تموضع!

 بعيداً عن المواقف التصعيدية المتدرجة التي يتخذها النائب وليد جنبلاط من النظام السوري، بسبب سياسة القمع والقوة التي يستخدمها ضد شعبه الذي بات يطالب بإسقاطه بعدما كان يدعوه الى الاصلاح، سجل موقفاً متقدماً يتعلق بسلاح المقاومة ودوره والمهمات المنوطة به، معتبراً ان استعماله في الداخل امر مرفوض، وان مصيره يجب ان يبحث على طاولة الحوار من ضمن استراتيجية دفاعية يتم الاتفاق عليها بين المتحاورين وتنهي هذه المسألة التي ينقسم حولها اللبنانيون، وتهدد بنزاعات وحروب داخلية·
ليست المرة الاولى التي يتخذ فيها جنبلاط مثل هذا الموقف عن سلاح حزب الله واستخداماته ومصيره، فقد سبق لرئيس جبهة النضال الوطني حتى بعد خروجه من الرابع عشر من آذار وتموضعه في المقلب الآخر، ان اعلن معارضته ان يستخدم سلاح حزب الله في الداخل، ومطالبته استيعاب هذا السلاح من قبل الدولة في اطار خطة او استراتيجية دفاعية يجري التوافق عليها بين المتحاورين·

ورفض جنبلاط، ولا يزال يرفض منطق حزب الله الذي يقول بأن سلاحه باقٍ ما دامت اسرائيل باقية كدولة مغتصبة لأرض عربية وصولاً الى تكريسه بقائه الى الابد السرمدي، لكنه (جنبلاط) تغاضى او تجاهل هذا الطرح كي لا يستفز النظام السوري الذي لم يعرف كيف اعاد التواصل معه، وكي لا يستفز حليفه اللدود حزب الله، الذي لم يعرف ايضاً كيف يستعيد الثقة المفقودة، من دون ان يغير قناعاته الراسخة بوجوب جمع هذا السلاح من يد فريق من اللبنانيين بوصفه يشكل خطراً على الصيغة لمصلحة غلبة السلاح او استيعابه من قبل الدولة، المسؤولة وحدها عن أمن شعبها وحماية حدودها من الاطماع الخارجية·

وإذا كان اليوم يطرح مشكلة سلاح حزب الله واستعماله في الداخل، ويؤيد دعوة رئيس الجمهورية الى استئناف اجتماعات هيئة الحوار التي تعطلت او جمدت، بسبب موقف حزب الله من ملف شهود الزور ومن حكومة الوفاق الوطني التي تشكلت بموجب اتفاق الدوحة، فهذا معناه انه عاد ليلتقي مجدداً مع قوى الرابع عشر من آذار التي خرج منها قبل سنتين، على موقف واحد من هذا السلاح، ليعطي بذلك اشارة واضحة الى انه نادم على ما اقدم عليه ويتلو فعل الندامة بتبنيه مطلب قوى الرابع عشر من آذار بنزع السلاح في الداخل، وعبور الجميع الى الدولة كحاضنة للجميع والمسؤول الوحيد عن حماية امن الوطن والمواطن، وتالياً اسقاط منطق الغلبة بالسلاح·

وعلى قوى الرابع عشر من آذار ان تتوقف ملياً عند الطرح الجنبلاطي الجديد، وتتعاطى معه بإيجابية، خصوصاً وانها ليست بالمطلق ضد الحوار بل هي معه وترحب به، إذا كان موضوعه محددا بالاستراتيجية الدفاعية وحصرية السلاح بيد مؤسسات الدولة الامنية، اي الجيش وقوى الامن

 

السابق
مفاوضات سعودية – إيرانية… بلا أميركا؟
التالي
… عن الجيش؟