بين المفصولة والمقبولة

بعد نجاحي في الثانوية العامة سنة 2006، واندلاع حرب تموز كهدية لي، بدأنا بالبحث السريع عن الجامعة المناسبة التي تليق بعدم اقتناعي بأي اختصاص من الاختصاصات التي كنت أحلم بها منذ صغري. ومع الضغوط الشديدة من العائلة والأصحاب، وقع اختياري على اختصاص لا أعرف عنه شيئاً، إلا انه مع "الواسطة" سيسمح لي بالعمل في أحد المصارف المحلية، كما وعدني عمّي. بدأت دراسة "التجارة وإدارة الأعمال"، مع العلم انه منذ صغري وأنا احلم بأن أخوض مجال الطب أو الصحافة.
كانت جامعة بيروت العربية هي الاختيار المناسب لأهلي من جهة، ولأصحابي الموجودين فيها من جهة أخرى. ذهبت مع أبي إلى الجامعة، سجّلت ما تيسّر من المواد هناك، مع عدم الوعي لنظامهم الجديد الذي بدأ تلك السنة تحديدا: النظام الأميركي أو نظام الأرصدة غير المفهوم حتى لدى الموظفين القدامى. كنا نقف في صف مكتظ بالطلاب، ونصرف كمية هائلة من الوحدات الحرارية للتوجه من مبنى إلى آخر لنتسجّل في كل فصل.

مرّت سنتان في الجامعة بلا معرفة واضحة لنظامهم الجديد، وكيفية جمع العلامات. كنا نعلم أن "C" معناها "ناجح ونكمل". وفي العام 2009 اضطررت للتغيّب عن الجامعة لأسباب صحية، بعد التسجيل والدفع المسبق للمواد. هكذا لم أستطع خوض الامتحانات. وفي المقابل لم يرض احد أن ينظر إلى تقارير الأطباء والمستشفيات. رسبت في ذلك الفصل، لأن "سيستام الكمبيوتر لم يتقبل حالتي الصحية!". تغيّر النظام في تلك السنة كما قال لي أصحابي، أصبحنا نتسجل مباشرة عبر الانترنت. يا للتطور!
عدت في العام 2010. أردت أن أكمل الحياة التي رسمت لي: خط ثابت، إجازة جامعية, عمل بالواسطة.. وزواج. عدت لكن بلا معرفة مسبقة عن النظام الجديد والتحذيرات التي تصل إلى "السيستام" ولا تصلني. وفي العام 2011 بقي لي 36 رصيدا لأنهي الإجازة. قررت الإفلات من الجامعة والتنحي عن الخط المستقيم والدخول إلى العالم الذي أجد نفسي فيه: الصحافة، وخاصة في الجامعة اللبنانية.

قدمت مباراة الدخول في اللبنانية. أسبوعان وقالوا لي إنني لم أقبل في الإعلام، لأنني طبعا لم احصل على الواسطة الكافية!
ذهبت إلى عدة جامعات خاصّة لأبحث عن قسم الصحافة فيها. وطبعا لم أجد جامعة تناسب وضعي المادي المتوسط. قررت العودة إلى جامعة بيروت العربية، مع اختناق واشمئزاز عارم من فكرة متابعتي لاختصاص أكرهه9. وإذا بهم يقولون لي إنني مفصولة من الجامعة! من طابق إلى طابق، من شخص إلى آخر، والنتيجة: أنا مفصولة بخطأ من "السيستام" وكل شيء سيحلّ. "قدمي طلب التماس فقط وستعودين…".
في هذا الوقت عادوا واتصلوا بي من الجامعة اللبنانية، وتحديدا من كلية الإعلام والتوثيق. الاتصال كان لتأنيبي بسبب تأخري عن التسجيل، فأنا "مقبولة"! ذهبت بسرعة البرق وأخذت محلي في الصحافة، واليوم ها أنا أنتظر حلّ مشكلة إضراب الأساتذة لأبدأ الدراسة.

بالصدفة، وبعد أسبوع ذهبت إلى جامعة بيروت العربية لأرى ما حلّ بوضعي، طبعا بعد الاتصالات اليومية بهم, وإذا بهم يقولون لي: أنت غير مفصولة وعلاماتك تخولك البقاء في الجامعة، لكن انتهى وقت التسجيل. تعالي في فصل الربيع!
وبين المفصولة والمقبولة "أكلت الضرب".  

السابق
تعويض بقيمة 4 دولارات
التالي
نحاس: مجلس الوزراء سيناقش قضية اعادة النظر بمرسوم زيادة الاجور