أيّةُ مصر أيُّ مرسي؟

خلال متابعاتي للمرئي والمسموع والمكتوب في الساعات الثماني والأربعين الأخيرة، سمعت كثيرين من المحلّلين والخبراء والاستراتيجيين العرب والأجانب يردّدون سؤال "مصر إلى أين؟"، من غير أن يجيب أيّ منهم بما يشكّل إجابة مقنعة.
ولأن مصر أمّ الدنيا، وبوصلة المنطقة، ومنارة "الربيع العربي"، وخصوصاً بعد عودة الروح إلى صوتها الاحتجاجي واسترجاع دورها الفلسطيني الذي تبلورت فاعليّته خلال محادثات وقف "الميني حرب" بين إسرائيل وقطاع غزة، فإن العواصم الكبرى تولي التطوّرات المصريّة المتسارعة اهتماماً خاصاً هاجسه الأوّل والأخير دور "الإخوان"، وحجم "الأخونة" بالنسبة إلى النظام والرئيس اللغز والمؤسّسات.
وباختصار: أيّة مصر سيسفر عنها هذا المخاض، وعند أيّ "شخصيّة" ورئاسة ورئيس سيرسو محمد مرسي؟
أما لبنانيّاً، فإن بيروت التي صعدت مرّة أخرى إلى مركب مجهول الاتجاه، ومجهول الهويّة، ومجهول القيادة، لا تزال تحسب حساب دور القاهرة عندما تقوى عليها رياح الأزمات وتهزُّ استقرارها الهشّ، كما حين يحيط بها دفق من الأمواج العاتية والأحداث المريبة.
من هذه الزاوية، تطرح العاصمة اللبنانيّة السؤال نفسه، مع إضافات حول تحوّلات الرئيس مرسي وشخصيّته، وبروز "عناصر" الميل نحو الشخصنة. وبحدّة، بل بعجلة لم تألفها القاهرة ولا العواصم العربيّة، حتى في زمن الرئيس جمال عبد الناصر و"خليفتيه" أنور السادات وحسني مبارك.
ودائماً وأبداً من الباب ذاته الذي عبرته الديكتاتوريات التي لفّت العالم العربي وخنقت أنفاسه طوال ما يناهز نصف قرن.
في السياق إيّاه، بدت واشنطن ولندن وباريس خلال الأسبوع الفائت، وعبر وسائل إعلاميّة مختلفة، كأنها فوجئت معاً بحقيقة "الشخص" أو "شخصانية" الشخص الذي كان يخبئه الرئيس المصري، وبدأ يظهر بالتقسيط…
هل حقّاً فوجئ الغرب والشرق معاً بهجمة مرسي و"الإخوان" على السلطة، وظهور شبق الاستئثار والتفرّد من جهة الرئيس "الإخواني"؟
هذه الأسئلة، بفحواها ومعناها، كانت مدار اهتمام "الإكسبرس" التي منحت مرسي رتبة "الرجل الخطير"، و"الفورين بوليسي" التي ذهبت إلى النبع مباشرة ونصّبته خليفة جديداً، ثم "الموند" التي رأت أن مرسي قد اختصر المسافات والإجراءات والشكليّات كلّها… ليمنح نفسه كل الصلاحيات ويقضي على الهرميّة القضائية.
أما بعض المحلّلين فقد رأى أن مرسي شرّع أبواب الهيمنة أمام "الإخوان"، ولمرحلة تصبح خلالها مصر مسرحاً للفوضى.
فإلى أية مصر يتّجه "الإخوان"، وعن أي "شخص" ستسفر إجراءات الرئيس الإخواني: الخليفة، أم الديكتاتور، أم الخطير؟ 
 

السابق
كاميرات إسرائيلية على جدار كفركلا
التالي
بري: البلد يتحول إلى عصفورية!