بانتظار الانتخابات الأميركية

توقّعت مصادر دبلوماسية مواكبة لحركة الاتصالات التي قام وسيقوم بها الموفد الأممي إلى سورية الأخضر الإبراهيمي ألا يتقدم بأي صيغة للحل السياسي في سورية قبل حوالى ستة أشهر لسبب جوهري وأساسي وهو استحقاق الانتخابات الرئاسية الأميركية والشخصية التي ستكون على رأس الإدارة الأميركية في السنوات الأربع المقبلة، باعتبار أن عودة الرئيس أوباما إلى الحكم يعني أن السياسة الأميركية الخارجية ستبقى كما هي وإن طرح الحلول للأزمة في سورية والمنطقة ستكون مدتها أقصر، على عكس ما إذا فاز رومني في تلك الانتخابات.

وتقول المصادر الدبلوماسية إن الإبراهيمي الذي يقوم بجولة في المنطقة بدأها من المملكة العربية السعودية بشأن الوضع في سورية هدفه أن يستطلع مواقف الدول المعنية بالأزمة السورية لجهة دعم المجموعات الإرهابية المسلحة وتمويلها وتسليحها وتدريبها ورعايتها على أراضيها وعلى وجه الخصوص تركيا، وهذه الجولة هي استكمال للمشاورات التي أجراها الإبراهيمي مع بعض المسؤولين الدوليين والإقليميين خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.

وتكشف المصادر الدبلوماسية نقلاً عن بعض المقربين من الإبراهيمي أن الأخير يعرف جيداً أن الموضوع السوري معقد وشائك وأنه إذا لم يحصل توافق دولي وإقليمي بشأنه ستبقى أبواب الحلول موصدة على الرغم من أن الإبراهيمي وعد القيادة الروسية أنه سينطلق من أي مبادرة يتقدم بها للحل السياسي في سورية من مقررات مؤتمر جنيف تكون بمثابة خطة عملية لترجمة مقررات جنيف بشكل لا تثير حفيظة الطرف الأميركي من جهة وتدعم وجهة النظر الروسية الموضوعية والمتوازنة من جهة أخرى، لذلك فإن الإبراهيمي يأخذ الوقت اللازم لتقديم صيغة للحل خصوصاً وأنه يعتبر هذه المرحلة وحتى حصول الانتخابات الرئاسية الأميركية هي مرحلة الوقت الضائع.

وأوضحت المصادر الدبلوماسية أن هناك محاولة جدية أميركية لاستنزاف النظام في سورية على أكثر من جبهة داخلية وخارجية وعسكرية ومالية واقتصادية وسياسية مقرونة مع عمليات ضغط خارجي كالذي يحصل حالياً على الحدود السورية ـ التركية من تصعيد تركي سياسي وإعلامي والتهديد بعمل عسكري ما، الهدف منه محاولة توجيه رسالة تركية إلى سورية مفادها أن سقوط حلب في يد الجيش السوري مع ريفها لا يعني نهاية المطاف، وأن التقدم عسكرياً باتجاه المناطق الحدودية المحاذية لتركية وبسط السلطة السورية عليها غير مسموح في حين أن القيادة السورية ترفض المس بسيادتها على أي شبر من الأراضي السورية وهي تصر على بسط سيادتها على أراضيها حتى لو كانت محاذية للحدود التركية، ولذلك فإن الأتراك يحاولون توسيع دائرة المعارك في المناطق الحدودية الأخرى، خصوصاً في ريف إدلب حيث تتواجد قوى سلفية إرهابية في معظم القرى في المنطقة المذكورة وتشكل معاقل لهم، إلى درجة أن المصادر الدبلوماسية توقعت أن تسرق قرى ريف إدلب وما يمكن أن يحصل فيها من معارك عسكرية أضواء ما تشهده مدينة حلب وريفها خصوصاً وأن ما نسبته 85 بالمائة من مدينة حلب هو تحت سيطرة الجيش السوري وما تبقى سيتم تحريره، ناهيك عن أن مدينة حمص وريفها في طريقها إلى التحرير النهائي وإن بقيت مدينة القصير محاصرة من قبل الجيش السوري بعد تطهير وتنظيف ريفها من المسلحين والإرهابيين.

واعتبرت المصادر الدبلوماسية أنه في ضوء التصعيد التركي والذهاب إلى الأمام أكثر على هذا الصعيد وقرار السعودية باستمرار دعم المسلحين وعدم التوجه إلى حل سياسي، في ضوء كل ذلك، فإن أفق الحل ما زال مسدوداً، بانتظار الانتخابات الأميركية.  

السابق
من هو العدو الحقيقي للبلدان العربية؟
التالي
عراك الوعي والالتزام