تفاصيل مثيرة في حياة الأرملة البيضاء

الارملة البيضاء

اعتنقت سامنثا لويثويت الشهيرة بـ “الأرملة البيضاء” الإسلام عام 2001، في سن السابعة عشرة، وبدأت في ارتداء الجلباب، بحيث لم تعد تظهر من جسدها إلا الوجه والكفين، رغم جمالها الأخاذ.

لكن قصة تلك المرأة مثار اهتمام، وكيف تحولت من مجرد مراهقة جميلة إلى أكثر إرهابية مطلوبة اعتقالها في العالم، بداعي تورطها في العديد من الأحداث التي بلغت ذروتها في تقارير ربطتها بمذبحة نيروبي والتي قتل على إثرها ما يربو عن 60 مدنيا.

لكننا لا نزال غير متيقنين من أن ليوثويت،29 سنة، هي المرأة البيضاء التي قال عنها الناجون من مذبحة نيروبي إنهم شاهدوها تحمل كلاشينكوف في يد، ومتفجرات في اليد الأخرى، أو أنها هي التي كانت ضالعة في عملية احتجاز الرهائن، حيث تنتظر السلطات الأمنية البريطانية تأكيدات من نظيرتها الكينية، حول الدور الذي لعبته ليوثويت في الهجوم.

وكان الإنتربول قد أصدر منذ أيام مذكرة توقيف ضد ليوثويت، واضعا إياها في النشرة الحمراء، التي تضم أخطر المجرمين المطلوبين اعتقالهم، بسبب ضلوعها في سلسلة من الحوادث الإرهابية الأخرى على امتداد دول القرن الإفريقي خلال العامين الماضيين، حيث عرفت بالاسم الكودي “الأخت البيضاء” أو “الأرملة البيضاء”.

إن اشتراك ليوثويت في حوادث أدت إلى قتل أشخاص ليس موضع جدال، فقد كانت متزوجة من أحد منفذي عملية تفجير 7 يوليو الشهيرة في لندن، وهي حاليا ينظر إليها باعتبارها إحدى العناصر الأساسية المجندة من قبل القاعدة للقيام بعمليات في شرق إفريقيا، والمتحدثة الرسمية باسم جماعة الشباب الصومالية، وهي الجماعة التي أعلنت مسؤوليتها عن حادث نيروبي البشع.

وفي أعقاب حادث 7 يوليو، عندما فجر زوجها جرمين ليندسي نفسه مع 26 راكبا في إحدى محطات مترو الأنفاق في لندن عام 2005، حاولت ليوثويت تصوير نفسها باعتبارها ضحية أخرى من ضحايا المأساة التي وصفتها آنذاك بـ “البغيضة”، وأضافت أنها لم تكن تعلم شيئا عن خطط زوجها لتفجير نفسه، وأشارت إلى أنها لا تعلم كيف ستخبر أبناءها يوما ما عما اقترفه والدهم.

ولكن التحريات حول مسقط رأسها في مدينة Aylesbury في باكينجهامشير يعلم أن ادعاء ليوثويت البراءة وعدم معرفتها بنوايا زوجها بتفجير نفسه ادعاءات فارغة، حيث أشارت تقارير إلى أن زواجها من ليندسي قبل الحادث المذكور بثلاثة أعوام كان زواجا بين “عقلين مسممين”.

وقال جيران لها إن ليوثويت حاولت فيما بعد في أعقاب حادث 7 يوليو أن تجعل عائلتها تجنح نحو التشدد، حيث شوهدت والدتها ترتدي الحجاب، رغم أنها من أصل أيرلندي كاثوليكي.

ولدت سامنثا ليوثويت عام 1983، وكانت الصغرى بين ثلاثة أبناء، حيث ولدت في منطقة “باندريدج” في “كاونتي داون”، وتقول شهادة ميلادها إن والدها كان “سائق لوري”، بالإضافة إلى كونه جنديا سابقا خدم في أيرلندا الشمالية في حقبة السبعينات، في فترة اتسمت بذروة الاضطرابات.

كما كان جد سامنثا ليوثويت عضوا في القوات المسلحة، بما يجعل تقارير ارتباط الأرملة البيضاء في هجوم نيروبي، وارتباطها مع جماعة “الشباب” الصومالية بمثابة خيانة عظمى لجذور عائلتها العسكرية.

وانتقل والدا ليوثويت وأبنائهم من أيرلندا الشمالية إلى “باكينجهامشير” في أوائل التسعينات من القرن الماضي.

وضمت منطقة Aylesbury التي عاشت فيها ليوثويت جالية إسلامية نشيطة رغم صغر عددها، حيث كان المنزل الذي يفصل بين المنزل الذي ترعرعت فيه سامنثا يبعد عن المسجد حوالي ميل فقط.

وعندما بلغت سامنثا الحادية عشر من عمرها، انفصل والداها، وهو الحادث الذي دمرها نفسيا، وبدأت بعدها في التقرب من المسلمين الذين يعيشون بالقرب منها، والإعجاب بأخلاقيات تماسك العائلة في الإسلام.

ويتذكر أصدقاء الطفولة لسامنثا كيف أنها قضت صيفين كاملين عندما كانت في الحادية عشر ثم الثانية عشر من عمرها في صحبة مجموعة مختلطة من الشباب المسلمين من ذوي البشرة البيضاء، وكانت المجموعة تتردد على منتزه Alfred Rose Memorial الشهير، وأعجبت وقتها بشاب مسلم يكبرها بثلاث أو أربع سنوات.

وقالت صديقة لسامنثا كانت قريبة منها خلال فترة دراستها في مدرسة “جرانج” الثانوية: ” لقد كانت تقطن في منطقة مع الكثير من المسلمين، وأعتقد أن ذلك أثر عليها”.

وأثمرت تلك التجارب المبكرة عن افتتنان سامنثا بالإسلام، بحسب أقوال الصديقة التي طلبت عدم الكشف عن هويتها، والتي كانت في علاقة مع شاب مسلم أثمرت عن طفلين، إلا أنه دخل السجن، وانتهت العلاقة بينهما.

وسردت تلك الصديقة كيف أنها دأبت الحضور مع سامنثا دروسا لشيوخ إسلاميين، وكانوا يحذرونهم من الاختلاط بالكفار.

وتابعت الصديقة متحدثة عن سامنثا: ” لقد كانت دائما أفضل مني في التحدث باللغة العربية وترديد سور القرآن، لقد كانت جيدة حقا في التعلم، ولم تكن سامنثا خجولة مثلي، فعندما كنا نذهب إلى وسط المدينة، كانت تصلي على الملأ، ولم تتعاطى أبدا الكحوليات أو المخدرات أو ما شابه، لذلك اعتنقت بسهولة المبادئ وأسلوب الحياة في الإسلام”.

ومضت الصديقة تقول: “بدأت سامنثا تدعو للإسلام في المدرسة، وتنظم جلسات للحديث حول مميزات الإسلام”.

وأشارت الصديقة إلى أنها شخصيا لم تعد مسلمة، وفسرت ذلك بقولها: ” أنا لم أكن أبدا مسلمة جيدة، لقد اعتنقت الإسلام فقط لأنني وقعت في الحب مع شخص مسلم ، لكن الأمر كان مختلفا بالنسبة لسامنثا، التي ارتبط بها الإسلام وجدانيا”.

وتشير الإحصائيات إلى أنه من بين 2.7 مليون مسلم في بريطانيا، هنالك حوالي 78000 من الذين تحولوا إلى الإسلام من ديانة أخرى، ثلثهم من النساء ذوات البشرة البيضاء.

وفي سبتمبر 2002 التحقت سامنثا ليوثويت لدراسة السياسة والدين في كلية الدراسات الشرقية والإفريقية بلندن، لكنها لم تستمر أكثر من شهرين، وقال متحدث باسم الجامعة إنه ليس من المحتمل أن يكون الوقت الذي قضته في الكلية قد ترك تأثيرا على معتقداتها، بالرغم من الجدل الذي يحيط الدراسة بتلك الكلية، وكيف أنها تعد بمثابة منبر لبعض المتشددين الإسلاميين، وأشارت تقارير إلى أنها مكان خصب لتجنيد أشخاص في جماعات متشددة مثل “حزب التحرير”.

وتشير الإحصائيات إلى أن أكثر من ربع الأشخاص المدانين بجرائم إرهابية في بريطانيا في الفترة بين 1999-2009 والبالغ عددهم 126 شخصا، درسوا في جامعة بريطانية، ويمكن إضافة سامنثا ليوثويت إلى القائمة، بصرف النظر عن المدة القصيرة التي قضتها في الكلية المشار إليها.

وخلال تلك الفترة التقت سامنثا مع جرمين ليندسي عبر الإنترنت في إحدى غرف الدردشة الإسلامية على شبكة الإنترنت، ثم تطورت العلاقة إلى التحدث هاتفيا، وتبادل الصور الفوتوغرافية، قبل أن يلتقيا وجها لوجه للمرة الأولى في لندن عام 2002، ثم تزوجا في أكتوبر 2002، باسمين جديدين إسلاميين، هما أسمانتارا وجمال.

وكانت والدة ليندسي ذات الأصول الغربية الهندية مسلمة الديانة، حيث اعتنقت الإسلام مع ابنها في وقت واحد، وقتما كان ليندسي في الخامسة عشرة من عمره، وكان في السابعة عشرة من عمره عندما تزوج سامنثا، التي كانت في الثامنة عشرة من عمرها، والتي كان والدها رافضا بشدة لتلك العلاقة، ولم يحضر أحد من عائلة سامنثا حفل الزفاف.

ويمكن القول بأن ليندسي هو الشخص الذي وجه أفكار ليوثويت إلى التطرف، حيث كانت متحمسة جدا لآرائه، واستأجر الزوجان منزلا في Aylesbury، وأنجبا ولدهما الأول عام 2004، وسماه والده “عبد الله جمال”.

وبعد أقل من ستة شهور من ولادة ابنهما عبد الله، قامت ليوثويت وليندسي، أو أسمنتارا وجمال بزيارة Dewsbury في “ويست يوركشاير” حيث قابلا محمد صديق خان العقل المدبر لتفجيرات 7 يوليو.

والسؤال هو هل تعلمت لويثويت صنع القنابل من خان؟، والإجابة بالإيجاب محتملة جدا، حيث وجدت الشرطة الكينية معدات لصنع القنابلن شبيهة بتلك المستخدمة من خان وآخرين في هجمان 7 يوليو، عند مداهمتهم لمنزل في مومباسا عام 2011 وهو المنزل الذي استخدمته ليوثويت كملاذ أمان لها منذ هروبها.

وفي أعقاب هجمات 7 يوليو في لندن صدقت الشرطة البريطانية رواية لويثويت التي كانت حاملا في طفلها الثاني بأنها لم تكن تعلم نية زوجها ارتكاب تلك العملية الإرهابية، ووضعتها الشرطة في منزل آمن، قبل أن تنتقل إلى منطقة Elmhurst حيث عاشت بين 2005-2009، حيث قالت جارة لها في تلك المنطقة إن لويثويت أنجبت طفلا ثالثا في تلك الفترة، إلا أنها لم تحدد ماهية والد الطفل الثالث، وأشارت إلى أن سامنثا لويثويت انتقلت من ذلك المنزل بعد أن أنجبت الطفل الثالث عام 2009، ولم تخبر أحدا عن وجهتها، واصفة إياها بأنها امرأة تحافظ على خصوصيتها.

وفي عام 2011 ظهر اسم لويثويت في كينيا، ففي ديسمبر 2011 بدأت الشرطة الكينية عملية بحث عن الأرملة البيضاء التي أنجبت طفلا رابعا بداعي تورطها في التخطيط لتفجير فنادق ومراكز تسوق في مومباسا، وظهر اسمها مجددا كمشتبه بها في حادث المركز التجاري بنيروبي.

واختتمت صديقتها قائلة: ” سأشعر بصدمة هائلة إذا كانت سامنثا ضالعة في عملية نيروبي، لا أعتقد أنها ستخاطر بقتل نفسها وتترك أطفالها يتامى بلا أب أو أم”.

السابق
لا أحبُّ الحزبية بالمعنى أدناه
التالي
قطع الطرق في عكار والتبانة احتجاجا على تلكؤ الدولة في قضية العبارة الاندونيسية