
لم يصدق أحد أن المناطق غير الخاضعة لسيطرة حزب الله قد تكون عرضة لتفجيرات ارهابية كتلك التي شهدتها الضاحية الجنوبية . وحتى عندما حذر قائد الجيش من خلية ارهابية تريد استهداف مناطق مختلفة مذهبيا ، لايقاع الفتنة بين اللبنانيين ، خرج من يقول من فريق الرابع عشر من اذار أن العماد جان قهوجي يغطي السماوات بالقباوات للتغطية قدر الامكان على ما جره حزب الله من نار سورية الى الداخل اللبناني .
الدولة كانت في اجازة ، وقوى 14 أذار كانت تطلب العلم في الصين ، عندما ضرب الارهاب طرابلس بانفجارين كبيرين ، حول قلبها الجميل بأحيائه القديمة وابنيته التراثية الى ساحة دمار وموت . وأصاب أهلها الابرياء والبسطاء الطيبين الى أرقام من الشهداء والجرحى.
تساوى السنة والشيعة في الدم ، قد يقول قائل . واقتنع المعنيون بان الفتنة لا يتم التحضير لها فحسب ، بل انها هنا ، تنهش لحم المواطن وتمزقه . وأن اللهيب السوري لم يعد يهدننا عن قرب أو عن بعد ، بل أصبح جزءا من مشهدنا اليومي ، الذي صار أمنيا بامتياز .
الادانة الوطنية الجامعة للتفجيرين الارهابيين لن تكفي ، مع ان في ثناياها التقاء بين مختلف الفرقاء على التحذير من التمادي في كشف الوطن على الاخطار الخارجية والانغماس اكثر في النزاعات الداخلية . فكيف يترجم هذا الكلام ؟
من نافل القول انه آن الاوان للجلوس الى طاولة الحوار التي دعا اليه رئيس الجمهورية منذ أشهر ، لتناقش وتقرر في مسألة التورط اللبناني في النزاع السوري . ومن البديهي أن تكون دماء اطفال طرابلس وقبلهم ابناء الرويس ، حافزا لاتخاذ قرار شجاع من افرقاء اقوياء بنزع كل الشروط والشروط المضادة لتشكيل حكومة فاعلة وقادرة ، يكون على رأس جدول أعمالها ، توحيد جهود الاجهزة الامنية في غرفة عمليات مشتركة ، لان تجربة الاسابيع الماضية بينت أن كلا منها يغني على ليل طائفته . هذه الوحدة الامنية يجب ان تركز على سد كل المسارب والمنافذ التي يستغلها الارهابيون ، واستئصال مجموعاتهم اينما وجدوا .
هذا كله ، على فرض أن المفجر واحد ويستهدف جر السنة والشيعة الى التقاتل . أما اذا كان ما يجري مسلسل من الرسائل المتبادلة بين دول اقليمية ، وتحديدا سعودية ايرانية ،على طريقة اضرب جماعتي فاضرب جماعتك …فلا حول ولا . عندها لن يفيد الرهان على صحوة لدى فرقاء الداخل لانهم مجرد وكلاء لتلك الدول على حساب اللبنانيين وحياتهم وأمنهم.