روبوت يقتحم عالم الجراحة في لبنان

شهد لبنان، عبر العصور، تمّيز بنيه في المغتربات، وانخراطهم في شتّى الميادين العلمية، لا بل تبوأهم مراكز هامّة جدّاً، خصوصاً في المجالات العلمية والطبّية، فكان منهم «إديسون العرب» العالم حسن كامل الصبّاح، والنابغة الطبّي البروفسور مايكل دبغي، وغيرهما كثر، رفعوا اسم لبنان عالياً.
أمّا اليوم، فالحاجة ملحّة إلى أن يصدّر لبنان التقدّم والتطوّر لا الأدمغة فقط، فأي تطوّر هذا نتحدّث عنه، عندما يهاجر طالبٌ وطنه، ويتابع دراسته في الخارج، ويتميّز ويعمل، ثم يأتي إلى لبنان جالباً معه ما يسمّى «تطوّراً» أو «صيحات جديدة» في الطبّ والهندسة والكهرباء والفلك وما إلى ذلك؟ تساؤلٌ أجاب عنه نقيب الأطباء البروفسور شرف أبو شرف قائلاً: «نشهد ذلك عندما يصبح في لبنان ما يسمّى دولةً».
ومناسبة هذا التساؤل وهذا الجواب، أن لبنان، ومنذ أسابيع قليلة، اقتحمته ثورةٌ في عالم الجراحة، وتحديداً في «مركز كليمنصو الطبّي»، الذي أجرى عبر كوكبةٍ من الجرّاحين اللبنانيين سلسلة عمليات ناجحة بالمنظار، ولكن.. عبر روبوت.
للمرّة الأولى في لبنان، أجرى فريقٌ من الأطباء الاختصاصيين في «مركز كليمنصو الطبّي» أولى العمليات الجراحية بواسطة الروبوت (Robotic Surgery)، وهي شكل من الأشكال المتقدّمة في الجراحة بالمنظار.
ولعل «كليمنصو الطبّي» هو المستشفى الوحيد في لبنان والمنطقة الذي ينفذّ هذا النوع من العمليات الجراحية مستخدماً نظام «دا فنتشي» الجراحي، المُصنّع من قبل «إنتويتيف سورجيكال». وأمّا كلفة هذا النظام، فبلغت أكثر من مليونَيْ دولار أميركي، سدّدها المركز بغية تطوير الجراحة وتوفير الوقت والجهد.
وخلال الأسبوع الأول من وصوله إلى لبنان، قام الروبوت «دا فنتشي»، بقيادة فريق طبّي من جرّاحين متمّرسين، بإجراء عشر عمليات في اختصاصات عديدة لمعالجة حالات مختلفة. وضمّ الفريق البروفسور كلود طيّار (جراحة عامّة)، الدكتور كريم نوفل (جراحة نسائية)، الدكتور نديم أيّوب (جراحة مسالك بوليّة) والدكتور فراس زهوة (جراحة مسالك بوليّة).

وتحلّ هذه التقنية الطبية المتقدّمة والفريدة، التي يشهدها لبنان للمرّة الأولى، مكان المعالجات التقليدية في كثيرٍ من الحالات المرضيّة، إذ غيّرت جراحة الروبوت وجه رعاية المرضى، ونصّبت نفسها واحدةً من أهمّ الابتكارات الطبية الواعدة.
وتشمل مزايا هذه الجراحة ألماً أقلّ، ونتائج جمالية أفضل، إذ لم تعد الجراحة تتوخّى شقوقاً بليغة، أو تقطيباً على نطاق واسع، فمع «دا فنتشي» لم تعد الشقوق تتجاوز ميلليمترات ثمانية، كما أنّ من حسنات هذه الجراحة الجديدة تدنّي نسبة فقدان الدم، وبقاء المريض في المستشفى لمدّةٍ أقصر.
ولتقديم هذا الإنجاز النوعيّ، عقدت إدارة «مركز كليمنصو الطبّي»، قبل ظهر أمس، مؤتمراً صحافياً في قاعة المحاضرات التابعة للمركز، في حضور نقيب الأطبّاء شرف أبو شرف، وحشدٍ من الأطبّاء واختصاصيي الجراحة، وجمعٍ من أهل الإعلام والصحافة.
بدايةً، شاهد المدعوون عرضاً حيّاً لعمل الروبوت في بهو الاستقبال، وإلى قاعة المحاضرات، حيث أدار المؤتمر المدير الطبّي في المركز الدكتور عاصم الحاج، معرّفاً باقتضاب خصائص هذا الإنجاز، ومقدّماً المنتدين، وهم مدير المركز التنفيذي الدكتور مؤنس قلعاوي، والأطبّاء الخمسة الذين أجروا عمليات عبر الروبوت «دا فنتشي».

السابق
الانحياز وعدمه في طهران
التالي
إجتماع الناقورة الثلاثي بحث تطبيق الـ1701