السفير: روسيا وإيران تتحدثان عن مرتزقة لعرقلة الحل وآلاف المقاتلين الأجانب في سوريا

حذر مبعوث الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية إلى سوريا كوفي انان، في القاهرة أمس، من أن استخدام «المزيد من العسكرة» سيؤدي الى تدهور كبير في الأزمة السورية، في حين سمع المبعوث الاممي – العربي كلاما واضحا من مصر التي رفضت تحويل الازمة الى «حرب اهلية تخلق ضررا هائلا بالمنطقة». وقال انان إنه سيحث الحكومة السورية والمعارضة بكل اطيافها على وقف العنف والسعي إلى تسوية سياسية، في إشارة إلى انه سيحمل معه إلى دمشق غدا السبت خطة شبه محددة للبحث عن مخرج.

في هذا الوقت، أعلنت موسكو أن النظام السوري يقاتل «ارهابيين» يدعمهم تنظيم القاعدة، بينهم 15 ألف أجنبي على الأقل سيستولون على بلدات في أنحاء سوريا في حالة انسحاب القوات الحكومية منها، فيما اتهمت طهران دولا عربية بارسال مرتزقة الى سوريا لمنع التقارب بين السلطة والمعارضة والوصول الى حل للازمة. وأعلنت الأمم المتحدة أنها تعد مواد غذائية تكفي 1,5 مليون نسمة في سوريا، في إطار خطة طوارئ عاجلة مدتها 90 يوما وبتكلفة تتخطى مئة مليون دولار، وذلك «لمساعدة المدنيين المحرومين من المواد الأساسية».
وأعلن الرئيسان التركي عبد الله غول والتونسي منصف المرزوقي، في تونس، معارضتهما أي تدخل أجنبي في سوريا، وشددا على ضرورة التوصل إلى حل سياسي. وحثا «على إنهاء أعمال العنف في سوريا» (تفاصيل ص 15 ).
وقال انان، في مؤتمر صحافي مع العربي في القاهرة بعد اجتماع مع وزير الخارجية المصري محمد كامل عمرو، «بينما أتوجه إلى سوريا سأبذل كل ما في وسعي للحث على وقف القتال وإنهاء العنف، لكن بالطبع فإن الحل في النهاية يكمن في التسوية السياسية. سنحث الحكومة وقطاعا كبيرا من المعارضة السورية على العمل معنا من اجل التوصل إلى حل يحترم تطلعات الشعب السوري».

وأضاف انان، الذي يتوجه إلى دمشق غدا السبت، «آمل ألا يفكر أحد بجدية شديدة في استخدام القوة في هذا الموقف. اعتقد أن المزيد من العسكرة سيزيد الوضع سوءا». وتابع «يتعين أن نتوخى الحذر وألا نقدم دواء هو أسوأ من المرض. نحن لا نحتاج للذهاب بعيدا في المنطقة لنجد مثالا لما أتحدث عنه». ولم يذكر المثال رغم انه كان أمينا عاما للأمم المتحدة عندما غزت قوات الاحتلال الأميركي العراق في العام 2003.
كما حذر من ان «حسابات خاطئة» بشأن الوضع في سوريا قد تكون لها آثار على المنطقة باسرها. وقال «يجب الا ننسى الآثار المحتملة لسوريا على المنطقة في حالة اي حسابات خاطئة».
وتساءل العربي «من الذي يريد عملا عسكريا؟ المعارضة (السورية). لكن ليس كلها يريد ذلك». وهون من شأن تصريحات السيناتور الأميركي جون ماكين الذي يؤيد عملا عسكريا في سوريا. وقال «إنه عام الانتخابات» في الولايات المتحدة. وأضاف «في الوقت الراهن لا أعتقد أن أحدا يدرس الخيار العسكري». وتابع «لا احد يرى إطلاقا إعادة السيناريو الليبي».

وقال انان «الشعب السوري يحتاج إلى مساعدة. إنه في وضع مزر، ويتعين علينا أن ندفع جاهدين ونواصل الجهود الدبلوماسية التي تعمل بشكل جماعي على وقف هذا القتل». وأضاف «يتعين علينا كذلك أن نكون واقعيين تماما عندما نطرح مقترحات على الطاولة لنفهم أنه يمكن تنفيذها وستحقق النتائج الصحيحة، وإلا فإننا نتعلق بآمال كاذبة أو نخلق المزيد من المشاكل».
وكانت مبادرة عربية تدعو الرئيس السوري بشار الأسد للتنحي أساسا لمشروع قرار عربي – غربي قدم الى مجلس الأمن واستخدمت روسيا والصين حق النقض (الفيتو) ضده. ووردت المبادرة العربية في قرار للجمعية العامة للأمم المتحدة لكن مثل هذه القرارات غير ملزمة. وقال انان «قرار (الجمعية العامة) يقول كذلك إن العملية يجب أن يقوم بها السوريون وتكون خاصة بهم».
وقالت بعض الدول العربية، خاصة دول الخليج بقيادة السعودية وقطر، إنها مستعدة لتسليح المعارضة. وقال العربي «المحاولة حاليا كما ذكر (انان) أن نصل إلى حل عن طريق اتصالات مع الحكومة السورية والمعارضة بحيث يمكن أن يصل في النهاية إلى التسوية أو وضع مقبول يؤدي إلى تحقيق مطالب الشعب السوري».

وكان انان قال، بعد محادثات مع عمرو، «بينما أتوجه إلى سوريا سأبذل كل ما في وسعي للحث على والمطالبة بوقف القتال وإنهاء القتل والعنف. الشعب السوري يستحق أفضل من ذلك. هذا شعب شجاع (تاريخه) يعود لقديم الأزل وهو في مرمى النار». وأضاف «لكن بالطبع فإن الحل في النهاية هو التسوية السياسية. سنحث الحكومة وقطاعا كبيرا من المعارضة السورية على التعاون للعمل معنا من اجل التوصل إلى حل يحترم تطلعات الشعب السوري».
ودعا انان «المعارضة السورية الى ان تأتي (بجميع اطيافها) لتعمل معنا من اجل البحث عن حل يحقق طموحات الشعب السوري».
وأوضح أنان أن مهمته في سوريا تهدف إلى «وقف العنف وضمان وصول المساعدات الإنسانية وبدء عملية سياسية للوصول إلى حل يضمن الحقوق الديموقراطية للشعب السوري ضمن سياق القرار الصادر عن الجمعية العمومية للأمم المتحدة». واعتبر أن «هناك حاجة لتغيير المسار في سوريا»، وقال إن «المبادرة العربية موجودة وهي تنص على إدارة العملية السياسية بأيد سورية». وتابع «سنبذل قصارى جهدنا من اجل التعجيل بوقف الأعمال العدائية ووقف القتل والعنف. لكن بالطبع الحل النهائي (للازمة) يكمن في التسوية السياسية».

وتأتي زيارة انان للقاهرة قبل يومين من اجتماع يكتسب أهمية كبيرة بين وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونظرائه العرب السبت في العاصمة المصرية.
وقال عمرو إن مصر ستقدم لأنان كل الدعم الممكن، مضيفا إن انان في وضع يؤهله للتوصل إلى حل لهذه الأزمة في إطار مبادرة الجامعة العربية.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية عمرو رشدي إن عمرو عرض خلال اجتماعه مع انان «رؤية مصر القائمة على ضرورة الحفاظ بكل السبل الممكنة على وحدة سوريا الإقليمية، وحذر من أن طبيعة سوريا الجغرافية والبشرية ستلحق ضررا هائلا بالمنطقة إذا ما تحول الوضع إلى حرب أهلية مسلحة». وأضاف ان عمرو حذر كذلك من أن «انفجار الموقف في سوريا لن تقتصر آثاره على سوريا فقط وإنما ستمتد إلى المنطقة بأسرها».
وذكرت وكالة «الاناضول» ان انان اتصل بوزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو. وذكرت مصادر دبلوماسية تركية أن الطرفين ناقشا مطولا الأوضاع الأمنية والسياسية في سوريا. وأشارت إلى أن انان أعرب عن رغبته في زيارة تركيا، وذلك في إطار مشاوراته وزيارته لدول المنطقة.

روسيا
وقالت الأمم المتحدة إنها تعد إمدادات غذائية تكفي 1,5 مليون نسمة في سوريا في إطار خطة طوارئ عاجلة مدتها 90 يوما لمساعدة المدنيين المحرومين من المؤن الأساسية.
وأعلن المسؤول في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية جون جينغ، أمام «المنتدى الإنساني بشأن سوريا» في جنيف، أن «الأمم المتحدة تعد مواد غذائية تكفي 1,5 مليون نسمة في سوريا، في إطار خطة طوارئ عاجلة مدتها 90 يوما لمساعدة المدنيين المحرومين من المواد الأساسية». وتتعدى كلفة الخطة المئة مليون دولار (تفاصيل ص١٥).
وقال نائب المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة في جنيف ميخائيل ليبيديف، خلال الجلسة، ان النظام السوري يقاتل «إرهابيين» يدعمهم تنظيم القاعدة.
وقال ليبيديف إن «المتمردين» نفذوا في الآونة الأخيرة هجمات على نطاق واسع ضد البنية التحتية السورية بما في ذلك مدارس ومستشفيات. وأضاف «هجمات الجماعات الإرهابية تشمل عمليات قتل وتعذيب وترويع للسكان المدنيين. تدفق كل أنواع الإرهابيين من بعض دول الجوار يتنامى باطراد».
وقال ليبيديف، ردا على سؤال لوكالة «رويترز» حول تصوره لعدد المقاتلين الأجانب في سوريا، «كم عدد الذين دخلوا (البلاد) بطرق غير مشروعة. الحدود هناك غير مرسومة، غير محددة. لذلك لا يعرف أحد. لكنهم 15 ألفا على الأقل». وتابع «نحث شركاءنا على عدم الخضوع لإغواء تضخيم الأشياء لكن على الاسراع بصياغة منهج متوازن واحترافي لمساعدة كل شرائح الشعب السوري من دون استثناء. معظم المسلحين يتبعون تنظيم القاعدة بشكل مباشر أو على صلة وثيقة بها».
وقال ليبيديف لـ«رويترز» ان المعلومات بشأن صلات «القاعدة» في سوريا «حقيقة لا لبس فيها»، لكنه رفض ان يقول ما اذا كانت روسيا ستقدم أدلة للأمم المتحدة لتعزيز ادعائها أن المتمردين السوريين يرتكبون اعمال تعذيب. وأضاف «كل ما أعرفه هو انه طوال الوقت في (الحروب التي خاضتها روسيا في منطقة) الشيشان لم يصدقنا أحد حين قلنا ان الجماعات الإسلامية التي تعمل سرا بما فيها منظمات ارهابية تطور عملياتها على أرضنا. بعد خمس سنوات فقط تلقينا اعترافا بأننا فعلنا كل ما هو صواب». وتابع «إذا طالبنا بأن تسحب القوات السورية قواتها من المدن من دون ان نوجه نفس النداء للمعارضة يتعين ان نستعد لنرى البلدات المعنية تُحتل على الفور من جانب الجماعات المسلحة العنيفة».

وكرر نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف قوله ان «روسيا لن توافق على تمرير أي مشروع قرار لمجلس الأمن الدولي حول سوريا يتضمن أي ثغرات تسمح باستخدام القوة ضد دمشق، ولا يجوز أن يحتمل القرار قراءات مختلفة».
وقال مصدر مسؤول في وزارة الخارجية السعودية، في بيان، «اطلعت وزارة خارجية السعودية على البيان الصادر باسم المتحدث الرسمي لوزارة خارجية روسيا الاتحادية في 4 آذار الحالي، الذي يتضمن اتهامات خطيرة للمملكة بدعمها للإرهاب في سوريا».
وأضاف «تعبر وزارة الخارجية عن رفضها واستهجانها الشديد لهذه التصريحات غير المسؤولة، والمجانبة لحقيقة حرص المملكة على التعامل مع الأزمة السورية وفق قواعد الشرعية الدولية وعبر مجلس الأمن الدولي المعني بحفظ الأمن والسلم الدوليين، وهي الجهود التي للأسف تم إجهاضها وتعطيلها بالفيتو، معطيا بذلك نظام سوريا رخصة للتمادي في جرائمه ضد شعبه الأعزل، وبما يتنافى مع الأخلاق الإنسانية، وكافة القوانين والأعراف الدولية».
وتابع «لا بد من الإشارة في هذا الصدد إلى أن الاتهامات الروسية مبنية على افتراضات خاطئة يرددها إعلام النظام السوري، ورفضها المجتمع الدولي، والتي تزعم أن القاعدة ومجموعات مسلحة إرهابية تشكل العمود الفقري للمعارضة السورية. إن هذا التوجه الذي يعبر عن مساندة صريحة لنظام يرتكب ما يصل إلى مستوى جرائم ضد الإنسانية، قد يترتب عليه أن يصبح المساند لهذه الأفعال عرضة للمسؤولية الأخلاقية والقانونية الجنائية لاحقاً جراء هذا الموقف، والتاريخ وحده هو الذي يرد على اتهام تسليح الإرهابيين، ويشهد بما لا يقبل الشك على من هم الإرهابيون ومن وراءهم».

طهران
واتهم السفير الإيراني لدى فرنسا علي اهاني، في مقابلة مع «رويترز»، دولا عربية بإرسال مرتزقة إلى سوريا لإجهاض اي فرصة للتوصل إلى تسوية من خلال التفاوض تنهي الأزمة السورية.
واتهم أهاني، النائب السابق لوزير الخارجية، دولا عربية معينة بتمويل المعارضة السورية وتسليحها. وقال «لدينا معلومات بشأن ارسال اموال وأسلحة ومرتزقة إلى هناك لعرقلة الامور»، لكنه لم يحدد الدول التي يأتي منها المرتزقة. وأضاف «هناك معلومات عن ان دولا عربية معينة أرسلتهم (المرتزقة) وتمولهم الولايات المتحدة، بل حتى إسرائيل».
واعتبر ان التدخل الخارجي يحول دون توصل المعارضة والحكومة إلى تسوية عبر التفاوض، مضيفا ان هذه التسوية هي الأمل الوحيد لحل الأزمة. وقال ان الحكومة السورية يجب ان تحقق مطالب الشعب السوري لكنه شدد على ان التدخل الخارجي يجعل ذلك أكثر صعوبة.
وقالت وزارة الخارجية الصينية إن مبعوث الصين لسوريا أبلغ الحكومة السورية والأطراف الأخرى بضرورة وقف العنف فورا ومساعدة الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر في توزيع المساعدات بالمناطق التي تأثرت بالصراع. وقال المتحدث باسم الوزارة ليو ويمين إن المبعوث لي هوا شين أبدى أيضا دعم بكين عملية الوساطة بين الحكومة السورية والجماعات المعارضة التي تقوم بها الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية.

ليبيا
قال رئيس الحكومة الليبية عبد الرحيم الكيب، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون في واشنطن، انه «ليس على علم» بوجود معسكر لتدريب متمردين سوريين في بلاده، كما اعلن المندوب الروسي لدى الامم المتحدة فيتالي تشوركين امس الاول.
وقال الكيب «في ما يتعلق بمعسكرات التدريب هذه، انا لست على علم بها، الا اذا كان الامر حصل من دون إذن الحكومة، وانا استغرب ذلك». وكانت ليبيا اعلنت نهاية شباط عن مساعدة انسانية بقيمة مئة مليون دولار للسوريين لدعمهم في معركتهم من اجل الحرية ضد «النظام الديكتاتوري».
وقالت كلينتون «نحن نعمل مع المعارضة السورية عن كثب لمحاولة مساعداتها للتمكن من تقديم ذلك النوع من الجبهة الموحدة والتصميم الذي أعرف أنهم يشعرون بأنه ضروري في هذا الكفاح ضد نظام (الرئيس السوري بشار) الأسد».
وقال وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ، امام البرلمان البريطاني، إنه يجب على لندن أن تكون مستعدة لتقديم «أجهزة» للمعارضة السورية، معربا عن قلقه حيال إمكانية إيصالها إلى البلد أو وقوعها في ايدي المتطرفين. وأوضح «بإمكاننا أن نساعد، وسنواصل مساعدة مجموعات سلمية من المعارضة السورية، ولا أستبعد زيادة حجم المساعدات غير القتالية».

ميدانيات
أعلن معاون وزير النفط السوري عبده حسام الدين، في شريط فيديو بث على «يوتيوب» انشقاقه عن النظام. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الاميركية فيكتوريا نولاند «يتعذر علينا حتى الآن تأكيد صحة الشريط على اليوتيوب» الذي اعلن فيه المسؤول «انشقاقه»، لكن اذا تأكدت المعلومة «فستكون نبأ سارا جدا». واضافت «هذا سيكون حصل فعلا بالتوافق مع الدعوات التي اطلقتها وزيرة الخارجية والرئيس (باراك اوباما) والتي تطلب من المسؤولين الكبار في النظام ان يقطعوا علاقتهم مع الاسد».
وقال المرصد السوري لحقوق الانسان، في بيان، «قتل ثمانية اشخاص في محافظة ادلب، التي استقدمت القوات النظامية تعزيزات عسكرية وآليات اليها، ودير الزور وريف حماه وتلبيسة في حمص». وقال سكان، لوكالة «رويترز»، إن «قوات الأمن السورية أصابت ثلاثة عندما أطلقت النار على جنازة منشق في حي المزة في دمشق».
وذكر المرصد «استهدف انفجاران مركزين امنيين في مدينة اعزاز القريبة من الحدود السورية التركية» في محافظة حلب، مشيرا الى ان «الانفجار الاول استهدف مفرزة الاستخبارات العامة (امن الدولة) والثاني قسم الامن الجنائي، وتلتهما اشتباكات عنيفة بين القوات النظامية ومجموعات منشقة».

السابق
وثائق تستبق زلزالاً؟
التالي
وقفة تضامنية مع الاعتداءات المتنقلة من صيدا الى جزين