السفير: الكمين لا يصيب الثقة.. ولا يهز ميقاتي وبان ينتقد إطلاق النار في مارون الرأس.. وإسرائيل تحتج

أيا تكن الاسباب الكامنة خلف المبارزات الكلامية الحامية التي شاهد اللبنانيون فنونا منها، في مجلس النواب أمس مباشرة على الهواء، فإن الأكيد انها لن تغير شيئا في الحقائق الثابتة وفي طليعتها ان الحكومة ستنال اليوم ثقة برلمانية مضمونة ومريحة، وأن رئيسها نجيب ميقاتي سيصبح بدءاً من بعد الظهر مكتمل الشرعية الدستورية، ليباشر رحلة الألف ميل نحو السعي الى كسب ثقة الناس، وهذا هو التحدي الأصعب أمامه وأمام حكومته الثلاثينية.

ولم يحجب غبار السجالات المتنقلة الرؤية عن المضمون السياسي للمداولات، حيث عمد عدد من نواب الاكثرية الى التشريح التفصيلي للمرحلة السابقة ودفعوا المعارضة نحو موقع دفاعي من خلال إثارة ملفات حساسة في وجهها، تتعلق بالسياسات المالية والاقتصادية وتهريب المحكمة خارج المؤسسات الدستورية والموقف من سلاح المقاومة، كما فعل نواب «كتلة الوفاء للمقاومة» بالتناغم مع زملائهم في «تكتل التغيير والإصلاح»، فيما واصل نواب 14 آذار من جهتهم العزف التقليدي على وتري سلاح «حزب الله» والمحكمة الدولية وقرارها الاتهامي، مع التركيز على محاولة استفزاز وجدان الرئيس نجيب ميقاتي، علما أن الجيش لم يسلم من نيرانهم السياسية أمس التي طالت لليوم الثاني على التوالي رئيس الجمهورية ميشال سليمان.

ولئن كانت جلستا مناقشة البيان الوزاري قبل ظهر أمس وبعده قد شهدتا أكثر من تلاسن حاد بين نواب في الأكثرية والمعارضة، إلا ان هذا الخروج على النص بدا من دون سياق سياسي متين، لا سيما ان القرار المركزي لقوى الاكثرية بعدم الانزلاق الى مواجهة مجانية مع الفريق الآخر ما زال ساري المفعول، وبالتالي فإن مبادرة بعض نواب 8 آذار الى الرد بعدما خذلتهم أعصابهم يندرج في إطار «الاجتهاد الشخصي»، بالدرجة الاولى.

وقد اكتسب الاشتباك الكلامي بين النائب نهاد المشنوق من جهة والوزير علي حسن خليل والنائب نواف الموسوي من جهة أخرى البعد الأكثر حساسية بالنظر الى ما يمثله اطراف هذا الاشتباك، سواء على مستوى الانتماء السياسي او الانتماء المذهبي.

لكن ما ساعد على احتواء محاولات حرف المناقشات عن مسارها خبرة الرئيس نبيه بري في إدارة اللعبة البرلمانية وقدرته على امتصاص التوترات المفتعلة، تارة عبر القوة الناعمة وطورا عبر اللهجة الحاسمة، الامر الذي ابقى الامور تحت السيطرة.
أما تكتيكات المعارضة فقد اختلفت أمس قياسا الى وقائع مناقشات أول من أمس، والتي ظهر ان هدوءها الظاهري كان مخادعا، ويندرج في سياق جس النبض واستكشاف الارض، قبل هبوب العاصفة، وبدا واضحا
في هذا السياق تعمد صقور نواب 14 آذار ضخ جرعات سياسية زائـدة في خطاباتهم، استهدفت بشكل مباشر سوريا وحزب الله إضافة الى الحكومة ورئيسها.
وحده الرئيس نجيب ميقاتي بقي صامتا، وهادئا، محافظا على رباطة جأشه ومنافسا أيوب على صبره، برغم الحملات العنيفة والشخصية التي تعرض لها والتي بلغت حد تخوينه واتهامه بالتفريط بدماء الشهداء والخضوع لحزب الله. لم يحرك ميقاتي ساكنا، واكتفى بالإيماء المرمّز من خلال ملامح وجهه، الى حين ان يأتي أوان وضع النقاط على الحروف عندما يرد اليوم على ما سمعه في ختام جلسات مناقشة البيان الوزاري.

ومن المتوقع أن يكون رده مقتضبا وهو سينطلق، على الأرجح من النقطة التي أثارها الرئيس بري، أمس، بأن ما شـهدته جلسات المناقشة، أكبر دليل على الحاجة للحوار، وبالتالي سيشدد على أن لبنان لا يمكن أن يحكم لا بالانكسار ولا بالانتصار، وسيجدد دعوته إلى التلازم الوثيق بين العدالة والاستقرار مكملا ما كان الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله قد أشار إليه في كلمته لمناسبة «يوم الجريح المقاوم»، كما سيعيد ميقاتي التشديد على مضمون موقفه الذي عبر عنه منذ الساعات الأولى لتكليفه في إطلالته التلفزيونية الأولى، عبر شاشة «ال بي سي» ومن ثم في كل المناسبات، بأن لبنان لا يمكنه التخلي عن المحكمة الدولية وهو ملتزم بالقرار 1757 وبكل موجباته ومندرجاته، مؤكدا أهمية صيانة الوحدة الوطنية والعيش المشترك ورفض الزج بالسلاح في الداخل اللبناني.

ومن المقرر أن يــطلق ميـــقاتي مواقف أخــرى مساء اليوم خلال حــفل عشاء هو الأول الذي يقيمه في السرايا الكبيرة، وذلك على شرف المشاركين في المؤتـــمر الذي يعقده اتحاد المحامين العرب في لبنــان (طرابلس)، ويتـــطرق فيه الى عــناوين لبنانية وعربية

المطارنة الموارنة
الى ذلك، وفي موقف لافت للانتباه اعتبر مجلس المطارنة الموارنة بعد اجتماعهم الشهري برئاسة البطريرك بشارة الراعي، أمس، في بكركي «أن إصدار المحكمة الدولية قرارها الظنّي في وقت كانت الحكومة الجديدة تستعد لمناقشة بيانها الوزاري قد أجّج الجدال وزاد الشرخ بين الأفرقاء السياسيين في لبنان»، مناشدين «جميع المسؤولين السياسيين الحفاظ على مستوى النقاش الديموقراطي الراقي، والسعي إلى توحيد الرؤية وإظهار الحقيقة والعمل على تحقيق العدالة التي من شأنها وضع حدّ لمسلسل الاغتيالات ووأد الفتنة في البلاد».

بان ينتقد الجيش الاسرائيلي

على صعيد آخر، انتقد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الجيش الإسرائيلي بشدة في تقرير قدمه إلى الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي، واعتبر فيه أن القوات الإسرائيلية أطلقت النيران الحية من دون سبب، باتجاه متظاهرين عزّل في قرية مارون الراس اللبنانية في ذكرى النكبة الفلسطينية في 15 ايار الماضي

ودعا بان في التقرير «القوات الإسرائيلية الى الامتناع عن فتح النيران الحية في مواقف مشابهة ما لم تكن بوضوح في حالة تحتاج فيها الى ضمان الدفاع عن النفس»، معتبرا ان «اطلاق الجيش الرصاص الحي عبر الخط الأزرق ضد المتظاهرين، يشكل انتهاكا للقرار 1701».

وبحسب صحيفة «هآرتس»، فإن السلطات الاسرائيلية قررت الاحتجاج على التقرير عبر مقاطعة معدّه، مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى لبنان مايكل وليامز، حتى اشعار آخر، فيما اكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية يغال بالمور ان وليامز
ليس موضع ترحيب في اسرائيل وأن الوزارة ستقطع كافة الاتصالات معه، قائلا «انني أفضل عدم إعطاء تفاصيل عن كيفية استقباله في إسرائيل».

وعلمت «هآرتس» ان وزير الخارجية الاسرائيلية افيغدور ليبرمان سارع الى مطالبة بعثة اسرائيل الدائمة في الامم المتحدة برفع احتجاج شديد اللهجة الى بان، وحثه على توبيخ وليامز.

السابق
النهار: مفاوضات بين قوى الأمن والمتظاهرين في حماه لرفع المتاريس من الشوارع مقابل إطلاق المعتقلين
التالي
كيف ستترجم الحكومة شعار كلنا للوطن وللعمل؟