الاخبار: بان كي مون في لبنان يتجاهل المحكمة الدولية

بان وماتيس، الأول مدني على رأس منظمة «سلام» دولية، والثاني عسكري يرأس القيادة الوسطى في الجيش الأميركي. والاثنان صالا وجالا في لبنان أمس، باحثَين في «مواضيع إقليمية»، وحاثّين لبنان على «تطبيق التزاماته»، وعلى أن يكون الجيش «قوة الدفاع الشرعية الوحيدة لضمان حدود لبنان»
عندما وصل الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، إلى منطقة وسط بيروت التجاري، كان الاعتصام اللبناني ـــــ الفلسطيني المندد بمواقفه قد انتهى منذ حوالى ساعتين ونصف ساعة، ولم يبق منه إلا مذكرة في مقر الإسكوا، تتضمن مطالب أحزاب الأكثرية وتحالف القوى الفلسطينية، من الأمم المتحدة، بما يضمن وقف الاعتداءات والانتهاكات الإسرائيلية، والتعويض عن أضرارها وإعادة الحقوق إلى أصحابها، ووقف التدخلات الأجنبية في الشؤون العربية.
الاعتصام بدأ في الثانية والنصف بعد الظهر، في وقت كان فيه بان ينتقل من المطار إلى مقر إقامته في فندق الفينيسيا، لينطلق منه بعد استراحة قصيرة إلى قصر بعبدا، حيث عقد لقاءً ثنائياً مع رئيس الجمهورية ميشال سليمان، ثم محادثات موسعة حضرها عدد من الوزراء اللبنانيين والوفد المرافق للمسؤول الدولي، وفي عداده طبعاً ناظر القرار 1559 تيري رود لارسن. ثم اجتمع عند الخامسة مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في السرايا الحكومية، لينهي جولته الرئاسية في عين التينة، مع رئيس مجلس النواب نبيه بري.
وهكذا، لم يتح لبان كي مون أن يسمع استنكار المعتصمين لمواقفه «المنحازة لإسرائيل»، وتنديدهم «بصمت الأمم المتحدة حيال الاعتداءات الصهيونية المتواصلة في لبنان وفلسطين»، مفضلاً ألا تلتقط أذناه إلا ما اعتاد سماعه من المسؤولين اللبنانيين، الذي تقاطع على نحو كبير بين بعبدا والسرايا، وعلى نحو أقل مع تمايز لعين التينة. سليمان وميقاتي أكدا التمسك بقوات اليونيفيل وبدورها، مستنكرَين الاعتداءات عليها. وأمل الأول أن «تؤدي المراجعة الاستراتيجية القائمة بين الجيش اللبناني واليونيفيل إلى اقتراحات من شأنها تسهيل تنفيذ القرار 1701، بكل مندرجاته من دون تعديل في عديد القوات الدولية أو مهمتها»، فيما رأى الثاني أن الاعتداءات على اليونيفيل لن تؤثر في عملها.
والاثنان، أي سليمان وميقاتي، تحدثا عن ضرورة دعم الجيش ليقوم بالمهمّات الموكلة إليه، مؤكدَين التزام لبنان بتطبيق هذا القرار، وطالبا في المقابل، بإلزام إسرائيل بتنفيذه. وطالبا أيضاً بتنفيد المبادرة العربية للسلام. وانضم إليهما بري في إعلان تمسك لبنان بتثبيت حدوده البحرية واستغلال ثرواته الطبيعية، ولا سيما النفطية والغازية منها في مياهه الإقليمية ومنطقته الاقتصادية الخالصة. واجتمعت الرئاستان الأولى والثانية، على إثارة موضوع استكمال نزع الألغام والقنابل العنقودية، وطالبت الأولى باستمرار المساعدة في مواجهة البقعة النفطية التي تسبب بها القصف الإسرائيلي لمعمل الجية الحريري، فيما طالب بري بالتعويض عن الأضرار التي خلفتها هذه البقعة. في الانفرادات، شدد سليمان على أن صدقية المجتمع الدولي تقتضي سعي مجلس الأمن إلى تطبيق قراراته الملزمة «بعيداً من ازدواجية المعايير، ولا سيما تلك الخاصة بقضية الحق والعدالة في فلسطين»، وقال إن لبنان كفيل عبر الحوار الداخلي «بالتوافق على كيفية تنفيذ» مقررات طاولة الحوار الأولى، «والمضي قدماً في البحث الإيجابي الهادف الى التوافق على استراتيجية وطنية للدفاع عن لبنان». بينما لفت ميقاتي إلى أن احترام لبنان الدائم لالتزاماته، ومنها ما يتعلق بالمحكمة الدولية، «لا يكفي من أجل تأمين الاستقرار والسلام، بل على المجتمع الدولي أن يواجه اسرائيل ويرغمها على التقيد بقراراته، ويمنعها من المضي في سياسة الاستعلاء والمكابرة وتجاهل الإرادة الدولية». وقال إن أولويات الحكومة هي العمل على تحقيق الاستقرار «وإبعاد لبنان عن تأثيرات الأوضاع الخارجية عليه». أما بري، فذكّر بأن «اسرائيل لم تقبل حتى الآن وقف الحالة العدوانية بعد حرب تموز، الى وقف إطلاق نار». وقال إن «روحية القرار 1701 توجب على الأمم المتحدة أن ترسم الحدود البحرية للبنان، كما رسمت الحدود البرية». كذلك قال بري لبان «إن ما يحصل في سوريا يختلف عما يقال عنه الربيع العربي»، مؤكداً «دعم المبادرة العربية بشأن سوريا»، آسفاً في الوقت نفسه «لأنه لا يزال يغيب عنها الشق السياسي، وسعي الجامعة العربية الى الحوار بين النظام والمعارضة».
وإذ لفت المكتب الإعلامي لبري، إلى أنه «لم يجرِ التطرق أو إثارة موضوع المحكمة الدولية خلال اللقاء»، أكدت مصادر قصر بعبدا والسرايا الحكومية أن الأمين العام للأمم المتحدة لم يأت على ذكر المحكمة الدولية الخاصة بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري «لا من قريب ولا من بعيد»، إلا في إطار الحديث عن التزامات لبنان. وأكدت مصادر الرؤساء الثلاثة أن لقاءاتهم مع بان كي مون لم تتطرق أبداً إلى مسألة تمديد اتفاقية إنشاء المحكمة، ولا إلى بروتوكولات التعاون بينها وبين لبنان.
وما أنهى به المسؤولون اللبنانيون كلامهم، بدأ به بان مؤتمراً صحافياً عقده في الفينيسيا، معلناً أنه ناقش في لقاءاته الثلاثة «الوضع الحالي في سوريا وآثاره المترتبة على لبنان». واستذكر شارل مالك ليقول إنه من المهم للبنان أن يوقع كل الاتفاقات المتعلقة بحقوق الإنسان «ويقدّم الحماية للاجئين والدعم من أجل العودة الى بلادهم». وتجاهل كل ما سمعه عن الانتهاكات الإسرائيلية، متحدثاً عما تتوقعه الأمم المتحدة من لبنان، وهو «التطبيق الكامل» للقرارات الدولية، وأن «يتعاون مع المحكمة الدولية، وأن يلتزم بكل موجباته الدولية، ونحن نتطلع إلى النتيجة». دون أن ينسى تحديد ما «يجب» على لبنان أيضا، وهو «ألا يكون هناك سلاح خارج سلطة الدولة»، معلناً أنه شجع سليمان «على الحوار الوطني لعدم بقاء أي سلاح خارج الدولة»، وأنه طلب من الحكومة اللبنانية اتخاذ التدابير الكفيلة بتحقيق أمن القوات الدولية، متحدثاً عن تعزيز وجود هذه القوات «وبذل المزيد من الجهود أيضاً في ما يتعلق بتطبيق قرارات مجلس الأمن».
وبالترتيب التالي، قال بان إنه استمع من بري إلى الجهود الآيلة إلى مشاركة المرأة في الحكومة، وشجع ميقاتي على مشاركة المرأة في الحياة السياسة، ثم تحدث عن التزام الأمم المتحدة بالعمل مع لبنان «لتأمين الاستقرار والأمن ومستقبل أفضل للبنان، والعمل من أجل سلام دائم وعادل في المنطقة، في سبيل قيام دولة فلسطينية تعيش جنباً الى جنب مع دولة إسرائيل».
أما زبدة مواقف بان، فجاءت في الحوار مع الصحافيين، حين قال إن «الأمم المتحدة تشعر بقلق شديد حيال القوة العسكرية الخاصة بحزب الله، ونتخوف من أي اختراق على صعيد التقدم في مسألة نزع السلاح»، مكرراً أنه شجع سليمان على إطلاق دعوة لاستئناف الحوار «من أجل نزع السلاح خارج الدولة».
وإذ لفت إلى أن ولاية المحكمة الدولية تنتهي آخر شباط المقبل، قال إن هذه الولاية «يجب أن تمدد»، أما مدة هذا التمديد، فقرار «سوف نتخذه بالتعاون مع المحكمة ومجلس الأمن الدولي، ونحن في خضم عملية تشاورية في هذه المسألة مع الأطراف المعنية، بما في ذلك الحكومة اللبنانية». وعن النازحين السوريين، قال إنه شجع الحكومة على اتخاذ التدابير اللازمة لاستقبالهم «لأسباب إنسانية، وعدم إعادتهم الى سوريا قبل زوال أسباب نزوحهم».
زائر آخر سار على خطى بان أمس، والتقى سليمان وبري وميقاتي، مضيفاً إليهم وزير الدفاع فايز غصن، وقائد الجيش العماد جان قهوجي، هو قائد المنطقة الوسطى في الجيش الأميركي جيمس ماتيس، الذي بحث ـــــ بحسب بيان للسفارة الأميركية ـــــ الوضع السياسي والأمني في لبنان، «ومواضيع إقليمية أخرى». وقالت مصادر عدد ممن التقاهم ماتيس إنه أكد أن ما تردد سابقاً عن وقف المساعدات الأميركية إلى الجيش اللبناني أصبح من الماضي، وأن المساعدات ستستمر دون توقف.

حزب الله وتايلاند

يلقي الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله خطاباً اليوم في مناسبة دينية، سيضمّنه الموقف السياسي للحزب من التطورات الداخلية والإقليمية. وفي سياق متصل، نفى عضو المكتب السياسي للحزب غالب أبو زينب أمس، ما أعلنته السلطات التايلاندية عن اعتقال عنصر من الحزب في تايلاند «بسبب تهديد امني مصدر المعلومات بشأنه اسرائيلي».
من جهة أخرى، أكد الرئيس السابق للحكومة سعد الحريري، عبر موقع «تويتر»، أنه سيحضر مهرجان الذكرى السابعة لاغتيال والده، معلناً أنه سيُقام في ساحة الشهداء في بيروت. 

السابق
“معاريف”: اسرائيل استعدت لحرب مع سوريا ولبنان عام 2007
التالي
السفير: بان: تمديد المحكمة وضبط الحدود … ونزع السلاح