مع «الجيش الحر». وأبدى مخاوف من نمو التيار الجهادي داخل المعارضة، واعتبر أن «جبهة النصرة» هي بأكثرها من «المقاتلين السوريين» فيما أن «الدولة الاسلامية في العراق والشام» هي بأكثرها من المقاتلين الأجانب. وقال إن الأسد يحظى بأفضلية عسكرياً في الشمال (حلب) انما يتراجع في «الجنوب والشرق» ويحاول منذ سنتين ونصف الحسم لكنه غير قادر على ذلك. واعتبر أن ما من أحد في المعارضة التي تقاتل على الأرض «سيقبل بحل يُبقي الأسد» في الحكم.
وقال فورد إن المعارضة والنظام غير قادرين في المستقبل المنظور على تحقيق أي نتائج، ولذلك تعمل الولايات المتحدة مع روسيا والأمم المتحدة لتحقيق حل سياسي للأزمة. وأضاف أن 11 دولة اجتمعت في لندن اتفقت على ضرورة تنفيذ بيان «جنيف 1»، وأن مؤتمر جنيف يجب أن يؤدي إلى هيئة انتقالية باتفاق بين النظام السوري والمعارضة، منوهاً بأن هذا هو الحل السياسي الذي يرغب فيه معظم السوريين وكل من يدعمون المعارضة والنظام. وأضاف أن كل من يدعمون النظام ربما لا يريدون الأسد لكنهم ربما يريدون بديلاً معقولاً تطرحه المعارضة. لكن البديل المعقول «صعب»، على حد تعبيره، بسبب المنافسة الشديدة بين المتطرفين والمعتدلين.
ونقلت «أسوشييتد برس» عن السيناتور ماكين قوله للسفير فورد خلال جلسة الاستماع: «إنك تواصل القول إن هذه حرب أهلية… هذه لم تعد حرباً أهلية. إنها نزاع إقليمي. لقد امتد إلى العراق حيث يتنامى نشاط القاعدة. إنه يهدد استقرار الأردن. إيران مشتركة فيه. حزبه الله لديه خمسة آلاف مقاتل هناك. إستمرارك في القول إن ما يحصل حرب أهلية تحريف كبير للحقائق، وهو مرة جديدة يثير تساؤلات لدينا حول استراتيجيتك الأساسية لأنك لا تصف الحقائق على الأرض كما هي».
وبعدما حاول فورد شرح الاستراتيجية الأميركية، رد ماكين بالقول: «الحقيقة أنه (الأسد) كان على وشك ان يُطاح قبل عام، ثم جاء حزب الله، ثم صعّد الروس جهودهم. ثم تدخل الحرس الثوري الإيراني في ما تصفه أنت بالحرب الأهلية وقلبوا مسار (المعركة)».
وفي نيويوك، شددت مصادر روسية لـ «الحياة» على ضرورة انعقاد مؤتمر «جنيف ٢»، معتبرة أنه «إما أن يُعقد في موعده أو لا يُعقد نهائياً» وأن «أي إرجاء للمؤتمر سيسحب الزخم من إمكانية انعقاده». ورداً على سؤال عن أهمية مشاركة المملكة العربية السعودية في «جنيف ٢»، اعتبرت المصادر نفسها أن «المؤتمر يجب أن يعقد في موعده بمشاركة السعودية أو من دونها». وعن إمكان توجيه الدعوة الى إيران للمشاركة في حال غياب التمثيل العربي ممثلاً بالسعودية، قالت المصادر الروسية إن «إيران ستحضر بغض النظر عن مشاركة السعودية أو تغيبها».
وحاولت الأمانة العامة للأمم المتحدة أمس الرد على التقارير الديبلوماسية التي اعتبرت أن الممثل الخاص إلى سورية الأخضر الإبراهيمي «يعاني صعوبات جدية في مهمته» معتبرة أن «الإبراهيمي يقوم بعمل استثنائي وهو على ثقة تامة من دعم الأمين العام للأمم المتحدة ونائبه له». وقال الناطق باسم الأمين العام للأمم المتحدة مارتن نيسركي إن «الدور الذي يؤديه الإبراهيمي مهم جداً»، مشيراً إلى أن زيارة الإبراهيمي إلى دمشق «خرجت بنتائج إيجابية وهو لم يغادر خالي اليدين إذ أن الحكومة السورية أعلنت أنها ستشارك في مؤتمر جنيف، وهذه نتيجة إيجابية».
وكانت مصادر رفيعة في مجلس الأمن قالت إن نائب الأمين العام للأمم المتحدة يان إلياسون الذي يرأس مجموعة العمل المعنية بالأزمة السورية، «سيكون له دور أكبر في الجهود الديبلوماسية المتعلقة بالأزمة السورية». وأكدت أن «الإبراهيمي يعاني صعوبات وتحديات جدية في مهمته وهو ما يتطلب انخراطاً مباشراً من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ونائبه إلياسون في الجهد الديبلوماسي».
وقال نيسركي إن الإبراهيمي سيزور بيروت بعد دمشق، وسيلتقي رؤساء الجمهورية والحكومة والمجلس النيابي، وإنه سيعقد اجتماعاً تحضيرياً لمؤتمر السلام السوري في جنيف في ٥ الشهر الجاري مع مسؤولين أميركيين وروس، ومع الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن. وقال ديبلوماسيون في مجلس الأمن إن الاجتماع سيعقد على مستوى «المدراء السياسيين».
وفي الجانب الإنساني، بدأت الاستعدادات لتشكيل «مجموعة متابعة» مؤلفة من دول معنية بالأزمة السورية ستعطي لإيران دوراً رسمياً في التنسيق الميداني مع دول أخرى بينها الولايات المتحدة ودول عربية. وستضم مجموعة المتابعة «الولايات المتحدة وروسيا وإيران وتركيا وأعضاء في مجلس الأمن ودولاً عربية» ومهمتها «دعم إيصال المساعدات الإنسانية إلى سورية»، بحسب ديبلوماسيين في مجلس الأمن.
ميدانياً، سرت أنباء أمس عن قيام إسرائيل بضرب قاعدة للدفاعات الصاروخية السورية قرب مرفأ اللاذقية في شمال البلاد. وفي حين تردد أن قصف القاعدة تم بصاروخ أُطلق من البحر، قال معارضون إن اصوات انفجارات سمعت في القاعدة التي تقع في منطقة جبلة (30 كلم جنوب اللاذقية). ورفضت إسرائيل التعليق على أنباء عن وقوفها وراء الهجوم على القاعدة، لكن القناة الثانية الإخبارية أوردت أن الضربة استهدفت بطارية صواريخ أرض – جو من نوع «أس – 125».

السابق
كيف هرّب علي عيد المتهم بتفجير مسجد التقوى؟
التالي
العالم يضحك على الصين بسبب صورة