طموح هولاند

مع تحليه بالهدوء والبعد عن الاثارة والصدام فإن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الاشتراكي بعد سبعة عشر عاما من سلفه فرنسوا ميتران قرر مواجهة تحديات ابرزها استبدال برنامج التقشف بالنمو، وهذا ما ترك ارتياحاً خصوصاً في اليونان التي تعاني من ضائقة الديون والمحتاجة إلى دعم مجموعة اليورو المهددة بالخروج منها، وقد أظهر الخلاف على تأليف حكومة تتولى علاج الازمة المالية مدى صعوبة الاقدام على قرار غير مدروس بدقة وهو يتعلق بردم الهوة العميقة بين الشعب وبين السلطة.
ولم تكن آراء هولاند مناقضة لنتائج محادثاته الاولى بعد تسلمه رئاسة فرنسا مع المستشارة الالمانية انغيلا ميركل في برلين امس الاول اذ وجدت لدى ضيقها ما تدعو اليه وهو الابقاء على اليونان في دائرة اليورو ودفع دول المجموعة الاوروبية إلى محاربة البطالة والضائقة الاجتماعية وتوفير سبل العمل، على ان هذا التوجه يحتاج إلى البحث المعمق ليس ثنائياً بل جماعياً كي يتحقق ما هو مطلوب بتوافق الكل.

ثم ان هولاند لن يستطيع الضغط على الرئيس الأميركي باراك اوباما المتجه إلى انتخابات رئاسية تتحكم بقراراته إلى حد يبدو محكوماً بموقف حزبه الديمقراطي ونظرته إلى كيفية إجراء اقتراح يوفر له العودة ثانية إلى البيت الابيض في تشرين المقبل ومناهضة الحزب الجمهوري المتطلع إلى اخذ مكانه إضافة إلى ان وعد هولاند بالانسحاب من افغانستان ليس ذاتياً لأن له علاقة بالموقف الاميركي بصورة خاصة لذا فإن المتوقع هو تقليص عدد القوات الفرنسية في ذلك البلد تغطية لاعلان عن الانسحاب في نهاية هذا العام.

وقول هولاند بأنه سيكون رئيساً عادياً لبلاده اي اقل ظهوراً وتحديات من سلفه نيكولاي ساركوزي لا يحول دون التصدي لازمات ومشاكل مطروحة دولياً لان سيضطر إلى التعامل معها بأسلوب آخر وهو يدرك شخصياً وكذلك الخبراء المحيطون به واصحاب النفوذ الاقتصادي والمالي والسياسي اي انه لا يملك القرار وحده في بلد ديمقراطي حر منذ ثورة الباستيل ودوافعها الاجتماعية والمعيشية بصورة خاصة.
وإذا كان هولاند لم يشر بعد إلى ما سيتخذه لاحلال السلام في الشرق الاوسط بمناهضة اسرائيل والضغط عليها فإن قوله بمحاربة السامية يفسر ما ستكون عليه سياسته. لذا فإن العالم العربي يتريث في إبداء موقفه النهائي بانتظار بلورة سياسة رئيس يحظى بشعبية مكنته من الفوز على سلفه. وهذا غير متوقع قبل نهاية العام الحالي اي بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية ونتائج معالجة اقتصاد غارق في الركود والبطالة.

السابق
هدنة الصيف
التالي
الانباء: النائب الجميل أبلغ ملحم بركات استعداده للقاء الأسد!