الراي: حكومة ميقاتي «تسبح» في انقساماتها و«سبحة» الاختبارات تكرّ

 بين المضاعفات التي تركها قرار تمويل المحكمة الدولية الخاصة بلبنان على صورة العلاقات الملتبسة والمتوترة بين اطراف الحكومة من جهة وتدافُع عناوين الازمات الخدماتية والاقتصادية والأمنية من جهة ثانية تبدو حكومة الرئيس نجيب ميقاتي امام موجة جديدة من الاختبارات الصعبة ستبدأ مع إنعقاد اول جلسة لمجلس الوزراء عقب قرار التمويل بعد غد الأربعاء.
ومن المقرر ان تتضح في الساعات الثماني والأربعين المقبلة صورة التوجهات السياسية التي ستحكم انعقاد هذه الجلسة في ضوء الشرط الذي سبق لـ «تكتل التغيير والاصلاح» (كتلة العماد ميشال عون) ان وضعه لانهاء وزرائه مقاطعة الجلسات يطرح مجموعة ملفات على أولويات الحكومة.
واستبعدت مصادر وزارية مطلعة لـ «الراي» ان يقاطع وزراء عون الجلسة المقبلة لأن من شأن هذه الخطوة ان يفاقم الازمة التي بدأت قبل اسبوعين ويدفع بالفريق المقاطع الى ان يصبح اسير موقفه، وهو ما قد يحاذر عون العودة الى متاهته لأنه خرج من مسألة التمويل بمظهر اشد اللاعبين تعرضاً للخسائر، حتى ان مرارة واضحة بدت على تصريحات نواب من كتلته راحوا يتحدثون بوضوح عن توافقات «تحت الطاولة» مررت التمويل. لذا يرجح ان يعود وزراء «التكتل» الى جلسة مجلس الوزراء مع إدراج بند زيادة الأجور الذي طرحه وزير العمل شربل نحاس ما سيعتبره «التكتل» منطلقاً صالحاً لعودته كأحد المطالب التي طرحها. اما العامل الثاني الذي سيملي عليه عدم مقاطعة الجلسة فهو يتصل بالأجواء الشديدة السلبية التي سادت البلاد منذ ليل الجمعة الماضي مع ازمة الكهرباء التي تفاقمت على اثر قيام عمال معمل الزهراني بفصل المعمل عن الشبكة الكهربائية. ومع ان مؤسسة الكهرباء شرعت بعد ظهر امس في اعادة الامور الى نصابها وإعلان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي التوصل الى حل يعيد التيار اعتباراً من صباح اليوم، فإن هذا التطور الخطير الذي لم تغب عن تفسيراته الابعاد السياسية، ارخى بظلاله بقوة على احد ابرز وزراء «التكتل» وهو صهر العماد عون الوزير جبران باسيل الذي بدا محرجاً في ابتعاده عن اصدار اي بيان رسمي كوزير للطاقة في حين ان واجبه يستدعي مواجهة هذه الازمة بسرعة وكشف ملابساتها للرأي العام.
وثمة من يعتقد ان هذه الواقعة الجديدة ستفضي الى تكبير الشرخ غير الخافي على احد بين مكونات عدة في الحكومة حتى من ضمن فريق 8 آذار. وهو امر، الى جانب استحقاقات اخرى لا سيما منها زيادة الاجور، ستطرح في الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء بما يكشف قدرة الحكومة بعد الاهتزاز القوي الذي اصاب علاقات اطرافها بعد التمويل للمحكمة، على لملمة صفوفها واحتواء الازمات القديمة والجديدة علماً ان كثراً بدأوا يتعاملون مع الحكومة كأنها مرت من قطوع التمويل «بشق النفس» ويصعب عليها ان تمر بأي استحقاق من هذا الحجم مرة ثانية.
وكان ملف معمل الزهراني الحراري «أخمد» امس بعد اتصالات على اعلى المستويات اعتبرتها أوساط مراقبة تأكيداً على «الشبهة» السياسية حول وقف الموظفين العمل بهذه المحطة بحجة نقل محوّل الى مدينة صيدا.
وقد شكّل رئيس البرلمان نبيه بري محور اتصالات «استعادة» معمل الزهراني سواء من خلال تواصله مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي او عبر اعلان اتحاد بلديات ساحل الزهراني والفاعليات الاقتصادية في المنطقة من مكتبه في المصيلح «المخرج» لمعاودة تشغيل محركات المعمل والذي تمثل اولاً في وضع عملية وقف التشغيل في اطار «اضراب نقابة العمال» (بعدما وصفته مؤسسة كهرباء لبنان بالعمل التخريبي) ثم الدعوة الى «تعليق الاضراب فورا وإعادة التشغيل بشكل اعتيادي».
وكانت مصادر قيادية في 14 آذار ربطت بين «رسالة العتمة» التي وُجهت من معمل الزهراني (غالبية عماله محسوبون على 8 آذار وحركة امل) وبين الموقف «العاتب» الذي اطلقه الامين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله قبل ايام من الرئيس نجيب ميقاتي على خلفية تمويل المحكمة الدولية.
وعبّر منسق الأمانة العامة لقوى 14 آذار فارس سعيد بوضوح عن هذا البُعد اذ دعا في تصريح صحافي الى مواجهة «السلوك الميليشيوي» الذي يفرض التعتيم على لبنان. وقال: «اذا كانت الشركة الماليزية المشغّلة لمعمل الزهراني لها مدير يمثلها فإن العمال التابعين لها هم من جماعة حركة «أمل» برئاسة الرئيس بري. فهل تعاقب صيدا وتالياً لبنان جراء نقل محوّل من الزهراني الى المدينة؟ وهل هناك من سلوك مذهبي أكثر من هذا السلوك الذي يضع الجنوب في مواجهة صيدا التي كانت ولا تزال عاصمة للجنوب؟».
وكان لافتاً في سياق متصل اعلان وزير الطاقة جبران باسيل في تصريح تلفزيوني أن «تخريب معمل الزهراني سابقة خطيرة»، مشيراً الى أن «ما يجري في هذا المعمل يشكّل مخالفة تضاف الى المخالفات الاخرى ومنها مسألة تمويل المحكمة»، ومعلناً «أن «مجرد وجود محاولات منع حل مشكلة الكهرباء يدل على مدى الانحدار في البلد»، ومعتبراً أن «ما يجري اليوم لم يحدث حتى أيام الحرب اللبنانية».
وعلى خط آخر، اعلن رئيس كتلة نواب «حزب الله» محمد رعد «أن بعض المتواطئين هنا في لبنان لا شأن لهم الآن إلا كيف يحكمون قبضتهم على المقاومة وكيف يعودون إلى السلطة للتحكم بشؤون هذه البلاد»، معتبراً «ان المنطق نفسه الذي تعتمده المعارضة السورية تتبناه المعارضة اللبنانية الراهنة، وهذا المنطق أنه نحن سنستعيد الجولان لكن ليس عبر التحرير والمواجهة بل عبر التفاوض، علماً ان كل القوى التي يستند اليها هذا المعارض كانت تتآمر مع الإسرائيليين من أجل عدم تطبيق القرار 425».
اضاف رعد: «عندنا أناس يستفزون الداخل أحيانا بتصريحاتهم الشتامة والبذيئة وأحيانا بتحريضهم المستمر وأخرى بإثارة قضايا وهم يعرفون أنها تزعجك، لكن كل هؤلاء وما يفعلونه ليس إلا ضجيج الذباب، هم ليسوا أصحاب فعل، لكن عندما تأتي الموجة ضدهم تقلبهم كلهم، إذا اردنا التلهي بهؤلاء الصغار سننصرف عن مواجهة الكبار، ومواجهة الكبار أولى عندنا من مواجهة هؤلاء الصغار، في بالنا الآن إسرائيل وأميركا».
وفي إطار متصل، اعتبر النائب طلال ارسلان انه «تم تمويل المحكمة الدولية بالتسلط»، مشيرا الى «ان بروتوكولها تجاوز الأصول والأعراف الديبلوماسية ومقام رئاسة الجمهورية وصلاحيات مجلس الوزراء»، ومعلناً «بعدما تجاوز ازمته بالحد الأدنى من الخسائر وقدم التمويل على التعطيل منقذا بذلك الاستقرار رغم تحفظنا، على رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ان يبادر الى اعتماد نهج التفعيل ويفتح ملف الشهود الزور على مصراعيه». 

السابق
بيضون: قطع الكهرباء عمل ميليشيوي وعون بائع أوهام
التالي
قاووق:المقاومة تمتلك مناعة تجاه السموم الاميركية والداخلية