المشروع الايراني على مشرحة الاخوان

دعم "النظام السوري" والانخراط في المواجهة الدموية ينذر بمزيد من غرق حزب الله في الرمال السورية، ومن تهاوي المشروعية الاسلامية لموقف الجمهورية الاسلامية الايرانية كدولة كانت تطمح ان تكون محورا جامعا وقائدا لنهضة اسلامية. في سورية اليوم تتفوق المصالح الاقليمية الايرانية على ما عداها هذا مايقوله اسلاميو الربيع العربي على الاقل. خطاب الخصومة لا بل العداء لايران في اوساط تيار الاخوان المسلمين يتنامى كلما استمر تدفق الدم السوري وكلما استمرت القيادة الايرانية في تغطية ارتكابات النظام، هذا الرأي هو الحد الادنى من المداخلات التي قدمت امس في القاهرة خلال حلقة نقاش "حول المشروع الايراني في العالم العربي"ضمت شخصيات من الاخوان المسلمين في سورية ومصر وغيرهم وبتنظيم من الاخوان انفسهم .

ويمكن الاستخلاص ايضا من عشرات الابحاث والمداخلات التي قدمت ان المسألة الاسلامية تتداعى والصراع على الصورة سقط ليبرز نظام مصالح وموازين قوى على حساب الثابت الاسلامي. فنهر الدم افقد السياسة الايرانية المشروعية الاخلاقية والدينية. على رغم تأكيد بعض المعارضين السوريين ( أنّ المراجع الشيعية في العراق تنأى بنفسها عن اضفاء شرعية على ممارسات النظام السوري). وان ما يجري في سوريا ليس تكرارا لصورة الحرب التي شنها العراق على ايران في العام 1980. ففي تلك الحرب، ورغم شراسة الهجمة الدولية والعربية على ايران، بقيت الجمهورية الاسلامية بقيادة الامام الخميني طيلة الحرب تلقى تضامنا وتقبلا لموقفها من الحرب من اوساط اسلامية سنية واسعة، ولم يفتقد الموقف الايراني المشروعية الاخلاقية ولا الدينية فضلا عن المشروعية القومية. ولم يحدث خوضه الحرب فرزا مذهبيا سنيا وشيعيا. بل كان ثمة مشروع اسلامي صاعد له مؤيدون ومعارضون من السنة والشيعة وغيرهم .

ما يمكن استخلاصه اليوم لم تسهم صفة الممانعة ولا العداء لاسرائيل ولا الطائرة الاخيرة التي حلقت وسقطت في اسرائيل في المحافظة على الجمهور العربي والاسلامي ضمن دائرة المتضامنين والمنخرطين في المشروع الايراني في المنطقة . هذه الدائرة تتغير في النوع وتضيق في الحجم. فالرأي العام الاسلامي حسم موقفه وانحاز الى صورة الثورة السورية. والرأي العام الاسلامي يبحث عن جديده خارج ايران، والرأي العام الشيعي الذي يستند اليه الموقف الايراني في سورية بدأ يتلمس اسئلة لا اجوبة عليها، اسئلة القلق من الفتنة المذهبية المتربصة خلف الصورة المتداعية.

كلما مر الوقت خرجت العلاقة العضوية بين النظام السوري وايران، واتضح اكثر ان ايران منخرطة في المواجهة السورية، وتنذر التطورات الميدانية وسقوط مقاتلين لحزب الله في مناطق حدودية داخل سورية بمزيد من الانخراط. لم يعد الشرخ المذهبي كابحا، ولا القتل المتمادي من قبل النظام السوري سببا يمكن ان يعيد ترتيب اولويات السياسة الايرانية ولا يبدو ان خصومها الاسلاميين في وارد العودة الى الوراء ايضا، لا في سورية ولا على مستوى الحركات الاسلامية السنية عموما.

هذه الصورة قوّضت صورة اخرى كانت قائمة ايضا، قوّضت المسألة الاسلامية في المشروع الايراني. فأيّ إسلام يمكن ان تدافع عنه ايران في سورية يسأل قيادي بارز في الاخوان المسلمين؟ فالصحوة الاسلامية التي طالما بشرت بها القيادة الايرانية مع بدء الربيع العربي، انكفأت عن خطابها. و الاسلامية في دول الربيع العربي وفي العالم الاسلامي عموما اعلنت انحيازها الى الثورة السورية، والاسلاميون الفلسطينيون حددوا موقفهم وتبرؤا من العلاقة مع النظام السوري. ليس هذا فحسب بل باشروا عملية الخروج من الصورة الاسلامية الايرانية

ايران تبدو وان بدا الوقت متأخرا جدا معنية بالقيام بإجراءات ومقاربات أعمق من موقع المسؤوليّة الاسلامية تأخذ في الإعتبار الوحدة الإسلاميّة من أجل تلافي الصراع السّني الشيعي، ويزيد مناصروا الثورة السورية ممن كانوا حلفاء ايران قبل سنة : سوريا هي البوصلة اليوم… وتاريخ الشام لن يغفر لمن صنعوا نهرا من دماء أبنائها.

السابق
زفاف السلطان سليمان وبيرجواز كوريل
التالي
الأخبار: حزب الله: لا تفكّروا بتجريد المقاومة من سلاحها