النهار: تسوية مع الإسلاميين تُسابق الهدنة الهشة وأسئلة في مجلس الوزراء عن الأجهزة الغربية

على رغم "القنص" الذي مورس على مهمة وزير الداخلية مروان شربل في يومه الطرابلسي الطويل أمس والذي تمثل في جولة اشتباكات تسببت بسقوط قتيل وجرح ستةـ، تمكن الوزير من التوصل الى تسوية مع المعتصمين، فيما تمكن الجيش من لجم التوتر واحتوائه مع ان المناوشات استمرت في ساعات الليل.
وفيما ينتظر ان تشكل الساعات المقبلة اختبارا للتسوية التي قضت باعادة استجواب الموقوف شادي المولوي في حضور وكلاء للدفاع عنه، بعدما فتحت الطرق في ساحة النور من دون ازالة خيم المعتصمين، دفع مجلس الوزراء في اتجاه التعجيل في تحريك ملف الموقوفين الاسلاميين واصدار القرارات الظنية المتعلقة بما يسند اليهم. لكن اجواء الجلسة التي عقدها مجلس الوزراء ومناقشاتها الطويلة عكست مناخات الارتباك التي لا تزال تسود الوضع الحكومي على رغم الاجماع الذي برز في الجلسة على دور الجيش وقوى الامن وضرورة توفير الغطاء والدعم المالي لها.

في مجلس الوزراء
واستأثرت التطورات الامنية في طرابلس بالنصف الاول من جلسة المجلس، فاستمر النقاش في شأنها زهاء ساعتين، ثم طرح البند الاول على جدول الاعمال المتعلق بالانفاق المالي واستمر النقاش فيه وقتا مماثلا.
وأبلغت مصادر وزارية "النهار" انه كانت ثمة مداخلات عدة في موضوع طرابلس بدءا بمداخلة رئيس الجمهورية الذي شدد على ان الامن العام "قام بواجباته ولم يخطئ واذا كان هناك خطأ في الاسلوب فالمعالجة لا تكون باخلاء سبيل الموقوف". وأكد وجوب اصدار القرارات الظنية في اسرع وقت. كما أثار مجددا موضوع داتا الاتصالات، لافتا الى عدم تسليمها بعد وضرورة معرفة أسباب التعثر في هذا المجال.
أما رئيس الوزراء نجيب ميقاتي فأشاد بتصرف الجيش والاجراءات التي اتخذها مستعجلا بدوره اصدار القرارات الظنية في قضية الموقوفين الاسلاميين واستغرب تكرارا طريقة توقيف المولوي في مكتب وزير المال محمد الصفدي، ولم يخف استمرار قلقه على الوضع في طرابلس "حيث النار ما زالت تحت الرماد وأفرقاء كثر يريدون صب الزيت على النار".
وأضافت المصادر ان وزراء أدلوا بمداخلات اخرى، فأعرب الوزير علي قانصو عن مخاوفه من الفلتان الحاصل وامكان توسعه ليشمل مناطق اخرى، داعيا الى ضبط الفلتان بحزم. كما تحدث الوزير محمد فنيش فدعا الى التحلي بالحكمة لمعالجة الوضع وسأل عمن يوفر الغطاء لهذه الاحداث وقال ان ثمة فارقا بين سلاح يهدد الامن وآخر يدافع عن البلد.
ثم تحدث الوزير غازي العريضي فدعا الى البناء على ما طرحه فنيش من حيث التحلي بالحكمة، وطالب باعتماد خطاب سياسي هادئ بعيدا من التشكيك والوعيد والتعلم من دروس الماضي. ورأى ان تمويل الاسلاميين في طرابلس لا يستهدف جهة واحدة لان هناك من يمول لحسابات انتخابية وسياسية. وقال: "سمعنا على هذه الطاولة كلاما على تهريب السلاح والتعبئة ثم جاء المجلس الاعلى للدفاع ليقول ان تهريب السلاح لأسباب تجارية. فهل ننتهي من هذه القصة بمعلومات دقيقة؟ ثم سمعنا ان توقيف الشاب شادي المولوي جرى بالتنسيق مع اجهزة أمنية غربية. فمن هي هذه الاجهزة؟ لقد اتهمنا سابقا هذه الاجهزة (الغربية) بأنها ستخرب لبنان وتسعى الى انشاء ممرات انسانية، ثم نأتي اليوم ونقول اننا ننسق معها، فهل نعمل عند الاجهزة الأمنية الغربية ونتصرف على العمياني ازاء كل معلومة يعطينا اياها هذا الجهاز او ذاك؟ وسمعنا ان الامن بالتراضي فيما هناك مناطق أخرى ولا سيما في البقاع والحدود حيث يتعرض الجيش لاطلاق النار، ماذا نقول للناس عندما تطلق النار على الجيش حين يبادر الى ازالة مخالفات؟" وخاطب العريضي الرئيس سليمان: "عندما كنت قائدا للجيش وذهبت الى الضنية وقلت انك ستنفذ القرار، أليس من غطى القرار رفيق الحريري؟ ومرة أخرى عندما ذهبت الى مخيم نهر البارد عدت الى مجلس الوزراء وقلت انه لولا الطائفة السنية واحتضانها للجيش لم يتحقق انتصاره. ان هذه الطائفة لم تتغير ولا تزال مع الجيش، وسعد الحريري في المعارضة وايضا فؤاد السنيورة لكنهما أيدا الجيش. علينا الافادة من هذا المناخ بدل اعتماد خطاب يتجاوز الاخلاقيات وينطلق من التشهير ونبش القبور".
ورد رئيس الجمهورية على مداخلة العريضي وشكره على "كل كلمة قلتها". ثم عقب الوزير علي حسن خليل قائلا: "انكم تعتقدون ان ما سأقوله هو انشائي ومع ذلك أؤكد ان لا بديل من الحوار وعلينا ابتداع صيغة لاجرائه".

الملف المالي
وأوضحت المصادر الوزارية لـ"النهار" انه لدى طرح ملف الانفاق المالي، فاجأ الوزير الصفدي الوزراء باعلانه ان كل ما اعتمد من انفاق ولا يزال معتمدا هو مخالف للقانون بما فيه مشروع موازنة 2011.
وقالت ان النقطة البارزة التي اثيرت في المداخلات تناولت التساؤل عما اذا كان ثمة ربط بين التعيينات والانفاق بمعنى عرقلة ملف الانفاق للضغط والمقايضة بالتعيينات. ولم يلق هذا التساؤل اجوبة حاسمة. واذ بدا واضحا تعذر الوصول الى مخارج لهذا الملف لعدم حصول توافق سياسي عليه بعد، افادت معلومات ان الرئيس سليمان اقترح ان يقر مجلس الوزراء مشروع القانون المتعلق باعتماد الـ4900 مليار ليرة لتغطية النفقات عن النصف الاول من السنة الجارية الى حين وضع "الموازنة" وارساله الى مجلس النواب للموافقة عليه، وقال انه اذا لم يمر في مجلس النواب فهو يتعهد توقيع مرسوم الـ8900 مليار ليرة معدلا. واثار هذا الاقتراح حفيظة وزراء "تكتل التغيير والاصلاح" وانتهت الجلسة الى اقرار فتح اعتماد استثنائي لتغطية نفقات مستعجلة في ظروف طارئة، استناداً الى المادة 85 من الدستور، ولحظت هذه النفقات 15 مليار ليرة للجيش و7,5 مليارات ليرة لقوى الامن الداخلي، و1,250 مليار ليرة لوزارة التربية لتغطية نفقات الامتحانات الرسمية وبعض السلف الاخرى.

جنبلاط وجعجع
وسط هذه الاجواء برز أمس موقفان من الملفات الامنية لكل من رئيس "جبهة النضال الوطني" النائب وليد جنبلاط ورئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع.
وفي حديث الى محطة "ام تي في" التلفزيونية انتقد جنبلاط بشدة الامن العام واعتبر انه "اصبح ملحقاً بالنظام السوري وطريقة تصرفه غبية فقد كان يمكن ارسال انابة قضائية الى شادي المولوي بدلا من الفخ الذي نصب له". واضاف ان "قصة الاردني (المتهم بالتورط في شبكة ارهابية) تذكرنا بشاكر العبسي". كما سخر من المعلومات التي تحدث عن ارسال عناصر ارهابية الى لبنان للقيام باغتيالات متسائلا: "من اين ستأتي؟ من مطار بيروت وهو مسيطر عليه من الامن العام او من الحدود وهي مسيطر عليها من الجيش؟… هذه الاسطوانة تذكرنا بابو عدس".
ويشار في هذا السياق الى ان رئيس مجلس النواب نبيه بري وصف امس امام النواب المعلومات عن الاغتيالات بانها "جدية".
اما جعجع، فرد من جانبه على قول العماد ميشال عون انه لم يأخذ محاولة اغتيال جعجع على محمل الجد، ملاحظا ان "عون وحده الى جانب حزب الله لم يصدق الخبر". واذ قارن بين هذا الموقف و"عدم تصديق عون لكل حوادث الاغتيال" السابقة، خلص الى ان "عون يساهم في شكل مباشر او غير مباشر أو يتحمل مسؤولية معنوية او ادبية في محاولات الاغتيال كافة من خلال مواقفه".

أزمة المياومين
ولم تحجب التطورات الامنية في طرابلس تصاعد ازمة المياومين وجباة الاكراء في ظل اقتحام المئات منهم امس مؤسسة كهرباء لبنان وتوزعهم على طبقاتها مطالبين باخلائها ومهددين بحرق المكاتب في سياق مطالبتهم بالتثبيت في ملاك المؤسسة. واستدعت المؤسسة قوى الامن بعدما اخليت المكاتب من الموظفين. ولم يغادر المحتجون المؤسسة الا عصراً بموجب اتفاق قضى بعقد اجتماع بين وفد منهم اليوم واللجنة الفرعية الإدارة والعدل في مجلس النواب.

السابق
واشنطن بوست: أسلحة للمعارضة السورية بأموال خليجية وتنسيق أميركي !!
التالي
رئيس حكومة طرابلس فقط محظوظاً وملعوناً