أحمد قبلان: طائفتنا لبنان ومذهبنا انطلاق الدولة وتحقيق الوفاق

  ألقى المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان خطبة الجمعة في مسجد الإمام الحسين في برج البراجنة، وجاء فيها:"لا شك أننا ندرك جميعا خطورة المرحلة وصعوبة المفترقات التي تنتظر المنطقة، وبالخصوص لبنان، هذا البلد الذي أصبح بسبب خياره المقاوم والممانع والرافض للاملاءات الأميركية – الصهيونية معرضا لضغوط شتى ولمحاولات متعددة الأوجه والوسائل ولإرباكات طاولت ساحته وأطفت عليها حالة من اللاإستقرار، أشغلت اللبنانيين بصراعات عبثية وانقسامية أدت إلى خلق مناخات فتنوية خطيرة من خلال إنشاء محكمة دولية تكشفت أوراقها، وقرار إتهامي لا معنى له سوى إبقاء لبنان واللبنانيين في دائرة اللعبة الدولية".

ودعا قبلان "الحكومة إلى عدم التلهي بما لا يخدم اللبنانيين والانصراف إلى ما يحقق وحدتهم الحقيقية ويؤمن مصالحهم بعيدا عن التكاذب والنفاق السياسي والطائفي، فالوقت لم يعد يسمح بالمناورات الخداعة، إنه وقت الإقلال من الكلام والإكثار من العمل المنتج الذي وحده يعطي الناس حق نقد هذه الحكومة.

كما أكد "أن لا أميركا ولا أوروبا ولا المجتمع الدولي ولا المجتمع العربي ولا مجلس النواب بإمكانه أن يمنح ثقة حقيقية فعلية لهذه الحكومة إذا لم تعمل على كسب ثقة الناس وثقة المواطن الذي يتطلع إلى الكثير ويأمل الكثير من هذه الحكومة، وعليها ألا تخيب آماله وأمانيه، فهي مدعوة لتأكيد الثوابت الوطنية وللعمل بكل تجرد ومن دون أية خلفيات سياسية أو حزبية، وبمسؤولية وطنية عالية بعيدا عن كل ما هو كيدي وتآمري. هذه الحكومة لجميع اللبنانيين وانحيازها يجب أن يكون انحيازا للكفاءة وللنزاهة، هذه الحكومة مطلوب منها أن تصحح وأن تغير وأن تكافح الفساد والمفسدين، هذه الحكومة مطلوب منها أن تنهج منهجا إصلاحيا ووطنيا بامتياز يصل إلى بناء دولة المؤسسات، هذه الحكومة أمام تحد كبير ولا خيار أمامها سوى ممارستها لمسؤولياتها بكل حزم وحسم وطبقا للقانون الذي نريده على الكبير قبل الصغير، وعلى المسؤول قبل المواطن. لقد شبعنا من الفوضويين ومن الانقساميين ومن كل الخطابات التحريضية والتخريبية، لقد شبعنا من كل هذا الهرج والمرج في السياسة وفي الطوائف وفي المذاهب، هناك ثوابت لا تقبل الاهتزاز لأن في اهتزازاتها يهتز معها لبنان وقد تسقطه، هناك شعب يجب أن يعيش، هناك مواطن يجب أن يشعر أنه في ظل دولة تطبق الثواب والعقاب، يجب أن نخرج من كل هذه الفوضى وهذا التغييب لندخل جميعا في كنف دولة تفرض فيها الواجبات والحقوق على كل المواطنين، لا نريد مواطنا درجة أولى ومواطنا درجة ثانية، المواطنون جميعا سواسية في هذا البلد، وما يميز المواطن عن أخيه المواطن هو كفاءته لا طائفته ولا مذهبه. لذا ندعو للكف عن اللعب والتلاعب بالكيان والمصير ووقف لعبة الارتهان لأيٍّ كان، أو العمل من أجل مصالح أي جهة إقليمية أو دولية، فلبنان دولة مستقلة له سيادته وله استقلاله وله قدراته وإمكانياته فلا تهدروها ولا تبيعوها ولا تضيعوها من أجل مصالح خاصة أو غايات عابرة، نحن لبنانيون ولبنان من مسؤوليتنا جميعا مهما كان إنتماؤنا وولاؤنا السياسي والطائفي".

وحذر قبلان "من الاستنسابية ومن المحاصصة ومن سياسة التدليس والتمليق، وعلى هذه الحكومة ألا تتهاون في أي أمر له علاقة بإعادة بناء الدولة القادرة على الدفاع عن أرضها وشعبها والضامن لحقوقها ولثرواتها المائية والنفطية في مواجهة التحدي الصهيوني الذي لم يعد له حدود وليس في مقدور اللبنانيين مواجهته إلا إذا خرجوا من الذهنيات البائدة التي تحرص على إلهاء اللبنانيين بموروثات الفرز والتصنيف، فاللبنانيون مدعوون اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى تجاوز صراعاتهم وانقساماتهم والقبول بسعة صدر ورجاحة عقل بأصول اللعبة الديمقراطية وبعملية تداول السلطة التي لن تدوم لأحد وبممارسة دورهم وواجبهم الوطني بروح عالية من المسؤولية".

وختم بالقول:"من يريد أن يعارض فليعارض ولكن ضمن الأصول، ومن هو في السلطة فليحكم ولكن أيضا وفق الأصول، ولتنطلق المسيرة بخطى ثابتة وبنظرة واحدة لجميع اللبنانيين، وبالخصوص في مجال التعيينات الإدارية التي يجب أن تكون قائمة على ضابطة الكفاءة والنزاهة لا على المحسوبيات، ولا نريدها حكرا على أحد، ولا وراثية لأحد، إنما هي ملك كل لبناني عنده الكفاءة وله كامل الحق في أن يتسلم أي منصب من مناصب الدولة، دون الالتفات إلى هويته الطائفية أو المذهبية، فطائفتنا هي لبنان، ومذهبنا هو أن تنطلق الدولة ويتحقق الوفاق". 

السابق
الخوري: هناك متابعة لمعرفة أسماء اللبنانيين المشمولين بالعفو في سوريا
التالي
غاي: لدرس الترسيم البحري بشكل تقني للوصول الى الحل