النهار: مصوّر الجديد يسقط باستهداف سوري مباشر والبابا على خطى سلفه في لبنان النموذج

اتخذت الانتهاكات العسكرية والامنية السورية المتكررة للحدود اللبنانية – السورية في منطقتي الشمال والبقاع الشمالي بعداً تصعيدياً خطيراً مع استهدافها المباشر للمرة الاولى منذ بداية هذه الانتهاكات الجسم الاعلامي والصحافي، مما أدى الى استشهاد المصور الصحافي في محطة "الجديد" علي شعبان امس على أيدي القوات النظامية السورية.
والى الهزة الواسعة التي أثارها مقتل شعبان في الأوساط الرسمية والسياسية والاعلامية والصحافية والنقابية، شكل الاعتداء على فريق "الجديد" الذي كان يقوم بمهمة صحافية على الحدود في منطقة وادي خالد، احراجاً شديداً للسلطات اللبنانية التي لوحظ انها رفعت نبرة الاحتجاج والتنديد للمرة الاولى الى مستوى غير مسبوق في انتهاكات مماثلة، وطالبت دمشق بتحقيق عاجل في ملابسات قتل المصوّر الاعلامي.

واذ اكدت محطة "الجديد" استناداً الى شهادات اعضاء فريقها الذين كانوا في أرض المهمة ان الرصاص الذي قتل مصورها علي شعبان كان مصدره الجيش السوري النظامي، اثبتت الشهادات التي ادلى بها هؤلاء علناً او الى رجال التحقيق انهم عجزوا عن انقاذ زميهلم بعد اصابته لدى تعرض السيارة التي كانوا فيها لنحو 50 رصاصة اخترقتها. وروى المراسل حسين خريس ان الفريق كان أبلغ الاجهزة الامنية الحدودية المهمة التي يقومون بها في منطقة خط البترول المطلة على منطقة العرموطة السورية، وكانوا قبل حصول اطلاق النار على تواصل مع عناصر الهجانة عند الحدود السورية، مؤكداً ان "الوضع كان طبيعياً وهم يعرفون اننا اعلاميون ومن تلفزيون "الجديد" ولم يمانعوا". واضاف: "فجأة انهمر الرصاص كالشتاء فوق رؤوسنا وتم استهدافنا بالرصاص بشكل كثيف ومباشر من الداخل السوري فأصيب الزميل شعبان وكذلك السيارة وحاولنا جاهدين الاحتماء في المنطقة داخل الاراضي اللبنانية".

وأفادت معلومات ان صعوبات كبيرة حالت دون سحب اعضاء الفريق زهاء أربع ساعات، الى ان حضرت قوة من الجيش والقوة الامنية المشتركة وتمكنت من سحب الفريق وجثة شعبان ومن ثم السيارة.
وشكلت شهادات اعضاء الفريق رداً مباشراً على ما أوردته الوكالة العربية السورية للانباء "سانا" الرسمية عن مصدر اعلامي لم تسمه من ان المصور اللبناني علي شعبان قتل عندما رد حرس الحدود على نيران "مجموعات ارهابية مسلحة". ونسبت الى المصدر "ان نقطة لحرس الحدود السورية تعرضت اثناء وجود طاقم قناة الجديد على ما يبدو في المنطقة لاطلاق نار كثيف من مجموعات ارهابية مسلحة كما هي عادتها يومياً في محاولة لاختراق نقطة الحدود والتسلل الى الاراضي السورية حيث رد حرس الحدود على مصادر النيران".
وأعلن رسمياً ان رئيس الجمهورية ميشال سليمان الذي استنكر الحادث، اتصل بوزير العدل شكيب قرطباوي والامين العام للمجلس الاعلى اللبناني السوري نصري خوري والسفير اللبناني لدى سوريا ميشال خوري "طالباً جلاء ملابسات الحادث ومتابعة التحقيقات كي تأخذ الاجراءات القضائية مجراها وفق القوانين المرعية". ودعا الى "اجراء التحقيقات اللازمة لدى الجانب السوري لتحديد المسؤوليات ومنع تكرار مثل هذه الاعتداءات مستقبلاً".
كذلك ندد رئيس الوزراء نجيب ميقاتي بـ"اطلاق النار من الجانب السوري على الفريق الاعلامي اللبناني، خصوصاً ان هذا الفريق كان يقوم بمهماته داخل المنطقة الحدودية اللبنانية". وطلب من قيادة الجيش فتح تحقيق عاجل في الموضوع لكشف كل ملابساته، معلناً انه سيبلغ الجانب السوري "ادانته لهذا العمل المرفوض ومطالبتنا بالتحقيق في الاعتداء ومحاسبة الفاعلين".

وعلمنا  ان المراجع الرسمية لم تتبلغ حتى مساء امس اي موقف رسمي من الجانب السوري، في حين اتصل وزير العدل بالنيابة العامة التمييزية طالباً فتح تحقيق في كل ما حصل وبيان ظروف الحادث. واكد قرطباوي "ان تحقيقاً جدياً فتح في الحادث لكشف كل ملابساته".
وأثار الحادث موجة استنكار واسعة، وحمّل الرئيس سعد الحريري الحكومة مسؤولية هذا "الاعتداء على السيادة اللبنانية" واتهمها "بالتغاضي عن سلسلة الاعتداءات والاختراقات المتواصلة التي تقوم بها القوات السورية للاراضي اللبنانية منذ أشهر ولم تتخذ حتى الآن التدابير والاجراءات اللازمة لوضع حد نهائي لها ومنع تكرارها".

اجتماع معراب
في غضون ذلك، علمنا أن الامانة العامة لقوى 14 آذار بدأت توزيع دعوات على نحو 200 شخصية بينها عدد كبير من رؤساء الأحزاب والنواب والوزراء السابقين للمشاركة في اجتماع موسع واستثنائي في مقر حزب "القوات اللبنانية" في معراب الخامسة بعد عصر غد الأربعاء. وادرجت الجهات المنظمة الاجتماع في إطار "توافق قيادات 14 آذار على ابراز مشهد وطني متضامن مع رئيس حزب "القوات" سمير جعجع عقب محاولة اغتياله".
وقالت ان هذه الخطوة تهدف أيضاً الى "تأكيد عزم هذه القوى على مواجهة المرحلة المقبلة المليئة بالتحديات في ضوء تبدل القواعد الأساسية التي حكمت لبنان منذ عام 2008 بدليل محاولة الاغتيال في معراب". ويجري وضع مسودة بيان يصدر عن المجتمعين بهذا المعنى.
وفي سياق مكمل لهذا الاجتماع قالت مصادر بارزة في قوى 14 آذار انه بعد محاولة اغتيال جعجع وادراك السلطات اللبنانية أن "المحاولة لم تكن مزحة اقتربنا من المكاشفة في مجلس النواب حيث لا سكوت بعد الآن ولا مهادنة مع الحكومة ولا تقطيع للوقت".

زيارة البابا
هذه التطورات الداخلية لم تحجب أهمية الاعلان المتزامن الذي صدر عن الفاتيكان وقصر بعبدا والمركز الكاثوليكي للاعلام الاحد الماضي، في مناسبة عيد الفصح، عن الزيارة التي سيقوم بها البابا بينيديكتوس السادس عشر للبنان من 14 أيلول المقبل الى 16 منه، لتسليم "إرشاد رسولي" الى أساقفة الشرق الأوسط.
وأبلغت مصادر رسمية وكنسية "النهار" أن الاعداد للزيارة الأولى التي يقوم بها البابا بينيديكتوس السادس عشر للبنان، لا تقل أهمية وحجماً عن الزيارة المماثلة التي قام بها سلفه الراحل يوحنا بولس الثاني عام 1997، وعلى رغم اختلاف الظروف والأوضاع في لبنان والمنطقة، فان الزيارة البابوية المقبلة ستكفل ابراز بعد بالغ الأهمية بالنسبة الى لبنان ومسيحييه اذ تأتي وسط تطورات ضخمة تشهدها المنطقة، وتعيد صياغة الدور الرائد للبنان وسط محيطه كنموذج حيّ للتسامح وتفاعل الحضارات والحياة المشتركة بين مختلف الأديان، مما يعيد الثقة بهذا النموذج في العالمين العربي والغربي.
ويشار في هذا السياق الى ان الزيارة ستشهد محطات بارزة منها لقاء حاشد مع الشبيبة في حريصا وتوقيع الارشاد الرسولي ولقاءات مع الرؤساء الثلاثة وقداس ضخم في بيروت. وسيعلن البرنامج التفصيلي للزيارة بعد وضع اللمسات الأخيرة عليه بالتنسيق بين الفاتيكان وقصر بعبدا والجهات الكنسية المسؤولة.

السابق
الشرق: الراعي لسليمان في قداس عيد الفصح: نعمل معكم لوحدة اللبنانيين بعيدا من اي انقسام
التالي
السفير: دمشق وموسكو: موقف مشترك اليوم من خطة أنان وسبل تنفيذها