السفير: سليمان يلتقي عون قريباً.. و«الشورى» يعطي نعم مشروطة لتصحيح الأجور

 لم يصدق اللبنانيون أن حكومتهم وللمرة الأولى منذ العام 1992، تعد مشروعا انتخابيا قبل ما يزيد على سنتين من الموعد المحدد لإجراء الانتخابات في صيف العام 2013، ولكن سرعان ما وقع هذا «الإنجاز النظري التاريخي» في مطب الوحل الطائفي والمذهبي اللبناني، وبدل أن يتصاعد الدخان الأبيض من السرايا الكبيرة أو القصر الجمهوري، إيذانا بولادة أول قانون انتخابي نسبي، يكون مدخلا للإصلاح السياسي الحقيقي الموعود، شكل التبني المبدئي لقادة الموارنة ومرجعيتهم الروحية لمشروع اللقاء الأرثوذكسي نقطة سوداء في سيرة المجتمعين، ومن خلالهم كل الطبقة السياسية المستعدة لدخول بازار من المزايدات كفيل بأن يعيد لبنان مئة سنة وأكثر إلى الوراء.
وكما في الحكومة التي تحولت مناقشاتها للقانون الانتخابي إلى مجرد ترف سياسي، كذلك في بكركي، التي انتظر اللبنانيون منها تبني صيغة انتخابية تحقق الحد الأدنى من عناوين الوحدة الوطنية والشراكة والعيش المشترك والانصهار الوطني، فإذا بها تبعث صورة قاتمة، عنوانها التقوقع داخل الحلقة الأضيق، التي ابتدعها المشروع الانتخابي للقاء الأرثوذكسي والقائل بأن تنتخب كل طائفة نوابها، بما قد يوصل حتما إلى مجلس ملل ومذاهب وعشائر، وليس إلى مجلس نيابي وطني لطالما تمناه اللبنانيون وما يزالون.
وما بين كسب الوقت حكوميا والتبني الماروني لمشروع «اللقاء الارثوذكسي»، على اعتباره «صيغةً صالحةً لتحقيق التمثيل العادل والفاعل لكل الفئات الشعبية ولترسيخ المناصفة بين المسيحيين والمسلمين التي تكرّس صيغة العيش المشترك»، وفق ما انتهى اليه اجتماع القيادات المارونية برعاية البطريرك الماروني بشارة الراعي في بكركي، امس، تبرز الخشية من قفزة الى الوراء، من نتائجها المحتملة العودة الى «قانون الستين» كأهون الشرور أو أفضل الممكن! (محضر لقاء بكركي ص 3).
وإذا كانت عناوين المداخلات التي سادت اللقاء الماروني في بكركي أمس، قد ركزت على السعي الى قانون يؤكد الحضور المسيحي في الدولة ويؤمن التوازن الوطني وحسن التمثيل والدور المسيحي في مجلس النواب، فإن العلامة الفارقة كانت في التصويب المباشر على اتفاق الطائف، والدعوة الى تعديله، كما اقترح رئيس الهيئة التنفيذية لـ«القوات اللبنانية» سمير جعجع الذي اشار «الى ان عددنا اليوم في الحكومة وخارجها لا يعطينا إلا تأثيرا محدودا في المعادلة السياسية وبالتالي على القانون الانتخابي أن يأتي بعملية تصحيحية فالطائف أعطانا المناصفة بـ64 نائبا، لكن ذلك لم يتحقق فعليا. ومن هنا يجب تبني الطرح الأرثوذكسي لأنه يشكل فرصة لتغيير جذري بأن ينتخب المسيحيون نوابهم». كما تجلى بقول النائب روبير غانم للحاضرين: «لقد انتهى الطائف ويجب التفتيش عن بديل».
انها «لا» ثالثة ترفع جديا ضد اعتماد النظام النسبي، بعد الـ«لا» نصف المضمرة التي اعلنها وليد جنبلاط والـ«لا» المضمرة كليا والتي لم يجاهر بها «تيار المستقبل» بعد، وإن كانت اوساطه لا تتردد في تمسكها بالقانون الحالي كأفضل خيار. ولعل هذه الـ«لا» الصادرة من مقام بكركي، سيكون لها صداها وارتداداتها، بما يقود الى السؤال عما اذا كان مسار النقاش الذي لم يبدأ بعد حول مشروع النسبية المقدم من وزارة الداخلية سيكون بمنأى عنها، وما اذا كانت رياح بكركي ستلفح مواقف بعض القوى المؤيدة للنسبية وفي مقدمها رئيس الجمهورية ميشال سليمان الذي كان يؤكد حتى الامس القريب انه مع اعتماد النظام النسبي في الانتخابات النيابية المقبلة، وكذلك الأمر بالنسبة الى الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي اللذين جاهرا علنا بتبني الخيار النسبي.

سليمان: حوار مفتوح
في هذا الوقت، نقل زوار رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان عنه قوله انه لن يكون طرفا في اي اطار طائفي او مذهبي، وإنه ليس في وارد القبول بأي توصيف يراد منه اختصار المؤسسات الدستورية بمواقع رئاسية او طائفية، فلا مكان لـ«أونا» او «دويكا» أو «ترويكا» ولا اي مصطلح آخر في عملية ادارة الشأن العام، انما هناك فصل للسلطات وتعاون في ما بينها، مع التمسك بالحوار الوطني سبيلا نهائيا لمعالجة القضايا الخلافية، فالمطلوب الاستجابة للمطلب الوطني بالعودة للانتظام في جلسات هيئة الحوار الوطني بلا شروط بل بجدول اعمال مفتوح على كل الهواجس.
كما ان سليمان وبحسب زواره، يؤكد انه ليس في وارد القطيعة مع احد، وأن ابواب قصر بعبدا مفتوحة امام الجميع. مشيرا في هذا السياق الى ان الايام المقبلة ستشهد لقاءات مع اقطاب وستكون نتيجة هذه اللقاءات طيبة ومجدية تبدد الهواجس وتوضح كل التساؤلات. يذكر أن سليمان استقبل أمس النائبين نواف الموسوي وسامي الجميل وتمنى عليهما اعتماد الخطاب الهادئ وطي صفحة ما جرى في جلسة مجلــس النواب الأخيرة.
وفي هذا السياق، تحدثت مصادر وزارية وسطية عما سمته بوادر انفراج في العلاقة بين رئيس الجمهورية ورئيس تكتل الاصلاح والتغيير النائب ميشال عون، ولم تستبعد ان يتوج ذلك بلقاء قريب يعقد بينهما، سبقه اتصال في الساعات الماضية، وتردد أن البطريرك الماروني لعب دورا أساسيا في هذا الاتجاه.
الشورى: موافقة مشروطة على قرار الحكومة
على الصعيد المطلبي، وافق مجلس شورى الدولة على مشروع مرسوم تصحيح الأجور مشترطاً تعديله قبل إقراره، وذلك في اتجاه تجزئة الأجور نفسها إلى شطور، عوض تقسيم الأجراء إلى فئتين حسب قيمة أجورهم.
وفيما طلب وزير العمل شربل نحاس إدراج رأي مجلس الشورى في جدول اعمال مجلس الوزراء لادخال التعديلات المطلوبة واتخاذ القرار وإصدار المرسوم قبل نهاية السنة الحالية، لم تستبعد مصادر وزارية ان يتناول مجلس الوزراء هذا الموضوع في جلسته التي سيعقدها الاربعاء المقبل في القصر الجمهوري في بعبدا.
وعلى الرغم من صدور رأي مجلس الشورى، أصر رئيس الاتحاد العمالي غسان غصن على رفضه للزيادة وفق الصيغة التي أقرت بها، مؤكداً لـ«السفير» ان دعوة الاتحاد للاضراب في 27 الجاري ما تزال قائمة والتحضيرات لإنجاح الاضراب جارية، لأن المرسوم الجديد حرم الناس من زيادة ضرورية على بدل النقل، كما أفسح في المجال امام اصحاب العمل لصرف العمال بناء على المادة 50 على ما جاء في المشروع، وذلك خلافا لقانون العمل.
 

السابق
محامي الجندي المتهم بتسريبات ويكيليكس يتهم المحكمة بالتحيز
التالي
النهار: الموارنة ينطلقون من مشروع الأرثوذكس