«كوميديا سوداء»

في ظل الجنون الأمني والسياسي والمعيشي المستمر، تأتي مسرحية لينا خوري «مجنون يحكي» لتحاكي «واقعاً» من خارج السياق. تحاول أن تعالج «بسخرية مسألة قمع الأنظمة، كل الأنظمة، للفردية الإنسانية».

المكان مستشفى للمجانين – العالم العربي، والزمان اليوم، أو قبل عشرة قرون أو بعد عشرة. تنتقد لينا «التبعية، والقبلية، والتعصّب، والطائفية، والدين والمجتمع». ولا تتناول في مسرحية مقتبسة عن نص أجنبي، القمع والتبعية والتعصب داخل الطائفة أو العشيرة أو المذهب، محلياً، حيث لكل طائفة ديكتاتوريتها وكنتونها وراياتها وآلهتها.
وعلى المسرح، يبدو كل شيء إضافياً، ما خلا الأوركسترا الحيّة، التي تجول في ذهن مجنون مقتنع بأنه يملكها. تبدو الأوركسترا بانسيابها وتشنجاتها هي المسرحية.
فالموسيقى وتناغم الأصوات، يمثلان نظاماً.. نظامٌ إن تمّ التمرد عليه بمقالة من هنا أو فكرة من هناك، لن يصل اللحن متكاملاً.. ليصير «النظام» المنسجم ليس سوى نتاج ذهنٍ مجنون.
يبدو مشهد الطبيب مع المجنون أو المجنونة لجذب التصفيق فحسب، وعسكريتارية المعلمة في مواجهة تمرّد التلميذة ملهياً عن هدف التمرد نفسه.. وتصرّف «سماحة الكولونيل» الديكتاتور وقراره صدمة متوقعة من زمن بائد أو آت.. إلا أن الفعل الذي لا ردّة فعل له، هو لجوء المتهمة ظلماً بالجنون إلى الجنون المعلن، لرفض الواقع.
«كوميديا سوداء»، سوادُها أقل كثافة من سواد أيامنا. أما لينا خوري التي، تسأل «إن يكن بمقدورنا العيش بحرية والتفكير بحرية، والتعبير بحرية، فما قيمة وجودنا؟»، ولا تجيب.. فتستطيع أن تمسرح «الجنون الموسيقي» بكثير من الاحترافية.
السابق
صفقة أعزاز وضمانة نصرالله
التالي
متى فك أسر سوريا؟