الحياة: تأجيل الجلسة التشريعية لأسباب ميثاقية بعد مقاطعة مسيحية احتجاجاً على قانون المياومين

أدت الخلافات على إقرار قانون تثبيت المياومين والمتعاملين في شركة كهرباء لبنان في الجلسة النيابية التي عقدت مساء أول من أمس والتصويت عليه خلافاً لآراء بعض القوى السياسية الى خلط أوراق على أساس فرز طائفي داخل المجلس النيابي، حين عارض معظم القوى المسيحية في الأكثرية والمعارضة على السواء، التصويت عليه، ما أدى الى مقاطعة نواب «التيار الوطني الحر و «حزب الكتائب و «القوات اللبنانية
وبعض نواب قوى 14 آذار الآخرين الجولة الثالثة في جلسة المجلس النيابي يوم أمس.

واضطر ذلك رئيس المجلس نبيه بري الى تأجيل الجلسة لأسباب ميثاقية وسياسية، نظراً الى تغيب النواب المسيحيين عنها على رغم ان استكمال الجلسة لا يحتاج الى نصاب قانوني إلا في حال الاضطرار الى التصويت على مشروع ما.

وفي وقت برر بعض النواب المتغيبين موقفهم بأن التصويت على اقتراح قانون تثبيت المياومين في الكهرباء عبر إجراء مباراة حصرية من طريق مجلس الخدمة المدنية، شمل هؤلاء جميعاً، أي زهاء 2500 مياوم لحوالى 2791 وظيفة شاغرة، على رغم الاختلال الواضح في توزيعهم الطائفي لمصلحة المسلمين، فإن نواباً آخرين مسيحيين من الذين تغيبوا برروا موقفهم بالاعتراض على أسلوب الرئيس بري في إدارة الجلسة، إذ قال بعضهم لـ «الحياة ان رئيس المجلس استعجل التصديق على بعض مواد المشروع، من دون احتساب أصوات النواب المؤيدين لها بدقة، ما شكل مخالفة في نظرهم لأسلوب إدارة الجلسات والنظام الداخلي. وقالت مصادر نيابية في «تكتل التغيير والإصلاح
النيابي ان بري، المؤيد لمشروع تثبيت جميع المياومين، انزعج من التعديلات التي أدخلت على المادتين الأولى والثانية من الاقتراح بحيث يناط بمجلس الخدمة المدنية تنظيم مباراة التثبيت، فاستعجل التصديق على المواد الأخرى من المشروع بطريقة أثارت النواب المعترضين، لا سيما بعد أن أعلـــن وزير الطاقة جبران باسيل ان شركة الكهرباء بحاجة الى 700 منهم وليس الى العدد الكامل، خصوصاً ان تكتله النيابي رفض أساساً التوقيع على اقتراح القانون الذي وقعت عليه كتل في الأكثرية (حركة أمل) وأيده في اجتماع اللجان النيابية نواب «حزب الله، إضافة الى كتل في المعارضة ونواب «جبهة النضال الوطني، التي تغيب نوابها عن جلسة الأمس، كما كان وقع عليه انطوان زهرا عن «القوات اللبنانية وفادي الهبر عن «حزب الكتائب.

وبعد أن أعلن السواد الأعظم من النواب المسيحيين مقاطعتهم لجلسة الأمس، حضر الى مبنى البرلمان 46 نائباً، وحصل لقاء تشاوري بين بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي ورئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة والوزيرين علي حسن خليل ومحمد فنيش والنائبين محمد رعد ومروان حمادة، فأبدى بري انزعاجه من الحملة الشخصية عليه في وسائل الإعلام على أسلوب إدارته جلسة أول من أمس بعد التصديق على المشروع.

لكن بري أبلغ المجتمعين انه سيؤجل الجلسة. وأبلغ النائب رعد الحضور ان حزبه لم يوقع أساساً على اقتراح القانون. وجرى التداول في إمكان التوصل الى مخرج حول الخلاف وتولى السنيورة البحث مع حلفائه المسيحيين في 14 آذار ولا سيما الرئيس أمين الجميل ورئيس حزب القوات سمير جعجع…

وأعقب ذلك لقاء تشاوري لهيئة مكتب البرلمان حضره نائب رئيسه فريد مكاري، والأعضاء باستثناء النائب زهرا الذي كان في البرلمان ولم ينضم الى الاجتماع وغاب النائب في قوى 14 آذار سيرج طورسركيسيان.

وتباحث المجتمعون في المخارج الممكنة، خصوصاً ان عدم اختتام الجلسة وإقفال محضرها يبقي القوانين التي أقرتها معلقة وغير نافذة ومنها قانون الإنفاق المالي الذي جرت تسوية عليه وقانون تثبيت المياومين بمباراة. وتقضي الأصول بتصديق المحضر من الهيئة العامة للبرلمان أو من هيئة مكاتب البرلمان، فاتفق على انتظار نتائج الاتصالات الجارية مع الفرقاء الذين قاطعوا جلسة الأمس على أن يجتمع مكتب المجلس غداً الخميس للبحث في صيغة المخرج، لكن مصادر نيابية أوضحت لـ «الحياة
ان بري لن يقبل مخرجاً يعيد التصويت على قانون المياومين، بل على أساس ان التصويت حصل.

يذكر ان القانون يمكن ان يخضع للمراجعة في حالتين: إذا قرر رئيس الجمهورية طلب إعادة النظر في القانون بحيث يكون في حل من إصداره ليبحثه البرلمان ثانية، أو إذا جرى الطعن به أمام المجلس الدستوري.

وقال نواب «تكتل التغيير والإصلاح انهم سيطعنون به في حال إصداره.?

حالت المقاطعة الاعتراضية دون تمكن الجلسة التشريعية من الانعقاد في يومها الثاني والاخير أمس لإقرار ما تبقى من مشاريع واقتراحات على جدول الاعمال، وبعد الانتهاء من الاجتماعات التشاورية المكثفة قرع الجرس في الحادية عشرة وخمس دقائق إيذاناً بالدخول الى قاعة المجلس فحضر 46 نائباً.

وعقدت الجلسة برئاسة بري الذي استهلها بالقول: «صدقنا 23 مشروعاً واقتراح قانون، وبقي على جدول الأعمال 11 اقتراحاً. ولكنني ألاحظ الآن في القاعة ان هناك اطرافاً اساسيين غير موجودين، وأنتم تعرفون عادتي، فعندما يحصل مثل هذا الامر أتمنى على الزملاء الكرام وعلى المجلس ألا نتابع الجلسة حتى يكتمل الحضور، مؤكداً ان هذا الامر «ليس ميثاقاً طائفياً او مذهبياً كما يعتقد البعض، انما هذا ميثاق سياسي اساسي، لذلك اتمنى ان تعتبروا ان الجلسة خُتمت. وإن شاء الله الى جلسة مقبلة. وعند الحادية عشرة وعشر دقائق رفع بري الجلسة.

واستدعى رفع الجلسة والمقاطعة تعليقات كان ابرزها للرئيس السنيورة الذي اكد ان «ليس من الحكمة عقد جلسة في غياب الحضور المسيحي، آملاً بمعاودة الجلسات مع الاخذ في الاعتبار الافكار المطروحة وكيفية التعامل، وقال: «تدارسنا الوضع الذي نحن فيه، وأعتقد انه دائماً هناك معالجة لكل الامور. هناك افكار لدى الاخوان في حزب «القوات
و «الكتائب و «التيار (الوطني الحر)، تتعلق باقتراح القانون البارحة (تثبيت المياومين) وبجملة من الأمور التي يحب ان يشعر كل النواب انهم يشاركون فيها ويقومون بدورهم في الشكل السليم في العمل البرلماني

وأكد السنيورة أن «ما تم التوصل إليه في شأن الاعتماد الإضافي (سلفة على الإنفاق الحكومي حتى إقرار موازنة 2012) خطوة على صعيد استعادة الانتظام المالي ويتيح للحكومة تحضير موازنة 2012، وأضاف: «وضعنا معالم لمعالجة المسألة المالية التي نتجت من عدم تصديق الموازنة. وخطونا خطوة من أجل معالجة السنة المالية 2012، وهذا الأمر يتيح للحكومة أن تقوم بواجبها بتحضير الموازنة. وأشار الى أنه «كان هناك حديث مع الرئيس بري للتوصل الى معالجة إنفاق السنوات الماضية، اذ ان هناك تفكيراً في قوننة السنوات كلها في سلة واحدة من عام 2006 الى عام 2011.

ولفت عضو كتلة «القوات النائب انطوان زهرا الذي حضر الى ساحة النجمة من دون ان يدخل الى القاعة الى أن محضر الجلسة التشريعية لم يصدق بكامل بنوده، في انتظار جلسة هيئة مكتب المجلس التي دعا بري الى عقدها الثالثة من يوم غد الخميس في عين التينة، وقال لـ «الحياةانه «بقي معلقاً، إذ إن تصديقه يعني تصديق كل المحضر. وهو ما اكده ايضاً النائب مروان حمادة الذي اشار الى ان «مبادرة الرئيس بري فتحت الباب للانتقال الى مرحلة ثانية

ولم يستبعد «اعادة النظر في القانون الذي تم التصويت عليه. اما السبل لتفسيره او لتحويله او لرده فمفتوحة. هناك سلطات دستورية عدة تبدأ برئيس الجمهورية وتعبر الى المجلس الدستوري فإلى المجلس النيابي الذي يستطيع اعادة وضع اليد على اي شيء. المهم ألا نجعل الأمور تنزلق الى أمر ليست هي فيه أساساً، لأن المياومين هم لبنانيون وهل نأتي بعمال أجانب؟.

كرامة المسيحيين

وقال عضو كتلة «الكتائب النائب سامي الجميل: «بالأمس تم التصويت من دون تصويت وفي مرحلة رفع الايدي لم يرفع أحد يده (تعليقاً على التصويت على موضوع تثبيت المياومين). واعتبر أن «الامر المهم الذي حصل ان الكتل المسيحية عارضت جميعها واتفقت على ضرورة ادخال تعديلات، فهل من المعقول ان تمر الامور فوق كل الكتل المسيحية من دون سماع آرائها. المسيحيون قادرون على ان يجتمعوا عندما يمس الأمر بكرامتهم، واجتمعنا امس وأخذنا هذا القرار، ونريد تصحيح إدارة الامور كي لا تتكرر. وهذا الموضوع ليس موجهاً ضد أحد… موضحاً أن «المشكلة ليست شخصية مع الرئيس بري بل المشكلة مشكلة أداء

عون: المقاطعة صرخة احتجاج

ولفت عضو «تكتل التغيير والإصلاح النائب الآن عون الى أن قرار مقاطعة الجلسة التشريعية هو «بمثابة صرخة احتجاجية حول كيفية إدارة الأمور في البلد، وقال: «لتكن هذه الصرخة مناسبة لإعادة النظر بكيفية التعاطي مع بعضنا بعضاً

وعما إذا كان نواب التكتل سيطعنون بقانون تثبيت المياومين أمام المجلس الدستوري، أكد أنهم «سيستخدمون كل الوسائل المتاحة بوجه هذا القانون، مستغرباً «كيف يتم تجاوز اعتراض كل الكتل المسيحية ويتم الاستمرار في القانون.

وفي المقابل اعتبر عضو كتلة «المستقبل النائب محمد قباني أن «ما جرى في الجلسة هو إنصاف للعمال المياومين، ومجلس النواب جاء ليضمن حقهم في العمل والاستمرارية، آملاً بـ «ألا يرد رئيس الجمهورية القانون، واذا رده فيكون الأمر خطيراً.

ورداً على الانتقادات التي وجهت لبري في إدارة الجلسة، قال: «ادارته للجلسات مستمرة منذ أكثر من 20 عاماً، والأسلوب الذي اتبع بالأمس لم يكن جديداً، لافتاً إلى أن «الاعتراض على ادارة الجلسات هو لأنه ممنوع أن يسقط مشروع الوزير (الطاقة جبران) باسيل لأن باسيل هبة إلهية ممنوع أن يرفض لها طلب

وأشار عضو كتلة «التنمية والتحرير النائب غازي زعيتر الى أنه «يبدو أن التوتر عند البعض وعلاقته بالاصول البرلمانية والديموقراطية بعيد جداً. وأسف لأن «تكون المقاطعة مبنية على أسس طائفية، مشيراً الى أن «هناك جهات قاطعت الجلسة وهي كانت من المتحمسين لحقوق هؤلاء العمال.

ورأى عضو كتلة «الوفاء للمقاومة النائب علي فياض أن «ما حصل في المجلس أمر غير طبيعي يجب احتواؤه بأي شكل من الأشكال، موضحاً أن «الجلسة رفعت احتراماً لمبدأ المشاركة وستنشط الاتصالات الجانبية للملمة الموضوع ولا احد يرضى عن هذا الامر. وأكد أن «التحالف مع «التيار راسخ وأمامه شوط كبير من التعاون

ولاحقاً رد النائب علي بزي على النائب الجميل بتصريح قال فيه: «في كل مرة كان الزميل سامي الجميل يشكك باحتساب نتيجة التصويت وصولاً إلى الجلسة الأخيرة، وكان الرئيس بري ولا يزال يقابل الاعتراضات برحابة صدر إلى الحد الذي أجريت فيه إعادة التصويت بالمناداة بالأسماء، لينكشف أن الاحتساب كان احتساباً صحيحاً، ما يعني حرصه الدائم على الإدارة الفضلى والدستورية للعمل النيابي، وهو ما لا يحتاج فيه إلى شهادة مستجدة، إذ تكفيه قيادته سفينة التشريع في أصعب العواصف وأشدها خطراً.

ولفت إلى «أن ليس من شيء ليتم إقراره إلا بعد إشباعه درساً وتمحيصاً تماماً كما حصل في مناقشة اقتراح قانون تثبيت المياومين في كهرباء لبنان التي دارت على مدى ساعتين، والمفارقة أن الزميل حصر نقاشه بسؤال واحد، وهو هل نحن بصدد امتحان أم مباراة، علماً أن الاقتراح واضح لجهة نصه على إجراء مباراة، حصل تأكيد لذلك، نزولاً عند رغبة الزميل الكريم.

وأكد أن بري «لا يحتاج إلى شهادة في حرصه على الوحدة الوطنية والعيش المشترك بين الطوائف، فتاريخه السياسي يشهد له، وكم من المرات تحاشى الحسم في إقرار قانون يمس ميثاق العيش المشترك، لكننا لا نعتقد أن تثبيت عمال لبنانيين وإنصافهم، أمر يصل إلى درجة تسعير خطوط التوتر العالي الطائفية، علماً أن اقتراح القانون كان ممهوراً بتواقيع ممثلي 14 آذار و «القوات اللبنانية و «الكتائب اللبنانية، ومندوبه في لجنة الأشغال كان الأكثر حماسة لإقرار القانون كما ورد  

السابق
الشرق الاوسط: سوريا:النظام يحرق جبل الأكراد ومخاض صعب في مؤتمر المعارضة
التالي
الانوار: مقاطعة 5 كتل نيابية تطيح بجلسات البرلمان