8 آذار لميقاتي: لن يمرّ التمويل وغير مسموح الرحيل

 أن يحتمل رئيس حكومة نتائج الوضع في سوريا عليه وعلى طائفته، وأن يوضع في مواجهة المجتمعين العربي والدولي، وأن يبدأ الاستعداد لمرحلة ما بعد عدم التمويل، فهذا كثير على رجل واحد حتى لو كان كالرئيس نجيب ميقاتي بما يتميز به من قدرة على الصبر والتحوّط والمناورة.

أراد الرئيس ميقاتي من يوم الجمعة المقبل "ساعة حقيقة"، محاولا بما يمتلك من أوراق محدودة أن يخيّر حلفاءه بين التمويل أو الرحيل. فهل سيكون رد حزب الله: ممنوع التمويل والرحيل، أم أن الحزب سيلعب لعبة شد الحبال مع ميقاتي حتى الدقائق الأخيرة، ليفرج عن التمويل، وليعطي الحكومة بعضا من أسباب الاستمرار.

بالانتظار، فإنه لا يوجد منطقيّا ما يدعو الى افتراض أن الحزب سيضحي بمقياتي او سيحشره الى درجة الاستقالة، وذلك نظرا لغياب البديل.

فالحزب يتطلع الى استمرار هذه الحكومة، وطموحه ان تدير الانتخابات النيابية المقبلة والمشهد الاقليمي والداخلي لا يُنبىء بأن خيارا آخر سيكون مفيدا، فهذه الحكومة هي الغطاء الشرعي للانقلاب، ورئيسها تبرّع لأن يكون في الواجهة. وصحيح ان طموحه كان مرتفعا عند التكليف، وكاد يصل الى حد القضاء على الحريرية السياسية، لكنه تضاءل بعد يومين من التكليف بعد اندلاع الثورة المصرية، وأخذ بالتلاشي بعد اندلاع الثورة السورية، ليَصِل الى مستوى احتساب الايام قبل سقوط النظام السوري، واحتساب الخسائر السياسية قبل تلقّي المزيد منها.

وانطلاقا من حرص الحزب على حكومة كهذه، فإنّ اكثر من مراقب يرى أنّ الرئيس ميقاتي لم يكن ليحدد موعد جلسة إقرار التمويل، من دون ان يكون قد قاس اتجاه حلفائه وإمكانات المناورة لديه، في ظلّ اتضاح الرؤية في الملف السوري الذي لا يخطئ أصدقاء النظام أو خصومه التقدير بأن يتجه الى مرحلة اللاعودة.

وبالتالي، فإنّ رئيس الحكومة في ساعة الحشرة قد يكون أمّن موضوع التمويل، بغضّ النظر عن الصيغة التي سيمر بها داخل مجلس الوزراء، وعن بوانتاج التصويت على سلفة الخزينة لصالح وزارة العدل، التي لم يوقّع عليها وزير العدل.

من حيث المبدأ، يفترض بسيناريو التمويل أن يحصل كالآتي: يطرح رئيس الحكومة او رئيس الجمهورية بندا على جدول أعمال مجلس الوزراء يتضمن تمويل المحكمة بسلفة خزينة، ويحصل التصويت، فإذا نال البند النصف زائدا واحدا يصدر بقرار من مجلس الوزراء، ولكن لا ينفذ التمويل عمليّا إلا بعد توقيع وزير العدل وهو ما يرجّح عدم حصوله، بسبب رفض العماد عون. وقد لا يضطر الوزير قرطباوي لاستخدام سلاح التوقيع في حال سقطت السلفة بالتصويت داخل مجلس الوزراء.

هذا السيناريو يقود الى القول إنّ حزب الله الذي يمسك بالأكثرية داخل الحكومة، سيكون هو صاحب الكلمة الفصل، وبناء على قراره بالتصويت او بعدمه سيتحدد موقف الرئيس ميقاتي، فإمّا أن يختار البقاء مع تحمّل المزيد من الاستنزاف، وفي هذه الحالة لن يمكنه الادّعاء بشَرف تصويته شخصيّا ووزراءه مع التمويل، وإمّا أن يقرر الرحيل ما يعني الدخول في فترة الاستشارات وتصريف الاعمال. وطبعا، فإنّ ذلك يؤشر الى مرحلة نهاية حكومة حزب الله وبداية مرحلة ليس سهلا من الآن تحديد معالمها.

لا تتوقع قوى 8 آذار ان يستقيل الرئيس ميقاتي اذا سقط التمويل داخل الحكومة، وهذا يعود برأي هذه القوى الى ان ميقاتي ليس لديه ادعاء الإجابة على معادلة "الى أين"، فالخيارات برأي هذه القوى ضئيلة بالنسبة لرئيس الحكومة، كما ان القول إنّ خيار الرحيل يمكن ان يكون أسهل من القبول بعدم التمويل، هو كلام لا ينطبق على الواقع، لانه قد يفسر من حلفاء رئيس الحكومة بأنه هروب ونقض للالتزامات، في توقيت حرج ليس فيه مكان للترف او للمزاح، إلّا إذا قرر الرئيس ميقاتي أن يستمع لنصيحة أحد الأقطاب المسيحيين في المعارضة، والذي دأب منذ أيام على نصحه بالاستقالة. وعندها، يكون قد حَدّ من بعض خسائره، ونقل المشكلة إلى ملعب خصومه وحلفائه في آن معا. 

السابق
أزمة النظام السوري….السر في مماطلة الابن لا سياسة الأب
التالي
علاقة الشيعة بالكيان اللبناني بين الماضي والحاضر