الجمهورية: 14 آذار استعادت مشهدها وبدأت العمل لإسقاط الحكومة: حملة لإخراج الجمهورية من أسر السلاح

بعد 24 ساعة على الهجوم الدفاعي لـ"حزب الله" على القرار الاتهامي، بدأت قوى 14 آذار دفاعها الهجومي، فأطلقت سلسلة رسائل من فندق "البريستول" إلى العالم الدولي والعربي عموما والداخل خصوصا، داعية الحكومة إلى إعلان التزام واضح القرار 1757 الذي أنشئت المحكمة الخاصة بلبنان بموجبه. وأكدت أن مطالبتها بالحقيقة والعدالة في اغتيال الرئيس رفيق الحريري وسائر الضحايا هي من أجل السلم والاستقرار، وأن العدالة لا تشكل تحديا إلا للمجرمين، لافتة إلى "أن موجات الاغتيال السياسي وأعمال القتل والتفجير التي شهدها لبنان ما كان لها أن تبلغ هذا المدى إلا ببيئة نما فيها السلاح غير الشرعي".

وطالبت قوى 14 آذار رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بـ"إعلان التزامه صباح غد الثلثاء أمام المجلس النيابي القرار 1757 أو الرحيل هو وحكومته غير المأسوف عليهما، لأن الحكومة هي حكومة انقلاب على اللبنانيين الذين انتصروا للعدالة ووجدوا في المحكمة الدولية الجهة القادرة على محاكمة المسؤولين"، داعية اللبنانيين إلى "التمسّك بمبادئ ثورة الأرز. وشدّدت على أن "قوى 14 آذار تتمسّك بتنفيذ قرارات الشرعية الدولية كافة ولا سيما القرار 1757 بكل مندرجاته وتلتزم مواجهة المسار المدمر للدولة، الذي بدأ بالاستيلاء المسلح على العاصمة العام 2008 ومتابعة النضال لكسر هذه الغلبة القائمة على السلاح، ومباشرة العمل لإسقاط الحكومة ما لم يعلن رئيسها تنفيذ القرار 1757، إضافة إلى إطلاق حملة عربية ودولية لإخراج البلاد من غلبة السلاح والطلب من المجتمع الدولي والعربي عدم التعاون مع الحكومة إذا لم تلتزم القرار 1757".

وبذلك استعادت قوى 14 آذار مشهدها السابق الذي لم يؤثر فيه غياب الرئيس سعد الحريري، وبلغ استنفارها الذي بدأ عشية صدور القرار الاتهامي أوجه، وترجم في اللقاء الخامس الذي عقدته مساء أمس في فندق البريستول تحت عنوان "المحكمة طريقنا إلى الخلاص"، وحدّدت خريطة طريقها للمرحلة المقبلة في حضور رئيس حزب "الكتائب اللبنانية" الرئيس أمين الجميّل، رئيس كتلة "المستقبل" النيابية الرئيس فؤاد السنيورة، كتل نواب "لبنان أولا"، "القوات اللبنانية"، "الكتائب اللبنانية"، "اللقاء الديمقراطي"، وعدد من الشخصيات وممثلي هيئات ومؤسسات المجتمع المدني. كما غاب رئيس "حزب القوات اللبنانية" الدكتور سمير جعجع الذي سافر إلى الإمارات العربية، فيما حضر النائب سامي الجميّل للمرة الأولى، والعضو المؤسّس للتيار الوطني الحرّ سليم عازار، وهو أحد أعضاء لجنة الحكماء الأربعة التي أعلنت معارضة النائب ميشال عون.

بدأ المؤتمر بكلمة افتتاحية للدكتور فارس سعيد، قال فيها: "إنّ وصاية السلاح التي حلّت مكان الوصاية السابقة تضعنا أمام خيار من اثنين: إمّا الخضوع إلى شروط حزب ألله أو استقبال الحرب الأهليّة.

نجحَ السلاح في إخضاع السلطة اللبنانية من خلال إسقاط حكومة سعد الحريري كردّ أوّلي على صدور القرار الاتّهامي والإسراع في تشكيل حكومة نجيب ميقاتي فورَ الإعلان عن وصول مذكّرات التوقيف الصادرة عن المحكمة الدولية إلى بيروت.

وقد أكّدَ لنا حزب ألله البارحة من خلال إطلالته الإعلاميّة أنّ حكومة نجيب ميقاتي أصبحت رهينة بين يديه وسيوكَل إليها مهمّة مواجهة المحكمة الدولية، أي مواجهة صريحة للقرار 1757 الصادر تحت البند السابع.

وبكلام آخر يريد حزب الله وضع الشرعية اللبنانية في مواجهة الشرعية الدولية مع كلّ ما يترتّب علينا من انعكاسات سلبية، فضلا عن أنّ التفلّت من العدالة سيفتح الباب أمام ممارسات إرهابيّة متكرّرة.

أيّها الرفاق، إنّ الحرص الذي أبداه الأمين العام لحزب الله على حكومة الرئيس نجيب ميقاتي يجعلُنا لا نضيّع البوصلة. علينا انتزاع شرعيّة السلطة في لبنان مجدّدا حتى لا يتحوّل لبنان إلى وطن أسير.

يمسِك حزب الله بحكومة لبنان، علينا استرجاع حكومة لبنان. ولا يغيب عنّا أنّ هذه المعركة لا تُربَح بالضربة القاضية، إنّما بالنقاط. الجولة الأولى ستكون في مجلس النوّاب، يليها جولات وجولات من نوّاب 14 آذار، وجولات أخرى على عاتق كلّ 14 آذار، قادة وأحزابا ورأيا عامّا ومستقلّين. إنّنا أمام مرحلة جديدة مفصليّة يترتّب على أدائنا مستقبل لبنان".

مداخلات

بعده تحدّث الرئيس أمين الجميّل، لافتا إلى أنّ "القرار الاتهامي طال انتظاره وقد شكّل نقلة نوعية في المسار الوطني"، داعيا إلى "اتخاذ العبر منه ومعرفة طريقة مواجهة المرحلة المقبلة التي ستكون صعبة جدا". أضاف: "تبيّن أنّ كلام السيد نصر الله كلام مواجهة، ومن الواضح أنّهم يريدون تغطية السموات بالقبوات، وبقدر ما نتحد بقدر ما نتفق على خطوات عملية لمواجهة المرحلة المقبلة".

هنا، أكّد الرئيس فؤاد السنيورة كلام

الجميّل، وقال: "جميعنا يتابع التطورات التي طرأت منذ الانقلاب حتى كلام الأمس مرورا بالبيان الوزاري الذي نجد فيه تنصّلا من المحكمة والعمل على مواجهة القرار الرقم 1757، وهذا الأمر يتطلب في هذه المرحلة الحافلة بالتحديات أن نتضامن ونثبت ونصمد كما صمدنا في المرحلة السابقة".

من جهته، اعتذر النائب جورج عدوان عن عدم حضور الدكتور سمير جعجع، وقال إنّه كان مشاركا في وضع الخطوط العريضة للبيان، و"هو ملتزم كل ما نقرّره معا".

وأكّد أنّ "المهم اليوم هو حسن توصيف المرحلة التي نعيشها، فقبل الانقلاب كانت هناك دولة وحكومة وفريق سياسي يخلق دولة إلى جانب الدولة، اليوم هذا الفريق أصبح له دولته ويضع يده على الدولة". أضاف: "اللاشرعية استولت على الشرعية، وإعادتها إلى كنفها الصحيح يكون بإسقاط الحكومة، أمّا محاولة تحييدها فهي محاولة إبقاء غطاء شرعي للاشرعية القائمة تجاه المجتمع العربي والدولي". ورفض عدوان التعامل مع "جلسات الثقة بملفات الكهرباء والمديرين العامين وغيرها على رغم أهميتها، لكن الأهم يبقى واقع وضع اليد على الدولة"، داعيا إلى "مراقبة التزام الحكومة القرار 1757، فإما الالتزام الكامل أو الرحيل".

ثمّ تحدث المنسّق العام لتيار "المستقبل" أحمد الحريري، فنقل إلى المجتمعين تحيات رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، معلنا "التزام التيار كل الخطوات التي يتوافق عليها المجتمعون لحماية حرية لبنان وسيادته واستقلاله". وشدّد على أن "المعركة شرسة لكن من استطاع الصمود أمام العواصف يمكنه وبمزيد من الصبر والمثابرة أن يحقق القيامة لهذا البلد"، رافضا "محاولة إعادة لبنان إلى الوراء"، لافتا إلى أنّ "الثورات العربية هي الدافع ليتقدم لبنان لا أن يعود إلى الوراء".

أمّا النائب مروان حمادة، فأعلن أنّ المشهد الأول الذي استوقفه عند عودته إلى بيروت كان "مشهد عمّال التنظيف على طريق المطار الذين عملوا على إزالة بقايا رصاص الابتهاج بكلام السيّد حسن نصر الله"، معتبرا أن ما صدر عن هذا الأخير "هو إمعان في التزوير واستعمال المزوّر". ورأى أن "الكلام على رئيس المحكمة الدولية القاضي أنطونيو كاسيزي وتصويره بأنه عدو للمسلمين هو كلام مردود أصلا، لأن هذا القاضي الأوروبي الكاثوليكي كان الأكثر تشددا بالأحكام على عدد من القتلة المسيحيين للمسلمين في يوغسلافيا"، داعيا إلى أن "يكون النداء صارما وشديدا وأن يعطي العنوان لما ستكون عليه مداخلاتنا في مجلس النواب".

وقبل تلاوة البيان، شُكِّلت لجنة لإعادة صياغته تألفت من النواب حمادة، عدوان، نهاد المشنوق، وسامي الجميّل، إضافة إلى نصير الأسعد، قبل أن تبدأ المناقشات بإدارة النائب السابق سمير فرنجية تضمنت سلسلة ملاحظات واقتراحات. وقد علمت "الجمهورية" أنّ نقاشا طويلا وحادّا دار في شأن البيان، وسجّل معظم المشاركين تحفّظا لعدم اعتماد البيان لهجة أقوى ومشدودة أكثر، فاعتبر الرئيس فؤاد السنيورة أنّ "البيان يأتي خارج إطار اللحظة السياسية التاريخية المتمثلة بالقرار الاتهامي"، مشدّدا على ضرورة أن "يتضمّن ردا على الأمين العام لحزب الله".

فعقّب عليه النائب إيلي ماروني بالقول: "الناس تنتظر قرارنا"، فتابع النائب هادي حبيش، لافتا إلى أنّ "اللبنانيين ينتظرون خطة لما بعد القرار الاتهامي"، مقترحا "وضع خطة لإسقاط الحكومة والدعوة إلى انتخابات نيابية مبكرة".

أمّا الوزير السابق حسن منيمنة فدعا إلى "اعتماد بيان يتوجّه إلى جميع اللبنانيين وليس إلى جمهور 14 آذار فقط"، مقترحا تضمينه "مواقف جذرية من دون التباسات ترد على نصرالله".

من جهته، سأل النائب السابق غطّاس خوري: "هل فعلا نريد إسقاط هذه الحكومة أو لا، فإذا أردنا إسقاطها، يجب ألّا يكون موقفنا ملتبسا".

هنا، برز موقف للنائب روبير غانم الذي رفض "تحميل حزب الله منفردا المسؤولية، بل كل الأطراف المشاركين في الحكومة"، داعيا إلى تضمين البيان "فقرة تشير إلى أنّ هذه الحكومة تضع لبنان خارج الشرعية الدولية". واقترحت الوزيرة السابقة نايلة معوّض أن "يذكر البيان العواقب السلبية التي يمكن أن تترتب على لبنان جرّاء عدم تنفيذ قرار المحكمة". وبرزت كلمة للرئيس فؤاد السنيورة، أكّد فيها ضرورة عدم الخلط بين دعوة الحكومة إلى التزام قرار المحكمة أو إسقاط الحكومة، وبالتالي يجب أن نوضح الموقف في البيان.

بدوره، تمنّى النائب السابق باسم السبع أن يتضمّن البيان بعض المصطلحات التي استعملها الدكتور فارس سعيد، في حين دعا النائب سامي الجميّل إلى تضمين البيان خطة المرحلة المقبلة مقترحا إسقاط الحكومة بخطوات عملية تبدأ بجلسات الثقة واعتماد لهجة عالية النبرة، تليها خطوات تحضيرية على الأرض. أضاف: "على البيان أن يؤكد أنّ القرار الاتهامي لن يمرّ مرور الكرام".

كما سجلت مداخلات لكل من النائب بدر ونوس، الإعلامية مي شدياق ورئيس حركة الاستقلال ميشال معوّض. وقد ردّ سعيد، موضحا أنّ "الجميع توافقوا على البيان"، متمنّيا عدم حصر هذا المشهد السياسي العريض في إطار الرد على نصرالله.

السابق
نصر الله: الحكم على المحكمة
التالي
“حزب الـله” يستأخر الانفجار