نقدٌ لنظام يضعف ومسايرة لحزب قوي

يتساءل عدد من حلفاء نظام سوريا في لبنان عن الاسباب التي دفعت رئيس الجمهورية ميشال سليمان الى تغيير اسلوبه او سياسته حيالها بعد أربع سنوات من توليه رئاسة الجمهورية. فهو كان يراعيها كثيراً، ويتفهم الكثير من ممارساتها اللبنانية رغم اضرارها بمصلحة لبنان ودولته. كما كان يدعو الى التعاون معها لتصحيح الكثير من ممارسات حلفائها. فضلا عن انه لم يتخل منذ انتخابه عن الاتصال المباشر بنظيره الرئيس بشار الاسد للمجاملة وللبحث في القضايا الملحة والطارئة. اما الآن فإن ممارسة الرئيس سليمان حيال سوريا آل الاسد تغيرت. الاتصال الهاتفي بينهما انقطع، ولا يعرف أحد اذا كان ذلك سيؤدي الى قطيعة. وصار يعبّر بصراحة وبطلاقة عن انتقاداته لممارسات سوريّة في لبنان وان مع احتفاظه كعادته بديبلوماسيته وهدوئه وابتعاده عن التجريح.

هل من جواب عن التساؤل المطروح في مطلع "الموقف" اليوم؟
يعزو متابعون لبنانيون بدقة لدور سوريا في لبنان ولعلاقة سليمان ضابطا وقائدا ورئيسا بها موقفه النقدي المستجد من الرئيس بشار الاسد ونظامه الى جملة أسباب، منها عدم استحسانه الاسلوب الذي عامله به السوريون بعد تعيينه قائداً لجيش لبنان، رغم ان هذا التعيين ما كان ليحصل من دون موافقتهم أو بالأحرى من دون تسميتهم. فطلباتهم كانت كثيرة ومتنوعة، وكانت تعكس مواقفهم السلبية والاخرى الايجابية من الاطراف السياسيين كلهم في لبنان. كما كانت تعكس ادارتهم التامة للاوضاع في البلاد وحرصهم على ان يشمل ذلك كل مؤسساتها. ومنها شعوره بعد انتخابه رئيساً للجمهورية انه لا يدين بمنصبه هذا مئة في المئة الى سوريا ورئيسها بشار الاسد. طبعاً يعرف سليمان ان موافقتها على انتخابه كانت ضرورية رغم انسحابها العسكري من لبنان، لأن حلفاءها فيه كانوا لا يزالون اقوياء، وهي قوة مستمرة الى اليوم، ولأنه كان في حاجة الى اصوات ممثليهم في مجلس النواب، وفي حاجة ايضاً الى تعاونهم كي يهدئ الساحة الداخلية التي كانت تتجه نحو الانفجار.

لكنه يعرف ايضاً ان سوريا المشار اليها لم تكن هي التي اقترحت اسمه او طرحته، او هيأت الظروف الملائمة لانتخابه في الداخل اللبناني وفي الخارج العربي كما في الخارح الدولي. فهذا العمل تولته دولة عربية كانت على مدى عقود قائدة للعالم العربي، وقد تعيدها الظروف الموضوعية الى هذا الموقع في مرحلة مقبلة ما. والدولة كانت مصر التي تولت إنضاج طبخة وصول سليمان الى الرئاسة حتى في مؤتمر الدوحة الذي اعقب اعتصام وسط بيروت وحصار السرايا الحكومية اشهراً طويلة. وهو المؤتمر الذي خرج منه ميشال سليمان رئيساً للجمهورية. والمعلومات عن دور مصر هذا ليست اختراعاً، ويعرفها "المتخصصون"، ولن تتعرض لها الا ببضع اشارات هي الآتية:

1- قال ديبلوماسي عربي لمرشح جدي ومن زمان لرئاسة الجمهورية ان مسؤولاً مصرياً رفيعاً طلب منه الابلاغ اليه ان الرئاسة هذه المرة لسليمان والمرة المقبلة له.
2- قال رئيس حكومة لبنان في حينه لديبلوماسي مصري انه تلقى معلومات تشير الى ان مصر تؤيد سليمان للرئاسة. فكان الجواب: زُر مصر والتق رئيسها واسأله. تم ذلك. لكن الجواب كان ديبلوماسياً: "ان مصر ليست مع مرشح بعينه في لبنان".
3- في 2007 زار "القائد" سليمان القاهرة من دون اعلان. عرفت جهات لبنانية ذلك، فحاولت الاستفسار من اصدقاء نافذين لها في القاهرة. لكنها لم تنجح. وتبين لاحقاً انه زارها بدعوة من الراحل اللواء عمر سليمان. وفي نهاية الزيارة قابل الرئيس السابق حسني مبارك… وتحدثت الصحف عنها في "المانشيتات" لاحقا.
4- لم يكن فريق 14 آذار مؤيداً "لترئيس" القائد ميشال سليمان او حاكم مصرف لبنان رياض سلامة. فاختار فريق 8 آذار أو وافق على سليمان معتقداً انه له. لكنه وقع في الفخ اذ تبين له لاحقاً هوية الجهات الاقليمية والدولية الداعمة له.

هل يستمر سليمان في موقفه النقدي لسوريا الأسد؟ وهل يصل موقفه هذا الى "حزب الله"؟
يرجح المتابعون اللبنانيون انفسهم تمسكه بمواقفه من النظام السوري لأنه ضعف ولأن ضعفه نهائي. اما "حزب الله" فإنه سيستمر في مساعدته وان من ضمن حدود لأنه لا يزال قوياً على ساحة لبنان بل الأقوى. ولا يُرجَّح أن يضعف خلال ما تبقى من ولايته.  

السابق
رومية وكرٌ للقاعدة
التالي
طائرة أيوب والأبعاد المخفيّة