البناء: بوارج حربية روسية في المياه الإقليمية السورية ودمشق تدرس الرّد على طلب استقدام مراقبين

في خطوة سياسية وعسكرية بالغة الدلالة، تحركت بوارج حربية روسية نحو الشاطئ السوري الممتد على مدى جغرافي واسع، وذلك في المياه الاقليمية التي لا تقاربها الدول الكبرى إلا إذا كان في الأفق وضع خطير أو موقف استراتيجي من ذلك الوضع وتداعياته المفترضة.
وعلمت "البناء" أن هذه البوارج الحربية الروسية ستصل اليوم الى المياه الاقليمية السورية، في مؤشر واضح من قيادة روسيا الاتحادية على أن الجمهورية العربية السورية خط أحمر، وأن مجرد الاستخفاف بحدود هذا الخط الأحمر لن يترك روسيا في موقع المتفرج أو اللامبالي أو شاهد الزور، وليتحمل كل فريق مسؤولياته وكل دولة تبعات قرارها.
يضاف الى ذلك، وبعد استخدام الفيتو المضاعف من قبل روسيا والصين، ما أعلنته الدولتان العظميان اليوم من إدانة للعنف الذي تمارسه المعارضة السورية ضد الجيش وعناصر حفظ النظام، وأن المطلوب من الغرب والدول العربية على حدّ سواء مطالبة المشاغبين والمجرمين من عناصر المعارضة بوقف فوري لأعمال العنف قبل مطالبة السلطة بضبط النفس.
وفي اشارة واضحة الى دول عربية تُسلّح المعارضة وتغذيها، جاء موقف كل من روسيا والصين على لسان مسؤولين رسميين فيهما، ليحسم موقفيهما من الضغوط الغربية على سورية، ويحسم كذلك مصير التكهنات مما دعي "الإحراج" الذي تشعر به الدولتان تجاه ما يسمى المجتمع الدولي، خصوصاً بعدما حذت الدول العربية الدائرة في فلك الولايات المتحدة حذو الغرب في فرض إجراءات انتقامية ضد سورية يسمونها عقوبات، إذ جاء موقفها أمس حاسماً فاصلاً لا يقبل التأويل.
تناغم وتواطؤ
في سياق متصل، تؤكد المعلومات التي تلقتها "البناء" من جهات دبلوماسية بارزة، ان حركة عدد من الدبلوماسيين الأميركيين باتجاه بعض الدول العربية، وبالاخص دول الخليج تؤشر الى "ان ما حصل ويحصل على صعيد استخدام الجامعة العربية ضد سورية، انما يجري بتواطؤ وتناغم بعض الانظمة العربية، وحتى بطلب من الادارة الاميركية وبعض حلفائها الغربيين".
وتكشف المعلومات، التي حصلت عليها الجهات الدبلوماسية بان الاسابيع القليلة المقبلة التي تسبق الانسحاب الاميركي من العراق ستشهد مزيدا من الضغوط الأميركية المباشرة ومن جانب ادواتها في بعض أنظمة الخليج وغيرها للتغطية على هذا الانسحاب الذي يوازي هزيمة العدو الصهيوني في عدوان تموز العام 2006، وبالتالي لتأمين سلامة الانسحاب بعيدا من اي هجوم محتمل من المقاومة العراقية.
لذلك، ترى هذه الجهات ان الحلف الاميركي ـ الخليجي سيتعاطى بسلبية مع اي مرونة سورية حيال القرار الاخير لوزراء الخارجية العرب الذي يطلب ارسال مندوبين الى سورية للاطلاع على ما يحصل على الارض، وذلك بهدف دفع الامور نحو التدويل وسعيا وراء استصدار قرار عن مجلس الأمن بحق سورية. وان كانت الجهات الدبلوماسية تؤكد ان روسيا لن تسمح بتمرير اي قرار ضد سورية، اذا لم يكن متوازنا وينظر بعينين اثنتين الى ما يجري على الارض. وتشير هذه الجهات الى ان الملف الأميركي ـ الخليجي يندفع ليس فقط نحو تصعيد الضغط السياسي والدبلوماسية والتهديد بمزيد من العقوبات، بل ان خطته تقضي برفع حالة العنف في سورية من خلال تحريك المجموعات المسلحة تحت اسماء واهية ومزعومة.
وفيما تحدثت بعض الاوساط الإعلامية ان دمشق تدرس تفاصيل قرار الجامعة العربية بارسال وفد المراقبين، ذكرت مصادر عليمة ان سورية ستتعاطى بمرونة مع هذا الطلب.
إلا أن اللافت في المواقف الخارجية من الوضع السوري هو تراجع رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان عن كلامه التصعيدي ضد سورية إذ بدا في مواقف اطلقها امس اكثر هدوءا. لكن ما يثير العجب هو ما نقلته الإذاعة "الإسرائيلية" عن مصادر دبلوماسية غربية في الأمم المتحدة من ان "غالبية الدول العربية تدعم اعتماد مشروع قرار أممي حازم يدين سورية"! كذلك، ما كشفت عنه صحيفة "ديلي تلغراف" البريطانية من ان دولة عربية على الأقل (قطر وغيرها) حثت رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون على قيادة حملة دبلوماسية ضد سورية بعد نجاحه في التعاون مع القوى الاقليمية في ليبيا.  السفير مصطفى
وأمس، كشف سفير سورية في الولايات المتحدة عماد مصطفى أن "اقتراح اجتماع الرباط (إمهال سورية ثلاثة أيام للرد على إرسال مراقبين من الجامعة العربية إلى دمشق) هو قيد الدراسة في دمشق".

ولفت مصطفى في حديث الى "المنار" الى أن سورية تنظر الى الامور بتجرد، فما فيه مصلحة لسورية ننظر اليه بعين ايجابية، وننظر الى عمليات الاستفزازعلى انها استكمال للهجوم الأميركي – "الاسرائيلي" على سورية"، مشيرا الى أننا "نعيش في الزمن العربي الرديء، وأنا شخصياً مؤمن أنها فترة انتكاسة لن تطول والأمور ستعود إلى نصابها الصحيح".
العبود: سورية متجاوبة
مع وقف النزيف
وبدوره، أشار أمين سر مجلس الشعب السوري خالد العبود الى أنّ "من يفهم استراتيجية التوجّه السوري، ومن يفهم المنهج الذي تشتغل عليه القيادة السورية يستطع أن يجيب مباشرةً على أي مبادرة يمكن أن تأتي من أي طرف"، معتبراً أنّ استراتيجية الرد السوري تقوم على مبدأ أنّه إذا كانت هناك أي خطوة لحقن دماء السوريين، سوف تبادر سورية الى التجاوب معها.
الداخلية السورية والبعثات الدبلوماسية
الى ذلك، حذرت وزارة الداخلية السورية امس من اي انتهاك لحرمة المباني الدبلوماسية في دمشق وقالت في بيان لها: "انها سوف تتخذ الاجراءات القانونية المناسبة بحق اي فاعل بما في ذلك توقيفه وتقديمه الى القضاء واتخاذ الاجراءات المناسبة، انطلاقا من التزامات الحكومة السورية بنصوص واحكام الاتفاقيات الدولية ولا سيما اتفاقيتي فيينا للعلاقات الدبلوماسية والقنصلية التي تحمل الدولة المضيفة مسؤولية حماية أمن البعثات ومبانيها، فان الوزارة تحذر كل من يحاول انتهاك حرمة المباني الدبلوماسية او يحاول الدخول أو إحداث أي ضرر بهذه البعثات.
لافروف يدعو الى الحوار
أما في المواقف من الوضع في سورية فقد دعا وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الى اجراء محادثات بين الحكومة السورية والمعارضة. وقال ان هذه المحادثات يجب ان تجري في مقر الجامعة العربية. ورأى ان "الهجوم على مجمع للمخابرات هو بمثابة حرب أهلية".
… والصين أيضاً
من جهته، أوضح الناطق باسم الخارجية الصينية ليو وايمين في مؤتمر صحافي أمس أن "الصين تأمل بأن يتخذ الافرقاء المعنيون جهوداً مشتركة لتنفيذ حل الجامعة العربية ومواصلة السعي الى حلول للأزمة السورية عبر الحوار".

وأضاف: أن "بيجينغ تواصل مراقبة الوضع في سورية عن كثب وهي تدعو الافرقاء المعنيين الى إنهاء العنف هناك، واستعادة الاستقرار والنظام في سورية في أقرب وقت".
إيران: موقف الجامعة
لا يساعد على الحل
بدوره، حثّ المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية "رامين مهمانبراست" الجامعة العربية على اتخاذ الإجراءات المناسبة بما يحقق السلام والاستقرار والتركيز على المفاوضات بغية التوصل لحل للأزمة السورية.

وأكد أن "القرار الأخير الصادر عن جامعة الدول العربية بوقف عضوية سورية لن يساعد في حل المشكلة"، داعيا في الوقت ذاته إلى "إتاحة الفرصة للرئيس السوري بشار الأسد لتنفيذ الإصلاحات التي وعد بها".
وزير خارجية الجزائر
أما وزير الخارجية الجزائري مراد مدلسي فقال ان "جامعة الدول العربية تسير في الطريق الصحيح لإنجاح مهمتها في سورية". وأوضح في تصريح لوكالة الأنباء الجزائرية الحكومية، ان "الجامعة العربية ستكون لها مهمة مزدوجة في حال توقيع دمشق خلال 3 أيام على البروتوكول المتعلق بمهام بعثة مراقبي الجامعة الى سورية".
"الاخوان المسلمون" يحرضون تركيا على التدخل!
في المقابل، اندفعت ما يسمى المعارضة السورية لأول مرة وبطريقة مباشرة الى طلب التدخل الأجنبي ولو عبر البوابة التركية، فأعلنت جماعة "الأخوان المسلمين" أنها مستعدة لقبول تدخل تركي لحماية المدنيين". وهذا يكشف حقيقة ما تسعى إليه هذه المعارضة المزعومة تحت عناوين مختلفة.
… اردوغان يتراجع
لكن رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان تراجع عن مواقفه التصعيدية وقال إن "أنقرة تعتبر مصلحة سورية وهدوءها من مصلحة تركيا وهدوئها"، مضيفاً إن "استقرار سورية هو استقرار للمنطقة".
ونقلت وكالة أنباء "الأناضول" التركية عن أردوغان قوله في افتتاح "منتدى البحر الاسود للطاقة والاقتصاد"، إن بلاده بذلت جهوداً كبيرة للمساعدة على إحلال الهدوء والاستقرار في سورية".
ورأى أنه "بالرغم من تحذيرات أنقرة وكثير من الدول والجامعة العربية، فإن سفك الدماء يتواصل في سورية، ونحن كتركيا نواصل التحذيرات من أجل حل سلمي في سورية"، داعياً "الدول الاقليمية الى إبداء الاهتمام باستقرار الوضع في دمشق".
واشنطن تهدد بمزيد من العقوبات
وفي واشنطن، قال نائب مساعد الرئيس الاميركي لشؤون الأمن القومي بين رودس في مؤتمر صحافي أمس: "إن الولايات المتحدة الاميركية تجري حالياَ مشاورات مع حلفائها الغربيين حول إمكانية فرض عقوبات على سورية"، مشيراً الى أن "المجتمع الدولي يزداد تضامناَ ضد الحكومة السورية".  

السابق
الفلسطينيون نفوا رواية إسرائيلية عن وقف مسعاهم في الأمم المتحدة
التالي
جعجع.. رئيس!!