اللواء: سليمان وميقاتي يعوّمان الحكومة … وعون أول الخاسرين

طارت جلسة اليوم الثاني من دون ان تحقق لا رغبة النائب ميشال عون باقرار مشروع القانون المتعلق باعتماد 8900 مليار ليرة ولا اقتراح قانون بدل النقل المقدم من عضو كتلته ابراهيم كنعان، ولا رغبة كتل 14 آذار بإيجاد تسوية قانونية لانفاق الـ11 مليار دولار خلال السنوات الماضية.
ومع هذه النتيجة تبادل الطرفان الضربات بالتعادل السلبي، فلا الازمة حلت، ولا التفاهم الذي صيغ في غداء عين التينة كوّن ارضية لتحويل الازمة الى مرحلة انفراج بين الاطراف السياسية، او نظرة الى الامام، كما قال الرئيس فؤاد السنيورة وهو يساجل في سبيل ترابط مساري التسوية المالية من خارج الموازنة في السنوات الماضية.
واذا كان المشهد بين السراي وقصر بعبدا مضى في سبيله فلا عوائق لتصفية تركة شربل نحاس الثقيلة، فسلك مرسوم النقل كما اعتمد كعرف، طريقه الى الجريدة الرسمية، فصار بإمكان الاجراء والموظفين في القطاع الخاص ان يقبضوه، سواء جرى تسريع الاجازة للحكومة بقانون ان تحدد بدل النقل او تباطأت العملية، فإن الاطراف انبرت لتقييم نقاط الربح والخسارة، في جولة الانتقال من الازمة الوزارية الى الانفراج الحكومي الذي لم يصل بعد الى انفراج ساسي:
1- كسب الرئيسان ميشال سليمان ونجيب ميقاتي الرهان على الصمود عند موقفيهما، فانتزعا مرسوم النقل كما جرى العرف، وازاحا "الوزير المتعب" نحاس الذي بدا جاثماً على صدر مجلس الوزراء في كل جلساته، ومهدا للعودة الى جلسات مجلس الوزراء بصيغة بديا فيها كمنتصرين.
2- ثاني الرابحين كان الرئيس نبيه بري الذي بقي يمسك العصا من الوسط، فحافظ على قوة انسجامه مع حليفيه الرئيسين سليمان وميقاتي، ولم يغضب ميشال عون بانتظار التعيينات، وبقي على خيط اكثر من رفيع مع كتلة وليد جنبلاط وقوى 14 آذار.
3- شعرت قوى 14 آذار انه ما زال بإمكانها ان تعلب بقوة على مسرح ساحة النجمة فأطاحت بالجلسة عندما بدا ان التسوية القانونية للنفقات المالية خارج الموازنة لم تكن شاملة ومنصفة، وظهر ان ثمة تناغماً مع الكتلة الجنبلاطية.
4- أما النائب ميشال عون فجاء اول الخاسرين في الاشتباكين الحكومي والنيابي، وهذا ما عكسه في تصريحه المتوتر بعد الجلسة، والذي جدد فيه دعواه بأنه لن يساهم بتغطية الخلل المالي عن السنوات السابقة.

اليوم الطويل
وفي المجمل، سار اليوم النيابي والحكومي الطويل، قبل استراحة "الويك اند" التي ربما تمتد اياماً اخرى مع مغادرة الرئيس سليمان الى رومانيا الاثنين، بمعنى ان الجلسة الحكومية الموعودة قد تتأخر الى ما بعده، ريثما يصار الى وضع جدول اعمالها الذي يفترض ان يكون حافلاً ويغطي تلك المدة الطويلة من التعطيل بارادة رئاسية.
ويفترض ان يسبق انعقاد الجلسة صدور مرسوم بتعيين الوزير البديل لنحاس، والذي لن يكون امرأة حسب ما تردّد، بل شخص من المقربين للنائب عون وليس من بين الأسماء التي طرحت أمس في الصحف، بحسب تأكيد مصدر حكومي، الذي لفت إلى أن تعيين الوزير الجديد قد يتم خلال الساعات المقبلة، واغلب الظن بأن يكون القاضي سليم جريصاتي، وليس زوجته. الوزير نقولا فتوش وصل باكراً إلى السراي فاستقبله الرئيس ميقاتي، ووقع امامه مرسوم النقل، واحالته دوائر السراي إلى بعبدا فسارع الرئيس سليمان إلى توقيع مرسومي استقالة نحاس ومرسوم النقل.
 انعقدت الجلسة النيابية، في الموعد المحدد لها بمشاركة أقطاب من الأكثرية، من بينهم النائب عون الذي كان يطمح إلى "قبض" ثمن الاطاحة بنحاس، أقله إقرار اقتراح بدل النقل المقدم من النائب كنعان ومشروع قانون اعتماد 8900 مليار ليرة لتغطية الإنفاق لغاية 31/12/2011، لكن الأكثرية، كما يبدو لم تحشد النصاب المطلوب، إذ غاب النائب سليمان فرنجية، في موازاة حضور النائب وليد جنبلاط، فيما حضر النائب طلال أرسلان من دون أن يُشارك في الجلسة، وقيل انه اصيب بوعكة صحية في أحد مكاتب المجلس، لكن الحزب الديمقراطي اللبناني نفى ذلك، من دون ان يُبرّر سبب عدم المشاركة.

التسوية الشاملة
وبحسب مجريات الجلسة، فان المعارضة نجحت في فرملة إقرار اعتماد الـ8900 مليار ليرة وربطه بانفاق 11 مليار دولار في حكومات الرئيس فؤاد السنيورة وسعد الحريري، بين سنوات 2006 و2010، بشكل بات معه من الصعب تمرير الأوّل بمعزل عن الثاني، وهو بحد ذاته يُشكّل انتصاراً ولو مرحلياً للمعارضة التي كانت تتهم من قبل نواب الاكثرية الحالية بهدر هذه الأموال في مسارات مجهولة، وهذا يعني أن اي موازنة عامة مقبلة لن تولد ما لم يعالج هذن الموضوعين اللذين يمكن من خلالهما الولوج إلى تسوية ما حول قطع الحساب الذي يقف حائلاً من دون إقرار الموازنة.
وسجلت مصادر نيابية حرصاً فوق العادة للرئيس نبيه برّي في الوقوف في وجه تمدد الانقسام السياسي الذي ظهر بشكل مفزع في الجلسة، والعمل على منع اتساع رقعته، من خلال فتح المجال امام النواب للادلاء بآرائهم والعمل قدر المستطاع للتوفيق بين الأكثرية والمعارضة من خلال ابتداع تسوية ما، وعندما ايقن أن الظرف غير مناسب، طرق بمطرقته معلناً تأجيل الجلسة إلى الخامس من آذار المقبل، افساحاً في المجال أمام المزيد من التشاور والاتصالات لتأمين المناخات المطلوبة التي تساعد على تقريب وجهات النظر حيال هذا الملف الخلافي.
وقبل أن يطرح بري المشروع الرامي إلى تخصيص اعتماد 8900 مليار ليرة، أقرّ المجلس مشروع قانون رفع الضريبة على القيمة المضافة للمازوت الأحمر والأخضر، مع تعهد من الحكومة في تحرير السوق بعد إيجاد الموارد.

مطالعة السنيورة
وخلال النقاش حول الاعتماد المطلوب من الحكومة، بدا واضحاً أن المعارضة تريد في المقابل قوننة الإنفاق الذي حصل في ظل حكوماتها، فكانت للرئيس السنيورة مداخلة طويلة، أكد في خلالها أن إنفاق الـ 11 مليار دولار جرى في أمكنة خصصت لها، وقال منذ العام 2005 جرى إعداد موازنات بعضها أقرّ والآخر لم يجر إقراره في مجلس النواب، مضيفاً أنه لا يجوز أن يكون هناك صيف وشتاء تحت سقف واحد وأن نكيل بمكيالين، كما أنه لا يجوز أن يكون هناك إنفاق طاهر وإنفاق غير طاهر، عاكساً رغبة واضحة في تلازم حل الـ 11 مليار دولار مع الـ 8900 مليار ليرة.
وانتهى الرئيس السنيورة إلى توزيع نص اقتراح قانون لقوننة كل المبالغ التي أنفقت من خارج القاعدة الاثني عشرية منذ العام 2006 حتى العام 2011، وهو يتضمن مادة وحيدة بفتح اعتماد إضافي استثنائي في موازنة العام 2011 بقيمة 8900 مليار ليرة إضافية إلى أرقام موازنة العام 2005، على أن يجاز للحكومة فتح اعتمادات إضافية استثنائية بقيمة 16500 مليار ليرة لتغطية الانفاق الإضافي زيادة عما تتيحه القاعدة الاثني عشرية والحاصل في السنوات المالية 2006 حتى 2010 ضمناً.
وردّ الرئيس بري متحدثاً عن المرحلة التي أعقبت اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وما ترتب عليها على المستوى المالي، كاشفاً أنه بحث مع الرئيس السنيورة في تشكيل لجنة لا تمثل طرفاً من الكتل لإعطاء حلول قانونية مقبولة للأمور الخلافية حول الأموال والمراسيم التي أقرّت، غير أن الرئيس السنيورة أمل أن تكون اللجنة للموضوعين معاً، مقترحاً تأجيل الأمر لأسبوعين أو عشرة أيام، إلا أن هذا الاقتراح لم يلق القبول من رئيس المجلس ونواب الأكثرية، ولا سيما عون الذي انحاز إلى جانب الفصل، في حين ان نواب المعارضة ناشدوا بري العمل على تأليف لجنة تعطى مهلة محددة من الزمن للوصول إلى توافق محذرين من ان هذا الامر قد يزيد الشرخ القائم في البلد.

أزعور
وعلم ان النائب جنبلاط دخل على خط الوساطة بين الرئيسين بري والسنيورة مطالبا بحل سياسي للحقبة الماضية، عبر تسوية شاملة لملف الانفاق المالي، ألمح اليها وزير المال السابق جهاد ازعور، الذي اكد لـ "اللواء؛ ان المشكلة كلها سياسية، وحلها لا يكون إلا بالسياسة. مشيرا إلى ان الانفاق كان يتم بموجب تحويل من مصرف لبنان، وان كل العمليات التي تمت موثقة من قبل اكثر من مصدر، وان دفعات الحكومات السابقة موجودة من خلال مواقع الدفع الالكتروني، وبالتالي فإن القول بأنه لا توجد كشوف بالحسابات بحسب ما يقول عون او نائبه كنعان هو استخفاف بالعقول، وانه بالامكان لمن يريد التأكد من هذه الكشوفات مراجعة تحويلات مصرف لبنان.
لافتا النظر إلى المرحلة التي سبقت انتخاب الرئيس سليمان، حيث اضطرت حكومة الرئيس السنيورة بين عام 2006 و2008 اعتماد نظرية الظروف الاستثنائية تطبيقا لمبدأ استمرار المرفق العام، معتبرا ان الحكومات التي جاءت بعد انتخاب سليمان تصرفت بنفس الطريقة بحسب القوانين المطبقة، ومشيرا إلى ان الحل القانوني بالعودة إلى الموازنات السابقة واقرارها على غرار ما حصل في العام 1993.

نصر الله
الى ذلك، يطل الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله اليوم عبر الشاشة، في حفل تأبين والد الامين العام السابق للحزب الشهيد عباس الموسوي في بلدة النبي شيت البقاعية.
واكدت مصادر في الحزب ان نصر الله سيتناول في كلمته الشأن اللبناني – الداخلي، وسيكون له مواقف مهمة حول الوضعين المحلي والاقليمي.  

السابق
البناء: المعارضة تفشل في مقايضة الـ 11 مليار بقوننة الانفاق
التالي
الحياة: دور وازن لبري منع غلبة فريق … ولجنة من ثمانية للنقاط العالقة