الأسد لم يلتقط اللحظة السياسية

ألقى الدكتور بشار الاسد امس خطابه الرابع منذ اشتعال شرارة الثورة السورية قبل عشرة اشهر. حاول الاسد الابن خلال خطابه، ان يبدو «متماسكا» و»قويا»، لكنه لم يفلح في ذلك، لأن ما جاء فيه (الخطاب) أظهر مدى خواء الاسد ونظامه السياسي، كما كشف عن ضعف وتفكك بنية النظام، حين اشار الى عدم تمكن النظام من فرض السيطرة على البلاد. وعدم قدرته على الامساك بزمام الامور، عندما حاول الباس الثورة الشعبية ثوب «الارهاب»، الذي لم يتمكن نظامه واجهزته الامنية وبلطجيته من ابراز الادلة الكاملة على مرتكبيه. لأن ما وصفه «الارهاب» اي الثورة امتدت لكل قطاعات الشعب. وبالتالي لا الاسد ولا شبيحته يمكن لهم توجيه الاتهام للشعب، الذي حاول ان يدعي، انه «ممثله»، وانه (الاسد الابن) سيترك النظام حين يقرر الشعب!؟
النقطة الاخيرة تشير ان الرئيس بشار، تعامى عن سابق تصميم واصرار عن رؤية الحقيقة، رؤية ان قطاعات الشعب المختلفة الثائرة منذ عشرة شهور، والتي خلعت عنها جلباب الخوف واندفعت الى الشوارع، ولم يثنها جبروت واستبداد وبطش النظام، المطالبة برحيل الاسد ونظامه الفاسد والاستبدادي رغم نزيف الدم الهائل، الذي ادى الى استشهاد حوالي ستة الاف مواطن، وجرح عشرات آلاف ومثلهم من المعتقلين، تعامى الاسد الابن عنها. ورفض ان يراها، وكأن ابناء الشعب العربي السوري ينادون برحيل أحد ما غيره! واعتقد الرئيس الشاب، ان الشعب محصور في المجموعة الانتهازية المصفقة له في مدرج جامعة دمشق؟

كما ان الرئيس السوري، اطلق في خطابه الأطول العنان لبلطجية النظام للتغول أكثر فأكثر في دم الشعب السوري، مستغلا الاعمال الارهابية، التي نفذتها اجهزته المتخلفة، حين فضحتها كاميرات الفضائيات وخاصة في التفجير، الذي حصل في منطقة الميدان، التي كانت من اوائل احياء مدينة دمشق في الخروج للشارع واعلان رفضها لنظامه العبثي، حينما التقطت يد الجريمة وارهاب النظام وهي تنشر اكياساً نظيفة على ارض الجريمة، وحين التقطت مسرحية شبيحته عندما وقفوا مباشرة قبل ان تنتهي عملية التصوير المفبركة للجريمة.  الاسد الابن المربك والمتعثر لم يتمكن من التقاط اللحظة السياسية لاعلان تخليه عن رئاسة النظام. بل حاول الاجترار الغبي لكلمات وجمل مهزوزة غير ذات معنى، والاصرار على البقاء في سدة الحكم، غير عابىء بالنتائج الخطيرة، التي ستنجم عن استمراره بالحكم هو وزبانيته. ويبدو انه، اعتقد ان ضبابية عمل الجامعة العربية، واستشعاره، ان إمكانية التدخل الدولي امست بعيدة، سيسمح له بالبقاء في السلطة. ونسي الاسد الشاب، ان الشعب السوري، صاحب الكلمة الفصل في مصير اي نظام سياسي، قال كلمته، ودفع ثمنها غاليا من دمه ولحمه الحي، ولم يعد مستعدا للعودة لعهود العبودية وحكم عائلة الاسد.

مرة اخرى يضيع الاسد الفرصة السانحة له ولأزلامه، ويتجاهل مصالح الشعب العليا، رغم انه حاول الادعاء، انه يمثلها. وهذا التضييع للفرص سيجعل الرئيس بشار يدفع الثمن غاليا، لان الشعب لم تعد تنطلي عليه كل الفبركات الكاذبة والخادعة لنظام عهده وعرفه جيدا جدا، نظام فاسد واستبداي وبلطجي، نظام القتل والجريمة. وقادم الايام والاسابيع سيكشف للاسد، الذي لم تعركه السياسة جيدا، ما لم يعهده من قبل.  

السابق
جنبلاط يربك !!
التالي
الطقس عاصف والثلوج دون الـ 800 متر