الجمهورية: الأزمة الأميركية طيّرت قمّة أوباما بوتين والمجتمع الدولي لحكومة بصلاحيات كاملة

كتبت “الجمهورية ” تقول: لم تقتصر تداعيات أزمة الموازنة الأميركية على “تطيير” اللقاء المرتقب بين الرئيس الأميركي باراك أوباما ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، على هامش قمّة منظمة التعاون الاقتصادي في بالي، بعد إلغاء الأوّل رحلته الآسيوية وخيبة أمل الثاني، إنّما ستؤدّي إلى عرقلة تنفيذ العقوبات على إيران وسوريا، وفق ما أعلن البيت الأبيض الذي قال “إنّ مكتب وزارة الخزانة المسؤول عن تنفيذ العقوبات الأميركية بما فيها العقوبات على إيران وسوريا غير قادر على الاضطلاع “بأعماله الأساسية” بسبب الإجازات التي مُنحت للموظفين نتيجة توقّف أنشطة أجهزة حكومية اتّحادية”. ورأى جاي كارني المتحدّث باسم البيت الأبيض أنّ “هذه إحدى العواقب السلبية لقرار النوّاب الجمهوريين”.هذا على المستوى الأميركي – الروسي، أمّا على المستوى السعودي – الإيراني فالبارز ترحيب وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل بما وصفه بالتصريحات الانفتاحية لإيران على دول الخليج، وتأكيده أنّ العبرة تبقى في التنفيذ.
الجوار وفي الإطار العالمي ونرحّب بهذا التوجّه كلّ الترحيب، ولكن العبرة في التنفيذ، والأثر العملي لهذا التوجّه، فإذا ترجم القول إلى عمل فسوف تتطوّر الأمور إلى الأفضل”. وأضاف: “سياستنا مبنيّة على أن تكون منطقة الشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل… ما نصرّ عليه هو أن تلتزم إيران معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، وأن يتّخذ مجلس الأمن القرار الذي يكفل بالتزامها بنصوص هذا الإتفاق”.

إيران وإسرائيل
وفي وقت أكّدت اسرائيل التي تسعى الى مقعد غير دائم في مجلس الأمن الدولي، الإستمرار في “النضال ضد المشروع النووي الإيراني”، وقال رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو فور عودته من الولايات المتحدة الأميركية بعدما شارك في مداولات الجمعية العامة للأمم المتحدة واجتمع مع أوباما، إنّه سيردّ على اتصال هاتفي من الرئيس الإيراني حسن روحاني “إذا قام بالاتصال”، مُحذّراً من أنّه “سيقول كلاماً قاسياً له”، واصفاً انفتاح إيران الأخير بـ”الكلام الفارغ الذي لا معنى له”، علّقت طهران على تهديد اسرائيل بعمل عسكريّ ضدّها بالقول إنّها “أضعف من أن تجرؤ على القيام بحماقة كهذه”.

بان
في هذا الوقت، جدّدت الأمم المتحدة التزامها سيادة لبنان ووحدة أراضيه ودعمه في كل المجالات. وقال الأمين العام بان كي مون خلال إستقباله رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي إنّه سيتابع نتائج اجتماع “المجموعة الدولية لدعم لبنان”، مُنوّهاً بسياسة النأي بالنفس، ومُعتبراً أنها الخيار الأفضل لإبعاد لبنان عن تداعيات الأزمة السورية ومخاطرها.

برّي و”جنيف 2”
في غضون ذلك، تسلّم رئيس المجلس النيابي نبيه بري تقرير البنك الدولي عن الإنعكاسات الاقتصادية والإجتماعية للأزمة السورية على لبنان، واعتبر أنّ الجهود الدولية للحفاظ على استقرار لبنان وطريقة مساعدته في إغاثة النازحين السوريين غير كافية، مؤكّداً أنّ المطلوب العمل من أجل انعقاد “جنيف- 2” لتحقيق الحلّ السياسي للأزمة السورية لما يوفّره من نتائج جمّة ومنها المساعدة على عودة النازحين.
وأكّد برّي خلال استقباله مديرة الشرق الأوسط وأفريقيا وغرب آسيا في البنك الدولي انغر اندرسون أنّ لبنان يُسخّر كلّ إمكاناته لمساعدة النازحين السوريين، على رغم الظروف الإقتصادية الصعبة التي يمرّ بها، متسائلاً: “هل يستوي الحرص على استقرار لبنان وإسعافه مع الإجراءات المتشدّدة التي يتعرّض لها على صعيد السياحة أو القطاع المصرفي؟”.

النازحون والمانحون
وكانت التحضيرات الجارية لإجتماعات البنك الدولي الأسبوع المقبل، بالإضافة الى نتائج زيارة اندرسون الى بيروت جزءاً من الإجتماع الذي عقد في بعبدا وخصّصه سليمان لوضع خطة عمل لمتابعة تنفيذ مقرّرات بيان “المجموعة الدولية لدعم لبنان” الذي انعقد في نيويورك الاسبوع الفائت.

وناقش الإجتماع مقرّرات المؤتمر والصيغ المطروحة كخريطة طريق لترجمتها، وأجرى المجتمعون تقييماً لنتائجه فوضعوه في إطار 4 محاور، هي:
1ـ خطة توزيع أعباء كلفة النازحين والدول التي ستشارك لبنان هذه الأعباء ومَدّه بالمساعدات الضرورية، في وقت شكّل مؤتمر جنيف مناسبة لظهور التردّد الدولي في هذا المضمار.
2ـ ما يتصل بردّ القسم الآخر من النازحين الى الأراضي السورية التي استعادت هدوءها، سواءٌ في المناطق التي سيطر عليها النظام بالكامل أو العكس، وباتت تنعم بنوع من الهدوء الشامل.
-3 تنفيذ خطة الإستيعاب التي باشرت فيها بعض الدول الغربية مثل المانيا والسويد، وإمكان توسيع مروحتها مع احتمال ضمّ دول قادرة على تأمين عيشهم في الفترة الإنتقالية تمهيداً لعودتهم الى بلادهم.

4-طريقة استجلاب المساعدات التي تقرّرت في مؤتمر نيويورك في خطوطها العريضة، وتعويض لبنان جرّاء الأضرار التي لحقت به منذ اندلاع الثورة في سوريا على المستويات الأمنية والإقتصادية والتربوية والصحية ومختلف أشكال المساعدات التي فرضها النزوح الكثيف على لبنان واللبنانيين.
وأمام هذه المحاور الأربعة، تركّز الحديث على سبل تحقيقها. فتوقّف المجتمعون بقلق امام بعض المؤشرات الصعبة التي تعترض طريقها أو تلك التي تُعتبر غير كافية، فاستيعاب المانيا مثلاً لخمسة آلاف سوري ودول أخرى لأرقام مماثلة، لا يغيّر شيئاً في واقع الأمور الصعبة في البلاد. وتكرّر السؤال: ما الذي سيتغيّر من حجم النزوح الكثيف الذي كشف وزير الداخلية مروان شربل رقماً تقريبيّاً تجاوز المليون و300 ألف نازح، عدا عن العمّال الموسميّين والنازحين الفلسطينيين؟ وماذا سيكون عليه الوضع إذا تجدّدت العمليات العسكرية في منطقة القلمون والنبك والزبداني، أو بمعنى آخر في الغوطتين الشرقية والغربية لدمشق، وليس أمام النازحين الجدُد المحتملين سوى المسارب المؤدّية الى لبنان؟ ومَن هي الجهة التي تقرّر إعادة النازحين الى الأراضي السورية الآمنة، وهل هناك من سيسمح بعودة النازحين المعارضين للنظام مثلاً إلى مناطق سيطرة هذا النظام، والعكس صحيح؟ وأمام الصعوبات التي يمكن أن تعترض هذه المراحل، انتقل البحث الى الشأن السياسي، فطُرحت أسئلة حول سبل دعم لبنان في إطار سياسة النأي بالنفس، ومَن هي الجهة التي ستكفل سحب “حزب الله” من سوريا، خصوصاً أنّ بعض الدول والمؤسّسات الدولية المانحة ربطت المساعدات بالعودة الى سياسة النأي بالنفس، وهو ما أقفل ابواب الخليج امام اللبنانيين على كلّ المستويات، فاكتفت بمدّ النازحين بالمساعدات المباشرة خارج الأطر الرسمية نهائياً.

النفط
وفي ملف النفط، وفي ظلّ غياب المؤشّرات إلى إمكان عقد جلسة “نفطية لمجلس الوزراء، أعلن وزير الطاقة والمياه جبران باسيل بموجب قرار أصدره أمس “للمرّة الثانية، عن تأجيل المزايدة من الشركات المؤهلة في دورة التراخيص الأولى للتنقيب عن النفط والغاز في المياه البحرية اللبنانية، من تاريخ 10 كانون الأوّل 2013 إلى تاريخ 10 كانون الثاني 2014”. كذلك وجّه رسالة إلى كلّ من سليمان وميقاتي يبلغهما بالقرار ويطالبهما فيها “الدعوة إلى جلسة إستثنائية لمجلس الوزراء لإصدار المرسومين المتعلقين بالبلوكات البحرية وبدفتر الشروط ونموذج عقد الإستكشاف والإنتاج، وذلك حفاظاً على الثروة النفطية وحمايتها من أيّ تعطيل داخليّ حاصل ومن أيّ تعَدٍّ خارجي، خصوصاً من إسرائيل، بحسب ما تدلّ المؤشّرات والإجراءات العملية المُتخذة من قِبلها تباعا”.

كتلة ضاغطة
وفي ظلّ المراوحة الحكومية تتّجه قوى 14 آذار إلى تشكيل كتلة سياسية-إعلامية ضاغطة لتأليف حكومة حيادية، وهذا ما أكّده أمين عام هذه القوى الدكتور فارس سعيد لـ”الجمهورية”، وأضاف: “لا يوجد شيء مبرمج إلى الآن، ولكنّ التوجّه هو نحو انتزاع حكومة حيادية ترتكز على “إعلان بعبدا”، ومن يرفض تضمين هذا الإعلان داخل البيان الوزاري فليذهب إلى تشكيل حكومة وفق أهدافه وتصوّراته”. وتساءل سعيد لماذا لا يسارع 8 آذار إلى تأليف حكومة على قياسه وبشروطه طالما يعتبر أنّه انتصر بإلغاء الضربة العسكرية وربح المعركة الديبلوماسية وتحوّلت إيران إلى “جندرما” أميركا في المنطقة في مواجهة الإسلاميين؟ وبالتالي لماذا لا يترجم هذا الفريق انتصاره في الحكومة؟ ودعا رئيسَي الجمهورية والحكومة إلى تحمّل مسؤوليتهما بالتأليف فوراً.

السابق
الأخبار: فاسدون ومأجورون يقبرون النفط
التالي
البلد: موعد لقاء سلام 8 آذار يطغى على مضمونه