جعجع: لن نسكت عن تأخير تأليف الحكومة

مع عودة عقارب الساعة الى الوراء في الملف الحكومي، وانفراط المحاولات الأخيرة لتأليف حكومة سياسية، يعيد رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع، في حوار الى «الأخبار»، مطالبة رئيس الجمهورية ميشال سليمان والرئيس المكلف تمام سلام بتأليف حكومة من 14 وزيرا من تقنيين، على ان تتحمل الكتل النيابية بعد ذلك مسؤوليتها. وسأل جعجع سليمان وسلام عن سبب انتظارهما منذ ستة اشهر، مؤكداً ان قوى 14 آذار تجري اتصالات ومشاورات سريعة لاتخاذ مواقف من هذا التأخير.

وقال جعجع: «منذ ستة اشهر، حين كلف رئيس الجمهورية ميشال سليمان الرئيس المكلف تمام سلام تأليف الحكومة، وضعا اربعة مقاييس على ضوء التجارب الحكومية السابقة. والمقاييس هي، اولاً، لا يجوز اعطاء الثلث المعطل لأي طرف حتى لا تصبح الحكومة رهينة لهذا الطرف كما حصل سابقاً. ثانياً، الرئيس سليمان ورئيس الحكومة المكلف يختاران الوزراء انطلاقاً من المشاهدات العينية السابقة، بحيث لا يكون الوزراء عامل شلل او تفجير للحكومة. ثالثاً، العمل بالمداورة، إذ لا يجوز أن تبقى وزارة الطاقة منذ عشرين عاماً مع فريق 8 آذار، ونحن نرى ما هو وضع الطاقة حالياً، ونعرف اسباب تمسك هذا الفريق بها وبالاتصالات. وكان الحديث عن مداورة بين الوزارات، فلا تبقى وزارة المال مع المستقبل او مع مستقلين مقربين منه، ولا تبقى الخارجية مع حركة امل. هذه المبادئ سليمة ولا يمكن ان نصل معها الى النتائج التي وصلنا اليها مع الحكومات السابقة. اما المقياس الرابع، فهو البيان الوزاري، الذي اصبح الشق السياسي والوطني والاستراتيجي فيه، بفعل التطورات الاخيرة، يحتّم التمسك باعلان بعبدا».
وأضاف: «منذ ستة اشهر، ومواقف جميع الافرقاء السياسيين واضحة، فريق 14 آذار قال كلمته وفريق 8 آذار ايضاً. من هنا، لا أفهم لماذا ينتظر الرئيسان سليمان وسلام، بعد كل ما حصل من مشاورات واتصالات اظهرت أن مواقف الجميع باتت معروفة وواضحة، وانه لا نتيجة من هذا الانتظار الذي لا مبرر له. طالما المقاييس الموضوعة واضحة، وطالما ان مواقف الاطراف نهائية، وأكدوها مرات عدة، فان الوقت حان حتى يؤلف الرئيسان الحكومة او يعلنا العودة عن المقاييس التي وضعاها، وحينها سيقع البلد في مشكلة اكبر من التي يعيشها حالياً. على الرئيسين تأليف الحكومة الآن، لأنه لا جدوى من الانتظار الذي يهدد باهتراء البلد».
ولكن ليست المرة الاولى التي تناشدون فيها رئيس الجمهورية تأليف الحكومة، فهل تعتقد انه سيستجيب اليوم، ولماذا يتريث في تأليفها؟ يجيب جعجع: «كان رئيس الجمهورية يأمل، مع الرئيس المكلف، ان يتجاوب الافرقاء الرافضون لهذه المقاييس مع مساعيهما، لكنّ هؤلاء يؤكدون رفضهم، فلماذا الانتظار اذاً؟ اما بالنسبة الى نداءاتنا، فنحن صراحة بدأنا داخل قوى 14 آذار وحلفاءنا تداولاً سريعاً واتصالات، لأنه لا يجوز ان نسكت بعد الآن على هذا الوضع. على كل انسان، مواطناً عادياً او فريقاً او رئيس جمهورية، ان يحدد خياره، والّا يظل البلد معلقاً بين الارض والسماء، وبين السلم والفوضى والخراب. لقد حان الوقت لتأليف الحكومة، وبعدها فلتتحمل الكتل النيابية المسؤولية».
وعن الخطوات التي يمكن ان يلجأ اليها؟ أجاب جعجع: «لا احب ان استعمل كلمة ضغط على الرئيسين سليمان وسلام، لكن نحن أيضاً صرنا مضغوطين، وقواعدنا تضغط علينا لان الوضع غير سليم، ولا جواب لدينا. نحن في مرحلة مشاورات داخلية بين كافة الحلفاء، مع الرئيس سعد الحريري والرئيس فؤاد السنيورة وكافة الحلفاء، لاخذ المواقف المناسبة من الانتظار، وانا غير مقتنع به، وهو يذكرني بكتاب «في انتظار غودو». البلد يسير من سيّئ الى اسوأ، فإما ان يؤلّف الرئيسان الحكومة وإما ان يغيرا المقاييس، وانا لست مع تغييرها».
وعن زيارة رئيس الجمهورية الى السعودية (التي أرجئت أمس) وهل يمكن ان ينتج عنها، في حال حصولها، دفع في اتجاه الحكومة؟ قال جعجع: «انا متأكد انه لا علاقة لزيارة سليمان الى السعودية بتأليف الحكومة. وانا متأكد ايضا أن السعوديين لا يقبلون ان يتحدثوا مع رئيس الجمهورية بتأليف الحكومة. فالزيارة كانت مقررة منذ زمن ولا علاقة لتوقيتها بالتطورات الاخيرة، وكل ما يقال غير ذلك بعيد عن الحقيقة، وهي تأكيد لدعم السعودية مواقف رئيس الجمهورية الوطنية والدستورية».
بعد انتفاء الضربة الاميركية على سوريا وبدء الحوار الاميركي مع طهران، ألا تعتقد ان قوى 8 آذار اصبحت اكثر راحة وتمسكاً بمواقفها تجاه الوضع الداخلي والحكومة؟ رأى جعجع أن «قوى 8 آذار لا تزال متمسكة بمواقفها وباقية عليها. اما بالنسبة الى الحراك في المنطقة، فأعتقد انه لا يزال برعماً صغيراً، وفي انتظار ان يكبر حتى نرى انعكاساته على المنطقة. حتى الآن، ما يحصل مفرقعات لربح الوقت، ولا نستطيع ان نعول عليها لنرى تأثيراتها، لكن قوى 8 آذار تحاول الافادة منها للتمسك بمواقفها. ما يحصل هو برعم صغير وحبة رمل، ومن المبكر الحديث عن حوار. ونحن نتذكر ما حصل من حوار ايراني مع الاوروبيين، وبدا لبعض الوقت كأن الامور قد حلت، لكنها في الحقيقة بقيت على ما هي عليه. علينا ان ننتظر، لكن حتى الآن لا اعتقد ان هناك امراً جدياً. اما بالنسبة الى سوريا، فما حصل في مجلس الامن اكبر بكثير من الضربة التي كانت مقررة. لقد حصل الاميركيون على اهدافهم التي كانوا يريدونها من جراء الضربة وحصلوا عليها بأقل جهد ومخاطر ممكنة. اعتقد ان الخط من طهران الى الرويس اصيب بضربة اكبر، فالسلاح الاستراتيجي الاساسي سحب من النظام السوري، والتوازن العسكري بين النظام والمعارضة عاد، ان لم يكن قد اختل، لمصلحة المعارضة بفعل ما حصل».
بالعودة الى الحكومة، ما هي اقتراحاتكم من اجل الخروج من المأزق الحكومي؟ يجيب: «سأفترض، وهذا احتمال ضئيل، ان تقبل قوى 8 آذار حكومة من 8-8-8، فهل هذا يعني ان الامور ستحل؟ ابداً. سيخلقون مشاكل جديدة، وسننتظر ستة اشهر جديدة لنحل مشكلة توزيع الحقائب، ومشكلة اسماء الوزراء ومن اي طرف، ومشكلة البيان الوزاري. الطريقة الوحيدة لحل هذا الوضع بعيداً عن التجارب السابقة التي اوصلتنا الى المأزق، هي في تأليف حكومة من عشرة الى 14 وزيراً من شخصيات لا علاقة لها بقوى 8 و14 آذار، تكون غير تقليدية في هذا الظرف غير التقليدي. على ان تكون مؤلفة من اسماء محترمة وتقنية ولو كانت سياسية، لكن من خارج 8 و14 آذار، ومن ثم على الكتل النيابية ان تتحمل مسؤوليتها».
انتم تقولون ان قوى 8 آذار لم تغيّر موقفها، لكن انتم ايضاً تعودون الى الحكومة غير السياسية؟ يجيب جعجع «لانهم ظلوا على مواقفهم. لقد طرح سليمان جديا حكومة من 8-8-8 وكاد يقدم عليها، لكنهم رفضوها. لا احد يحب ان يكون خارج السلة، لكن نحن نقترح ان نكون خارج السلطة. وانا لا اضمن ان مثل هذه الحكومة التي نقترحها ستنال الثقة، لكن سيكون الوضع افضل من هذه الحكومة ومن هذا الوضع المتدهور دراماتيكياً».
وعما اذا كان تأخير التأليف يرتبط بالتمديد لرئيس الجمهورية وانتخابات الرئاسة، قال: «لا اعتقد ان له علاقة بالتمديد. فرفض رئيس الجمهورية للتمديد جدي وحقيقي، وانا حين رأيته تأكدت ان هذا الامر غير وارد لديه. اما بالنسبة الى انتخابات الرئاسة التي بقيت لها ستة اشهر، فيجب تسريع التأليف من اجل اجراء الانتخابات في موعدها».

السابق
سيناريو متخيّل لحوار سليمان ــ أوباما
التالي
اهالي المعلقة الكرك اقفلوا الطريق بسبب اختطاف الصيدلي الخطيب