اللواء: سليمان: لن أتراجع عن تسمية شبطيني وحرام أن تجري الإنتخابات على أساس قانون الستين

بين دفاع وهجوم وكرّ وفرّ، طغت النزعة الانتقامية على كلمات النواب العشرين الذين تناوبوا على منبر مجلس النواب، في يومه الثاني من جلسات المناقشة العامة التي أرادها الرئيس نبيه بري أن تلمّع المشهد اللبناني بألوان ديموقراطية، علّها تناظر بعض مزايا الربيع العربي الذي تشهده دول المنطقة.

وفرضت وقائع اليوم الأول إعادة وضع "أجندة" نيابية غاب عنها الموضوع الرئيسي للمناقشات، فحلّت السجالات محل الانتقادات، وطغت الشخصانية على الموضوعية، وذهب كل فريق نيابي الى نصرة تياره أو اتجاهه، ظالماً كان أو مظلوماً، مما أحدث شرخاً بين المجلس والرأي العام، فيما كان الرئيس ميشال سليمان يطلق صرخات في وادي أوستراليا السحيق، ترددت أصداؤها في الأوساط السياسية والإعلامية والديبلوماسية، في حين بقيت الرابية تصمّ الآذان عن الرأي المسيحي الآخر، في ما يتعلق بالمسائل الوطنية، أو التعيينات الإدارية للموظفين المسيحيين، نظراً لانشغال النائب ميشال عون بإدارة ملف تصدي نوابه لجحافل هجومات 14 آذار، مع أن جبهة الحرب في ساحة النجمة كانت هادئة لدرجة أن نظرة أو صرخة أو مطرقة الرئاسة الثانية، كانت كفيلة بامتثال النواب لمقتضيات الاستقرار العام، والانتساب إلى الديموقراطية اللبنانية!

وركّزت الأجندة المختلفة للرئيس سليمان على مقاربة برسائل متعددة الاتجاهات من زاوية أن الرئاسة الأولى يجب أن تلعب دورها في إدارة لعبة التوازنات، وأن تتحوّل إلى نقطة ثقل في إنتاج القرارات، ما دامت تحظى بتفاهم مع الرئاسة الثالثة وتفهّم مع الرئاسة الثانية.

وقد تحدث الرئيس سليمان مع الزملاء الإعلاميين الذين التقاهم على عشاء أقامه على شرفهم، على مجمل عناوين المرحلة:

1- فهو مع قانون النسبية وليس مع قانون الـ 60 الذي من الحرام أن تجري الانتخابات على أساسه، لكنه في النهاية يخضع للخيار الديموقراطي الذي يأخذ به مجلس النواب.

2- بشّر الرئيس سليمان بقرب صدور التشكيلات الديبلوماسية، لكنه خاطر بموقف من مجلس القضاء الأعلى،. إذ أعلن بوضوح أنه متمسك بموقفه من تعيين القاضية أليس شبطيني في مركز رئيس مجلس القضاء الأعلى حتى لو انقضت ولايتها على أن يليها من يأتي بعدها بالأقدمية.

ومع إقراره بأن مسألة تعيين رئيس مجلس القضاء الأعلى لم تعد تحتمل أي تأخير، إلا أنه كشف أن وزير العدل شكيب قرطباوي لم يقدّم مرشحه حتى الآن.

3- أما في المسألة السورية، فقد توقع سليمان أن لا تنتهي الأزمة السورية إلا بإرساء الديموقراطية، مشيراً إلى أنها آتية بقوة، ولافتاً إلى أن القيادة السورية بدأت تتفهم موقف لبنان المعارض لتسليم معارضين سوريين لجأوا إليه.

4- ولم تخل رسائل سليمان من رسالة غير مباشرة إلى اليرزة وربما إلى أبعد منها عندما استبعد مجيء عسكري من بعده رئيساً للجمهورية، انسجاماً مع المسار الديموقراطي السائد، لكنه أكد في المقابل أن العسكري هو أكثر ديموقراطية من السياسي الذي يصح أن يطلق عليه لقب عسكري.

استقرار مطلوب

هذه المواقف لرئيس الجمهورية، طغت على أجواء مناقشات اليوم التالي في المجلس، خصوصاً وانها ترافقت "بكلمة سر" خفية كانت وراء حلحلة اضراب السائقين والافران والأساتذة، حيث ارجئ اضراب قطاع النقل البري إلى الخميس المقبل، وعلق أيضاً اضراب الافران بعد تفاهم مع وزير الاقتصاد، فيما احيل ملف الأساتذة إلى الجامعة، وكأن هناك نوع من تسليم محلي واقليمي ودولي لقرار الاستقرار العام في البلاد والتمسك به، وهو الذي جعل احد نواب قوى 14 آذار (سامي الجميل) يقول بأن موضوع سلاح "حزب الله" لم نكن ننوي طرحه، التزاماً بهذا الاستقرار، وذلك قبل ان يثير نائب "حزب الله" حسن فضل الله ما اثاره من اتهامات بحق حزب الكتائب.
ولعل اللافت، في هذا الإطار، اعتماد مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، محطة انتقال لفريق المراقبين الدوليين إلى سوريا، حيث حطت فيه 4 طائرات ايطالية حملت على متنها عشر سيّارات لفريق المراقبين، في إشارة إلى أن استقرار لبنان هو حاجة دولية، فضلاً عن كونه حاجة إقليمية، عبّر عنها الرئيس سليمان أمام الجالية اللبنانية في اوستراليا، بأن لبنان لم يعد ساحة لأحد او ممر اذى للشقيقة سوريا أو لأي دولة عربية.

اليوم الثاني

وساهم في تحقيق نوع من تفريج الأجواء أيضاً، مسارعة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إلى الاتصال ليل أمس بعضو كتلة "المستقبل" النائب عمار حوري الذي اثار في الجلسة الصباحية موضوع استدعاء 19 شاباً من الطريق الجديدة لمحاكمتهم أمام المحكمة العسكرية غداً الجمعة، على خلفية احداث جامعة بيروت العربية التي وقعت في العام 2007، محذراً من ايقاظ الفتنة النائمة، وأبلغ ميقاتي الحوري بتجميد هذا الاستدعاء من قبل المحكمة، مؤكداً بأن الموضوع اقفل وبات منتهياً.

ولاحظ نائب آخر من كتلة "المستقبل" أيضاً، أن أهم شيء في الجلسة الثالثة من مسلسل جلسات المناقشة، رغم بعض الحدة في المداخلات، وخاصة في مداخلة النائب العوني زياد أسود، كانت مداخلة نائب "حزب الله" نواف الموسوي التي فتحت الباب نحو استئناف حوار ما بين "المستقبل" والحزب، الا أن مداخلة النائب فضل الله في الجلسة المسائية ازالت هذا الاحتمال، رغم انها دفعت الرئيس فؤاد السنيورة لأن يكمل ما كان بدأه الموسوي من انفتاح فالتقاه على حدة بعد الجلسة الصباحية، واستكمل معه النقاش العلني.

وإذا كان النائب حوري اعتبر أن خلوة الرئيس السنيورة – الموسوي جاءت بنت ساعتها ولا يجوز تحميلها أكثر مما تحتمل، فان النائب محمد قباني لفت إلى أن كتلة "المستقبل" كانت تتوقع أن يمضي "حزب الله" في المسار الذي رسمه الموسوي، الا أن مداخلة فضل الله قضت على هذه الآمال، مشيراً إلى أن الموقف النهائي للحزب ممكن أن نتلمسه في مداخلات اليوم، حيّث يتوقع ان يتحدث رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمّد رعد، وكذلك النائب علي عمار.

وثمة ملاحظة ثانية سجلها قباني، وهي أن الجلسات لم تكن لمناقشة الحكومة، بحسب ما هو مفروض بل تحوّلت إلى سجال بين فريقين، مشيراً إلى أن نواب "المستقبل" والمعارضة، كانوا يصوبون على الحكومة ويوجهون سهام الانتقاد إلى ادائها، بما في ذلك أداء الوزراء وتشريحهم، في حين كان يأتينا الجواب من نواب عون الذين صوبوا في اتجاه ما اسموه "الإرث الثقيل"، وصبوا جام غضبهم على الحكومات السابقة التي كانوا يشاركون فيها أسوة بحزب الله، الذي هاجم في هذه الحكومات السابقة، الامر الذي استدعى ردودا من الرئيس السنيورة الذي تساجل مع النائب فضل الله بمشاركة نواب من "المستقبل"، غير ان هذا السجال بقي مضبوط الايقاع، بشكل اوحى من خلاله الجانبان انهما ليسا في وارد المواجهة المباشرة، سيما وان سجالات اخرى سجلت في السياق ذاته بين نواب عون والنائبين احمد فتفت وعمار حوري الذي كانت مداخلته مركزة ظهر من خلالها بأنه كان مستعدا لخوض غمار المعركة المباشرة مع الحكومة والاكثرية متسلحا بوقائع كادت ان توقع بين الفريق الاكثري على خلفية استحضاره لمواقف بحق عون من قبل حلفائه.

غير ان هذه الوقائع لم تلغ انطباعاً بأن غالبية النواب استفادوا من منصة البرلمان لشد عصب جمهورهم في اطار التحضير للانتخابات التي على ما يبدو ستنطلق مبكراً، كما انها لم تلغ القول بأن الجلسة تحولت إلى جلسة مواجهة بين اكثرية ومعارضة، وأن لا دخل للحكومة فيها، مع ان بعض الشظايا طالت رأس هذه الحكومة مباشرة، بحسب ما ألمح الرئيس ميقاتي بعد الجلسة، الا ان ذلك لم يؤد إلى اي استفزاز او استدراج للرد، حيث اكتفى ميقاتي بتدوين الملاحظات في اطار تدعيم رده المتوقع في نهاية الجلسة.

في موازاة ذلك، انشغل الرئيس بري في محاولة اختصار عدد طالبي الكلام لانهاء الجلسة مساء اليوم، بعدما شعر بأن اللائحة ستطول، خصوصا وان ثلاثة من اقطاب المعارضة وهم الرئيس السنيورة والنائبان بطرس حرب واحمد فتفت لم يكونوا قد طلبوا الكلام بعد، وهو لهذا الغرض لجأ إلى مناورة حقق خلالها ما يرمي اليه، حيث لوح للنواب بأنه مضطر لتمديد فترة الجلسات الى يوم السبت، بمعنى لن يكون هناك "ويك اند" عند النواب، الامر الذي دفع البعض الى شطب اسمه فيما "مان" هو في سحب اسماء 12 نائباً من نواب كتلتي الوفاء للمقاومة والتنمية والتحرير، الا ان نواب عون و"المستقبل" رفضوا التجاوب منتظرين وقائع جلسة اليوم التي قد تنتهي او تمدد.

السابق
الشرق: التقى رجال أعمال لبنانيين واوستراليين واشاد بالعلاقات المشتركة سليمان تابع زيارته الرسمية الى اوستراليا
التالي
حطب الحرب؟