عناوين عون «الفضفاضة»… تتهاوى!

 كشفت مصادر محيطة برئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون أنّ هذا الأخير لم يُبعد عن كاهله هاجس سقوط النظام السوري، بعدما تبيّن عقم المقاربات التي سبق وأدلى بها مراراً، إلى حدّ ضربَ فيها آجالاً لإنتهاء العمليات العسكرية في سوريا، في حين بقيَ شبح القتل والترويع مخيّماً في كلّ المحافظات السورية.

تنقل المصادر عن عون ربط رهانه الحاضر بتخطّي حقبة ما بعد رحيل القوّات الأميركية وانسحابها كلياً من العراق بعد تبلّغه من الرئيس السوري، ودائماً بحسب المصادر عينها، أنّ انسحاب الجيش الأميركي من العراق سيعطي دفعاً معنوياً ولوجستياً قوياً، إذ إنّ الأول يُعطي للرئة السورية وحلفائها في لبنان متنفّساً معنوياً وانتصاراً يسجّلونه ويستهلكونه في "البازارات" الإعلامية والخطابية، في حين أنّ الثاني يمكّن النظام السوري من استئناف الدعم اللوجستي للعناصر المقاتلة الداعمة له في العراق والساعية إلى قلب الموازين على مستوى النظام العراقي الذي أرساه الأميركيون.

وتضيف المصادر، أنّ عون يردّد على مسامع القرّيبين منه، أنّ المدّة الفاصلة بين اليوم والانسحاب الأميركي باتت قصيرة، وهي تتطلّب مزيداً من المناورة والالتفاف التكتيكي لدى الرئيس السوري بشار الأسد، الذي ما زال يُماطل ويُهادن دول الغرب والدول العربية في خطة تقضي بكسب الوقت في مقابل مُهل قصيرة يعطيها له معارضوه الداعين إلى إسقاطه.

هذه الأجواء الملبّدة في الرابية، تلازمت مع صدمات تلقاها عون أخيراً، سواء لدى مضيّ ثلثائه "الموعود"، والذي حسم في خلاله نجاح الأسد في تقويض الثورة السورية، وإذ بأعداد القتلى هناك في اطراد مستمرّ والعمليات تتوسّع والانشقاقات تعمّ المناطق المختلفة، في حين أنّ الصدمة الكبرى التي تلقاها تجلّت بتبرير مفاجئ لانكساره أمام أزمة التمويل، فبعدما أقام الدنيا وأقعدها هو وحلفاؤه رافضاً تمويل المحكمة على خلفية عدم الاعتراف بها واعتبارها إسرائيلية ومنحازة وغير عادلة، ها هو يفاجئ الجميع بإعطاء ذريعة لرضوخه لـ"مسرحية التمويل" و"البصم"، على رغم أنّ من نفّذ التمويل هو رئيس الحكومة وبقرار آحادي من دون الرجوع إلى مجلس الوزراء، فكانت النتيجة سكوت عون وسقوط عناوينه "الفضفاضة" التي بنى معاركه على أساسها.

المراقبون وجدوا في سلوك عون السياسي قاسماً مشتركاً بين الموقف والآخر، فيما اعتبر أحدهم أنّ "الجنرال" هو هو، لا يتغيّر، يصعّد إلى أبعد الحدود في مواقفه ومطالبه لكسب أكبر مقدار ممكن منها على قاعدة "شو ما تحصّل خير وبركة"، لكن لا تلبث معركته أن تصل إلى أمرين، إمّا يكسب جزءاً من مطالبه مع التعديلات التي يُحرج بها ويقبلها على مضض، وإمّا تُرفض كلياً ويقع في الخسارة، ولكم من هزيمة سياسية وغير سياسية مُنيَ بها، ومنها معركة 13 تشرين عام 1990، وأحداث 27 كانون الثاني التي زجّ عناصره بها، ومعركة حكومة الرئيس فؤاد السنيورة، وأخيراً معركة تمويل المحكمة.

من هنا، اعتبرت مصادر ديبلوماسية مواكبة، أنّ أكبر خطأ ارتكبه عون منذ العام 2005 هو التصاقه بقوى 8 آذار وتبنّيه سائر طروحاتها، وهي بدورها كانت ولا تزال تعتبر النظام السوري راعياً لها، إضافة إلى إيران، علماً أنّ سقوط النظام السوري سيشكّل "ضربة قاسية" لهذه القوى و"هزيمة كبرى" للقوة الأساسية فيها، أي "حزب الله" الذي آل على نفسه تولّي الدفاع عن الطائفة الشيعية في لبنان، خصوصاً وأنّ الواقع السياسي الذي قد يطرأ في سوريا سينسحب حكماً على مجمل الواقع السياسي اللبناني.

وعلى صعيد آخر فإنّ المصادر نفسها تحدّثت عن "هاجس سياسي وأمني" يعيشه أنصار عون الذين ربطوا سياستهم بشخصه لرفضه تنظيم حزبه وإرساء الديموقراطية فيه، وربط سياسته بروابط أضفى عليها صفة العائلية مع عائلة الأسد، وأدّت إلى دفاعه المستميت عن نظامه، وها هو اليوم يتابع لحظة بلحظة تطوّرات الوضع السوري ويخشى سقوطه بعدما بات من المستحيل عليه الاستدارة في السياسة كسواه، وبعدما لعب كلّ أوراقه في اتجاه واحد والتحق بالمحور السوري – الإيراني. وأضافت المصادر أنّ أحد الرفاق القرّيبين السابقين من عون ذكَر في مجلس خاص أنّ الجنرال كان في وسعه البقاء على مسافة واحدة من الجميع منذ عودته إلى لبنان، لكنّ حجمه لم يكن ليصل إلى هذا الحدّ كما هو عليه اليوم بعدما تسلّط على حصص حلفائه إلى حدّ "انتزاع ثيابهم وكمّ أفواههم" على حدّ تعبيره، لكن هذه السياسة لا تدوم طويلاً، وهي بسقوط نظام الأسد ستؤدّي إلى تفلّت بعض "أسود لبنان" من التزاماتهم تجاه عون، وسيكون ربيع لبنان ربيعا آخر! 

السابق
الاختراق الكبير لـ «حزب الـله»
التالي
الصراع على الشرق بين… «هلالين»؟