تصفيح الفراغ

وسط جمود غير مسبوق في أيّ تحرّك او جهد داخلي متّصل بإحياء جسور الوساطات السياسية، بدت المؤشرات الواضحة للأزمة السياسية في لبنان تنحو في اتجاهات يُستبعد معها الوصول الى ايّ حل وشيك من شأنه ان يبدّل الواقع القائم في الأمد المنظور.
وفي هذا السياق حصراً، لفتت اوساط معنية بالمخرج الذي سيجري التمديد على اساسه لقائد الجيش اللبناني العماد جان قهوجي ورئيس الاركان اللواء وليد سلمان ومدير المخابرات العميد ادمون فاضل والذي يتوقع ان يعلن اليوم عشية عيد الجيش الى ان هذا الاجراء لا يتصل فقط بالحاجة الملحة الى منع حصول فراغ في اعلى هرمية المؤسسة العسكرية، وانما يكتسب الامر أبعاداً اوسع غير معلنة تتحكم على ما يبدو بخلفية إصرار المراجع الرئاسية والعسكرية معاً على جعل التمديد يتجاوز الصيغة الموقتة ولجعل مدته تتجاوز حتى الشهور المتبقية من ولاية رئيس الجمهورية ميشال سليمان التي تنتهي في مايو المقبل.
وتقول هذه الاوساط لـ”الراي” الكويتية ان المشاورات التي اجريت بين رئاسة الجمهورية وكل من رئيسيْ مجلس النواب نبيه بري وحكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي ووزير الدفاع فايز غصن طاولت ايضاً الجهات الاساسية في البلاد في قوى 14 اذار و8 اذار والنائب وليد جنبلاط وان هذه المشاورات اتخذت في الساعات الاخيرة منحى تزكية تمديد طويل للقيادة العسكرية لن يقلّ عن سنة وربما يلامس سنتين.
وكشف هذا الاتجاه في خلفيته ان ثمة شبه إجماع لم يخرج عنه سوى العماد ميشال عون الى التحوط الطويل لإمكان عدم التوصل الى اختراقات في الأزمة السياسية والذهاب تالياً نحو تحصين وضع الجيش ومنع حصول ايّ اهتزازات فيه وجعل التمديد بمثابة ضمان يُبقي وضع المؤسسة العسكرية سليماً في الحفاظ على الاستقرار.
وتضيف هذه الاوساط ان الجانب الايجابي في هذا الاتجاه أبرز عودة التماسك العام حول الجيش والتسليم بضرورة دعمه سياسياً بعد كل الخضات التي حصلت في الحقبة الماضية. لكن الجانب السلبي يتمثّل في ان التمديد الطويل يبدو كخيار قسري لابد منه لان كل القوى تتحسب للاحتمال الواضح وهو العجز التام عن الوصول الى اي تسوية سياسية داخلية بما فيها تشكيل حكومة جديدة.
وفي هذا السياق ستتجه الانظار غداً الى الاحتفال الذي سيقام لمناسبة عيد الجيش في ثكنة الفياضية حيث سيبرز مشهد مشاركة الرؤساء سليمان وبري وميقاتي وكذلك الرئيس المكلف تمام سلام في استعادةٍ لمشاركة اربعة رؤساء ابان مرحلة تكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل حكومته العام 2009. كما ان الانظار ستتجه الى الكلمة التي سيلقيها الرئيس سليمان وما اذا كان سيعود الى دعوة الاطراف الى طاولة الحوار وهو العالِم بصعوبة تحقيق هذه الخطوة قبل تشكيل الحكومة الجديدة على الاقل.
وفي ظل هذا الواقع المسدود، تستبعد الاوساط ان يتجاوز مفعول التوافق على الاجراءات التي تحصن وضع الجيش هذا الملف، اذ ان كل معطيات الازمة السياسية ستبقى على حالها اسوة بما حصل بعد التمديد لمجلس النواب علماَ ان مسار التمديدات هذا يرسم اكثر من علامة استفهام حول بدء سريانه ايضاَ على الاستحقاق الرئاسي ولو ان الامر لا يزال مبكراَ ولا يُطرح علناً بعد.

السابق
انجيلينا الاعلى أجراً
التالي
جرحى الكيماوي في عرسال