اللواء: سليمان يتفقّد اليونيفل في الجنوب ويدعو لسحب السلاح من شوارع بيروت

اهتز الوضع الحكومي بعد التصويت الاستفزازي الذي حصل في جلسة مجلس الوزراء الأخيرة، من قبل الثلاثي: حزب الله وحركة أمل والتيار العوني، لترجيح كفة مشروع الوزير شربل نحاس في ملف الأجور، والذي قوبل بردود فعل رافضة من قبل الهيئات الاقتصادية·
ورغم محاولة تطويق الاهتزاز الحكومي حرصاً على استمرار حكومة الأكثرية المتصدعة الحالية، فقد بقي احتمال فرط العقد الحكومي وارداً عند أوّل استحقاق تتكرر فيه عملية التصويت التي اعتبرتها كتل الوسط بمثابة تحد للائتلاف الحكومي بشكل عام ولرئيس الحكومة بشكل خاص·

وتساءلت أوساط كتل الوسط عن جدوى استمرار الحكومة في ظل سياسة الاملاء وفرض القرارات التي يمارسها التحالف الثلاثي، إضافة إلى مدى قدرة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي على تحمّل مثل هذه الممارسات الخارجة عن الأصول الائتلافية والوفاقية، فضلاً عن تداعيات مثل هذه القرارات على الوضع الاقتصادي وحالة الاستقرار العام·

وفي هذا الإطار، اعتبرت مصادر في قوى 14 آذار أن ما جرى في مجلس الوزراء، أمس الأوّل، يستهدف مقام رئاسة الحكومة بالدرجة الأولى، ودور رئيس الحكومة كرئيس للسلطة التنفيذية، خاصة بعد نجاحه في التوصّل إلى اتفاق موقّع ومكتوب بين الهيئات الاقتصادية والاتحاد العمالي بتحديد الحد الأدنى للاجور بـ675 ألف ليرة، إضافة إلى الأخذ بعين الاعتبار مطلب الاتحاد العمالي بالنسبة للشطور، الأمر الذي كان من شأنه أن يلبي مطالب الاتحاد العمالي وشروط مجلس شورى الدولة، ولا يتعارض مع امكانات وقدرات المؤسسات الاقتصادية، وبالتالي تجنيب البلد الوقوع في خضات اقتصادية أصبحت متوقعة في حال تم تنفيذ مشروع نحاس الذي لقي انتقاداً من زملائه في التكتل، وخاصة الوزير فادي عبود الذي اعلن انه غير مقتنع تماماً بمشروع زميله وزير العمل، لكنه صوّت عليه بالسياسة، فضلاً عن الوزير وريج صابونجيان الذي أدلى بمرافعة طويلة خلال الجلسة، الا انه اضطر للتصويت مع المشروع بسبب الضغط السياسي الذي مورس على جميع وزراء التحالف الثلاثي، مثل حال الوزير علي حسن خليل الذي شارك في صياغة الاتفاق، غير أن تصويت وزير الداخلية مروان شربل، ما زال غير مفهوم، رغم انه قال انه <اختار الخيار الأفضل، ولم يختر الخيار السياسي>، في إشارة الى انه لم يكن <وديعة عونية> داخل الحكومة·

وبحسب تقدير مصادر سياسية، فان محصلة انقلاب الحلف الثلاثي داخل الحكومة، له نتيجتان سياسيتان، فيما النتيجة الاقتصادية واحدة، وهي دخول البلاد في حالة <كوما> اقتصادية·

النتيجة الاولى: اهتزاز الائتلاف الحكومي الذي جاء بالحكومة الحالية، والذي يمكن أن تترتب عنه حالة من التجاذب السياسي يؤدي بالحكومة إلى شلل على صعيد القرارات السياسية الكبيرة·

والثانية، أن رئيس الحكومة الذي سافر ليل أمس إلى المانيا، خسر بالنقاط داخل الحلبة الحكومية، لكنه سيكون الرابح سياسياً وربما أيضاً شعبياً، خصوصاً بعد ظهور التداعيات الاقتصادية لما حصل في مجلس الوزراء، والشلل الذي ستصاب به الحكومة نتيجة تغيير المعادلات داخلها، التي بشّر بها الوزير جبران باسيل، وكان قصده بذلك امساك الحلف الثلاثي بالقرار، وعودة <حكم الرأسين>·

 وفي تقدير الوزير عبود، فان <التيار العوني> سيقع في <فخ تثبيت التحالف> من دون أن يضع في حسابه مصلحة البلد والتوازن الاقتصادي فيه، حين فضل ردّ الاعتبار لمشروع نحاس، والانقلاب على اتفاق الهيئات الاقتصادية والاتحاد العمالي، مصراً على طرح المشروع على التصويت، ومن دون أن يحسب التداعيات الاقتصادية التي يمكن أن تترتب على القرار الحكومي الجديد، والذي سارعت الهيئات إلى رفضه، ملوحة عزمها على الطعن به أمام مجلس شورى الدولة بعد الأعياد·

وكانت هذه الهيئات أصدرت بياناً بعد اجتماع طارئ عقدته في مقر غرفة التجارة والصناعة والزراعة في بيروت وجبل لبنان برئاسة الوزير السابق عدنان القصّار، خلصت فيه إلى اعتبار القرار بأنه <يشكّل ضربة قاصمة للمؤسسات الاقتصادية، وهو جاء نتيجة انقلاب موصوف>، وطالبت الحكومة بالرجوع عن هذا القرار الخطيئة، آملاً من مجلس شورى الدولة إبطاله وإعادة تصويب مسار الأمور والأخذ بعين الاعتبار هواجس الهيئات الاقتصادية·

وبحسب البيان، فإن المجتمعين رأوا أن القرار، هو سياسي بامتياز، خالٍ من أي اعتبارات اقتصادية واجتماعية (···) وهم يطالبون بإبقاء الحل ضمن الإطار الاقتصادي بعيداً عن الحسابات السياسية الضيقة، محذرين من اضطرار المؤسسات والقطاعات الانتاجية الى عدم تطبيقه، وبالتالي إقفال عدد كبير من المؤسسات الانتاجية·

جنبلاط·· جرعة دعم لميقاتي وفي الجانب السياسي، أصدر مجلس قيادة الحزب التقدمي الاشتراكي الذي اجتمع أمس برئاسة النائب وليد جنبلاط، بياناً استغرب فيه ما وصفه بـ <حفلة المزايدات التي شهدتها النقاشات المتصلة بملف الأجور في مجلس الوزراء، لا سيما بعدما كان تم الاتفاق مع الهيئات الاقتصادية والاتحاد العمالي إلى صيغة ترضي جميع الأطراف>، ودعا الحزب إلى <فصل الاعتبارات السياسية والتجاذبات الفئوية عن الملفات الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية، لا سيما ملف الأجور الذي يطال شريحة كبيرة من اللبنانيين على أمل ألا يُبطل المرسوم الأخير مجدداً أمام مجلس الشورى فتتعطل المعالجة المرتجاة لهذه القضية مجدداً>·

وكان الحزب قد أبلغ الرئيس ميقاتي <جرعة دعم> جديدة عبر الوزير وائل أبو فاعور الذي زاره في السراي مؤكداً أن <جبهة النضال والرئيس ميقاتي في موقف وموقع واحد>، معلناً بأن الجبهة كانت مقتنعة تمام الاقتناع باقتراح رئيس الحكومة والذي كان يمثل تسوية عادلة ومنصفة تراعي أوضاع العمال والموظفين·

وغمز أبو فاعور من المعادلة الجديدة التي بشّر بها باسيل، معرباً عن اعتقاده بأن أمور الدولة لا يمكن أن تسير بهذا الشكل، مشيراً إلى أن الحكومة لا تقوم على قاعدة مراضاة أي طرف، والأثمان لا يجب أن تكون على حساب مصالح المواطنين، نافياً أن تكون الرسالة السياسية من وراء التصويت إحراجاً للرئيس ميقاتي، مشيراً إلى أن الأطراف التي ساعدته على صياغة الاتفاق هي التي تنكرت له، في إشارة إلى حركة <أمل>·

سليمان في الجنوب في هذه الأثناء، كان رئيس الجمهورية ميشال سليمان يتفقد وحدات الجيش اللبناني وقوات <اليونيفل> المنتشرة في الجنوب اللبناني، كعادته كل سنة، عشية الأعياد الميلادية، إلا جولته هذه السنة تميّزت بمجموعة من المواقف السياسية كانت أقواها تلك التي أعلنها في خصوص السلاح المنتشر في أيدي الناس، في ما يشبه تبنياً لمطلب نواب بيروت وشعار <بيروت منزوعة السلاح>، والذي حدّد لهم الرئيس نبيه بري موعداً لاستقبالهم بعد ظهر يوم الثلاثاء المقبل·

وفي هذا الاطار، أكد الرديس سليمان انه مع <نزع هذا السلاح> مشيراً إلى ان <كل ما هو خارج الاستراتيجية الدفاعية يجب أن يسحب>، لكنه استدرك بأن هذا الأمر لا يكون من خلال تفتيش المنازل، بل انه يتطلب إرادة لبنانية مجتمعة تتوصل إلى الطلب من الجيش وقوى الأمن تنفيذ الأمر·

ولاحظ رئيس الجمهورية ان مناقشة موضوع السلاح يجب أن يتم من ثلاث زوايا:

أولاً: السلاح الفلسطيني لجهة تنفيذ قوات الحوار في العام 2006، بما يعني نزع هذا السلاح خارج المخيمات وتنظيم وضعه داخلها·

ثانياً: سلاح المقاومة لناحية الافادة منه بصورة ايجابية وكيف تستفيد الدولة من قدرة هذا السلاح للدفاع عن لبنان· وبالطبع، هناك اسئلة تتم الاجابة عليها وتوضع بين الجيش والمقاومة بتوجيه من السلطة السياسية وقائد القوات المسلحة اي رئيس الجمهورية، ولا سيما لجهة كيف واين ومتى يستعمل هذا السلاح على ان يتم وضع آلية عمل لضبط الأمر، مستشهداً بأمثولة العديسة التي اعتبرها ركيزة الاستراتيجية الدفاعية التي يدعو على أساسها إلى الحوار مجدداً·

أما ثالثها فالمتعلق بمعالجة موضوع السلاح المنتشر في أيدي الناس، والذي تعلو الصيحات إزاءه، كما حصل في طرابلس وبيروت·

ان في شأن قوات <اليونيفل> وما حصل في الجنوب مؤخراً من استهداف للكتيبة الفرنسية واطلاق الصواريخ، فقد كشف الرئيس سليمان عن تخفيض سيطرأ على عديد الوحدة الفرنسية، لكنه اعتبر ان ذلك لن يغير من الموقف الفرنسي الداعم للبنان، كما كشف بأن الجيش سيحل في بعض مواقع <اليونيفل> في اطار المراجعة الاستراتيجية التي تجرى حالياً، وبما يؤدي إلى تخفيض المخاطر التي تتعرض لها· مجدداً ادانته <ما حصل من اعتداءات ارهابية على اليونيفل وإطلاق الصواريخ>، الذي اعتبر انه <ضد النظام وضد السيادة اللبنانية ويستهدف لبنان ويؤذيه في سمعته وصورته واستقراره الأمني>، مؤكداً ان <الصواريخ مرفوضة بالمطلق ويجب القبض على مطلقيها>· 

السابق
هل يتآمر العالم على الربيع العربي؟
التالي
الانباء: 8 آذار ردت الاعتبار لـعون بتبني مشروع نحاس للأجور وميقاتي: الرسالة وصلت وسيلحق أذى فادحاً بالاقتصاد الوطني