السفير: طرابلس ـ الضحية: الجيش يحتوي المربعات الأمنية

مع استمرار اهتزاز الوضع الأمني في طرابلس، بدا ان الجيش اللبناني قرر منذ أمس الانتقال الى مرحلة حاسمة في عمله الميداني، سمتها الحزم في مواجهة المظاهر المسلحة والخروقات المتفرقة لاتفاق وقف إطلاق النار، متسلحاً بغطاء سياسي وشعبي واسع، فيما بقي منسوب الحوادث الأمنية المتنقلة مرتفعاً، بفعل تلاحق جرائم القتل وعمليات الخطف للابتزاز المادي في العديد من المناطق.. وكأن "الشهر الأمني" لم يكن.
على خط مواز، ترك الإفراج عن المخطوف اللبناني في سوريا حسين علي عمر انعكاسات إيجابية على مسار ملف المخطوفين اللبنانيين والسوريين، الى جانب المواطنين التركيين. وقال وزير الداخلية مروان شربل لـ"السفير" إنه يرجح أن تشهد قضية المخطوفين اللبنانيين المزيد من الانفراج خلال الاسبوع الحالي، متوقعاً ان يتم في الايام القليلة المقبلة الإفراج عن دفعة كبيرة من المخطوفين، ومشدداً على ضرورة إبقاء المفاوضات الجارية بعيدة عن التجاذب الإعلامي والسياسي من أجل ضمان نجاحها.
وعُلم أن قيادتي "حزب الله" وحركة "أمل" رفعتا الغطاء السياسي عن العصابة التي قامت بخطف المواطن الكويتي عصام الحوطي، فيما تواصل الرئيس نبيه بري مع كبار المسؤولين الكويتيين والسفير الكويتي في بيروت للغاية نفسها. وتردد أن قيادة الجيش باشرت قبيل منتصف ليل أمس، حملة مداهمات في عدد كبير من البلدات البقاعية، بعدما نجحت مخابرات الجيش في تحديد وجهة الخاطفين.

طرابلس: خطة عسكرية للجيش
ومن طرابلس، أفاد مراسل "السفير" أن الجيش اللبناني قرر اعتماد خطة عسكرية ـ أمنية تقضي بعزل مناطق الاشتباكات عن أحياء طرابلس، وتقسيم المناطق القريبة من خطوط المواجهات الى مربعات أمنية بهدف ضبطها ومنع حصول أي أعمال مخلة بالأمن فيها.
وعُلم أن الجيش أجرى اتصالات مع كل المجموعات المسلحة وأبلغها بشكل واضح بضرورة إخلاء الشوارع وإزالة كل المظاهر المسلحة، تحت طائلة عدم التهاون مع أي مسلح.
وتجلى المنحى الصارم في سلوك الجيش شمالاً من خلال مبادرته الى الاشتباك مع مسلحين من عائلة الموري في منطقة الزاهرية، معروفين بقربهم من "فريق 8آذار"، وإلقائه القبض على عشرة منهم، إضافة الى مصادرة كميات من الأسلحة، الامر الذي فُسر بانه بمثابة رسالة واضحة من الجيش الى كل من يعنيه الأمر، فحواها ان ما حصل في الزاهرية يمكن ان يتكرر مع المخلين بالأمن في باب التبانة والقبة وجبل محسن.
وبالفعل فقد أوقف الجيش أربعة أشخاص من محلة البقار (القبة)، وخمسة من باب التبانة، الى جانب الرد على مصادر إطلاق النار وملاحقة المسلحين واستحداث نقاط محصنة بخرسانات باطونية في المحاور الساخنة، كما نشر بعض قناصته على أسطح المباني، بهدف رصد أي تحركات مخلة بالأمن والتعامل معها بناءً للتفويض المعطى له.
وفي حين بدا أن مصداقية الأطراف السياسية الطرابلسية قد أصيبت في الصميم خلال أسبوع من الاشتباكات بعدما تبين أن قدرتها على الإمساك بالشارع تراجعت مع تنامي نفوذ المجموعات المتفلتة من السيطرة، كان لافتاً للانتباه في الوقت ذاته ان دعوة بلدية طرابلس للمجتمع المدني في المدينة الى الاعتصام احتجاجاً على الفلتان الأمني لم تلقَ التجاوب المنتظر في ظل المشاركة الخجولة، ما طرح علامات استفهام وتعجب حول أسباب هذا الانكفاء، وهل يعبر عن يأس واستسلام أم عن انقسام وتشرذم طال ايضاً ما يُعرف بالأكثرية الصامتة.
وكان نهار أمس قد شهد تواصل أعمال القنص المتبادل وسقوط قذائف "الإنيرغا" المتفرقة على محاور عدة، ما أدى الى سقوط قتيل وأربعة جرحى، فيما تواصلت عمليات حرق المؤسسات التجارية لتعزز الفرز المذهبي في المدينة وتمعن في تمزيق نسيجها الاجتماعي.
وبينما تمكنت وحدات الجيش من منع إحراق بعض المحال، فشلت في أماكن أخرى، خصوصاً أن المسلحين الذين كانوا يستقلون دراجات نارية امتلكوا قدرة كبيرة على المناورة والهروب من آليات الجيش .

شربل: نطبق الخطة الموضوعة
وقال وزير الداخلية مروان شربل لـ"السفير" إن العمل جار على تطبيق الخطة الموضوعة لإعادة الهدوء الى طرابلس، واعتبر ان كل الفرص أعطيت في السابق لمقولة "الأمن بالتفاهم"، ولم يعد مقبولاً إخضاعها الى المزيد من التجارب وسط استمرار النزف الذي تعاني منه عاصمة الشمال، موضحاً أن الجيش حسم أمره وسيتعاطى بحزم مع كل مسلح يرفض الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار، في موازاة إصدار استنابات قضائية لملاحقة المرتكبين.
وأكد شربل ان القوى العسكرية والأمنية تقف على مسافة متساوية من الجميع وستؤدي دورها في ملاحقة المخلين بالأمن، وما صح على الزاهرية أمس سيصح على كل مخالف في باب التبانة وجبل محسن، لافتاً الانتباه الى أنه لم تعد هناك من مظلة فوق رأس أحد.
وإذ كشف شربل عن ان معدل الحوادث الأمنية زاد مؤخراً بنسبة 50 في المئة، لفت الانتباه الى ان سبب هذا الارتفاع يعود بشكل رئيسي الى تأثر لبنان بما يجري في سوريا، وقال إن تدفق النازحين السوريين بأعداد كبيرة، يفوق قدرة الدولة على استيعابها وتحملها، مؤكداً أن الأجهزة الأمنية تبذل أقصى الجهود الممكنة لاحتواء الواقع الأمني المضطرب.
  

السابق
الأخبار: الجيش يلاحق المسلّحين في طرابلس: البداية من خصوم 14 آذار
التالي
النهار: هل تقرر الحكومة فتح مطار القليعات؟ ولا معطيات إيجابية في ملف المخطوفين