تعديل قواعد الاشتباك أم مواكبة مطالب فيلتمان؟

تبلغت كل الاطراف المحلية والإقليمية والدولية اللاعبة في المسرح اللبناني الرسائل الجنوبية الصاروخية والمتفجرة التي أرسلت نحو فلسطين المحتلة وباتجاه دورية فرنسية عاملة في قوات «اليونيفيل» بالجنوب، وترى أوساط متابعة لهذه الرسائل أنها ربما كانت بدلاً عن ضائع لتوتير الوضع اللبناني بعدما فشلت محاولات أخرى كانت تجري في الشمال لإشعال فتيل الفتنة انطلاقاً مما سمي ملف اللاجئين السوريين، ولكن المهم في الموضوع أن هناك قناعة تكونت لدى المسؤولين اللبنانيين ان لبنان ما زال في عين العاصفة الإقليمية وان هناك جهات خارجية تحاول خلق «حروب صغيرة» لا تدفع الوضع اللبناني الى حالة تدهور كبيرة، لكنها تبقيه في حالة توتر محدود في مواكبة التوتر القائم في المنطقة.

وتشير نقاشات جرت في دوائر رسمية وسياسية الى أن ثمة من يعتقد ان الهدف الاساس للرسائل المتفجرة في الجنوب، يعود الى احياء رغبة قديمة جديدة لدى من يرعى عمل وتوجهات قوات «اليونيفيل»، لتعديل قواعد الاشتباك في القرار 1701 بحجة حماية القوات الدولية، وبما يوفر لهذه القوات ما لم تستطعه إسرائيل، وهو تقييد المقاومة في لبنان، وفرض قواعد لعبة دولية جديدة عليها من بينها «أن السلاح المقاوم لإسرائيل سيُواجه بالسلاح الدولي». فيما يعتقد آخرون ان هذه الرسائل التي واكبت زيارة مساعد وزيرة الخارجية جيفري فيلتمان لبيروت، جاءت لتدعم وجهة نظره القائلة بوجوب التزام لبنان بكل القرارات الدولية بما فيها القرار 1559، الذي يركز على ما يصفه نزع سلاح الميليشيات في الجنوب، وهو المقصود به سلاح المقاومة حسب المنطق الأميركي.

واذا كان البعض يرى أن فرنسا تبحث جدياً في سحب تدريجي لقواتها العاملة في «اليونيفيل»، وانها تتخذ من التعديات على وحداتها ذريعة لذلك، فإن ذلك لا يمنع الاعتقاد ان هناك جهات خارجية غربية تعمل على تسريع هذا البحث من أجل إحداث التغييرات المطلوبة في اللعبة الإقليمية، سواء بتفريغ الجنوب من القوات الدولية لجعل لبنان مكشوفاً بالكامل على الضغوط الإسرائيلية والاميركية، او تغيير قواعد الاشتباك لتعديل موازين القوى القائمة حالياً والتي تربك اسرائيل وتقيدها.
في كل الحالات يتحسب لبنان سياسياً وأمنياً لكل العواصف الممكن وصولها اليه من اكثر من بوابة خارجية، وهذا ما يفسر بنظر مسؤول رسمي حالة السكينة التي هبطت فجأة على جميع الاطراف، وانعكست تراجعاً في حدة الخلاف داخل الحكومة وإعادة رسم اولويات عملها وترتيب بيتها الداخلي بما يؤمن استمرار الحد الأدنى من تماسكها.  

السابق
الاعلام الغربي يؤكد على الضربة القاضية لـCIA من حزب الله
التالي
اسرائيل تعيد فتح جسر باب المغاربة في القدس