الحلقة الأضعف

تختلف حسابات اللبنانيين حول ما يمكن ان يستجد في المنطقة، وهذا طبيعي نتيجة التباين والولاء بين النافذين فيهم وهم يختلفون حتى على أبسط الأمور ما لم تكن مصلحة هذا الطرف او ذاك يبدأ من الالتزام بالواجب الوطني الداعي إلى رؤية مشتركة في وقت يفرض التعاون والالتقاء على جامع مشترك يوفر الحصانة والمنعة ضد رياح تهب من غير جهة ولا بد من تلافي نتائجها السلبية.

ولا يفيد التريث بانتظار بلورة ما سيطرأ بل الاستعداد للمواجهة بما يضمن البقاء في دائرة الامن والاستقرار وهما لن يكونا لمن يختلفون حتى على جنس الملائكة كما يقال. فالعاصفة عندما تهب تجتاح من لا يقوى على عنفها وكذلك غير المتضامنين اذ يكون استغلال عوامل الفرقة هو السبب في التداعيات للغافلين عنها والمنشغلين بما يوفر الحصة الأكبر لأحدهم، وعندما تكون الرياح عاتية فلا بد من تناسي القضايا الشخصية والاهتمام بما يوفر القدرة على المواجهة بالاستعداد لها قبل ان تقع.
وأقسى ما في هذا الاسلوب هو الضياع وفقدان ما يحقق امن واستقرار الجميع في الوطن القوي سياسياً واجتماعياً واقتصادياً وعلى الاخص وحدة أبنائه، وهذا غير متوافر الآن ونحن نعجز عن اتخاذ قرار حتى زيادة الرواتب والأجور لان كل طرف يعمل لتبني انجازها في محاولة منه لكسب الرأي العام. وهذا غير صحيح لأنه لا يعدو كونه مزايدة يعرفها المواطنون قبل سواهم، وهم لا يعرفون من انتقادهم احد، ومع ذلك فالدوران في الحلقة المفرغة استمر واحتاج الخروج منها إلى مناقشة أربعة مشاريع واقتراحات كان لرأي مجلس شورى الدولة الغلبة كونه يلتزم الدستور والقوانين المعمول بها بصرف النظر عن نفوذ هذا الجانب او ذاك.

والادعى إلى الاعتبار ان التهديد الاسرائيلي يتضاعف ليس ضد لبنان وحده بل أبعد منه بذرائع لحجب الاستمرار في الاستيطان والتهويد وافشال مساعي السلام وجعل واشنطن اكثر احتضاناً لها ما دامت تلتزم سياستها وما تفعله بالنسبة لمن يعملون لتعزيز قدراتهم وامكاناتهم لاحباط مطامع الهيمنة والتسلط. لذا فإن على اللبنانيين بصورة خاصة البعد عن مراهنات غير واضحة او معروفة النتائج. وبما ان هذا البلد هو الحلقة الاضعف نتيجة خلافات اطرافه فإن معرض لتلقي الصدمات ما لم يكن مستعداً لتلافيها بعيداً مما هو حاصل من تجاذب وافتقار إلى وحدة موقف.

كذلك فإن الدوران في الحلقة المفرغة مستمر حول اعتماد قانون انتخابات نيابية توفر التمثيل الصحيح للمواطنين لاي فئة انتموا خصوصا الشباب، وما يقال حول الأخذ بالنسبية يواجه بموانع النافذين والعاملين للبقاء، على كرسي الزعامة وهذا ينسحب حتى على المواضيع التي لا تحتاج إلى هذا الجدل، كل هذه العوامل مجتمعة تصرف الاهتمام عما تتفق عليه غالبية المواطنين فيصبح الوطن معرضاً لما لا يرتضيه الموطنون كافة.
  

السابق
اصابة شخصين في الجية جراء اطلاق النار عليهما
التالي
النكتة السياسية