الأسد: للإصلاح جدول زمني … ودور للشعب

أكد الرئيس السوري بشار الأسد إصرار قيادته على الإصلاح الذي يجب أن يكون بـ«شراكة من الشعب» كما يجب أن يسير «وفق آلية زمنية» مريحة. وجاء كلام الأسد خلال استقباله وفدا ثانيا من الجالية السورية في الولايات المتحدة الأميركية أمس، فيما عقد مؤتمر ثان للحوار في العاصمة السورية بحضور شخصيات مستقلة بينها نواب سابقون، لبحث «التحول لدولة مدنية ديموقراطية».
ومن المتوقع وصول وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو هذا الأسبوع إلى دمشق، حيث تبدو أجواء دمشق مرتاحة أكثر من السابق للإشارات التركية التي حرصت أنقرة إلى أيصالها بوسائل مختلفة في اليومين الأخيرين، في ظل عودة بطيئة للاجئين السوريين من تركيا.
وفي السياق، أقال الرئيس الأسد أمس الأول، محافظ حماه أحمد عبد العزيز، بعد فشله في ضبط الأوضاع في المدينة، الأمر الذي أدى لتردي الأوضاع الاقتصادية والخدمية فيها وفق ما قالت مصادر إعلام محلية. ونفت مصادر مراقبة أن يكون مغزى الإقالة «ترجيح الحل الأمني» مشيرة الى احتمال تعيين محافظ جديد قريبا، على أن يستمر الحوار الذي كان قائما بين السلطات وفعاليات في المدينة.
وكان الرئيس بشار الأسد استقبل صباح أمس، وفدا من الجالية السورية في الولايات المتحدة الأميركية وبحث معه في لقاء استمر خمس ساعات تقريبا «الأحداث التي تشهدها سوريا ودور الجالية السورية في المغترب في المساعدة لتجاوز
هذه الظروف التي تمر بها سوريا عبر دعم مسيرة الإصلاح والمساهمة بنقل الصورة الحقيقية لما يجري إلى الخارج».
وقال المهندس نجيب هنا لـ«السفير» إن الرئيس الأسد في لقائه كان مرتاحا وشفافا، وأجاب على كل التساؤلات، مشيرا إلى أنه أكد على أن «الإصلاح مستمر وبدأ منذ فترة طويلة إلا أنه يحتاج لوقت لكي ينجز»، منوّها بأن الرئيس الأسد أشار إلى ما يشبه جدولا زمنيا، بعض محطاته جلسة اللقاء التشاوري الأحد المقبل، وإشكالية الاولويات في الطرح من حيث تعديل الدستور أو الانتخابات العامة، مؤكدا أن هذه مسائل على «الجمهور أن يقررها وليس السلطة فقط». من جانبه شدد الطبيب فواز حداد على هذه النقطة، مؤكدا أن الرئيس الأسد يرغب في «أن يناقش الناس القوانين التي ستصدر لكي يشعروا أنهم شركاء في صنعها «.
بدوره نقل هنا أنه لمس «ارتياحا شديدا لدى الرئيس. وأن الأمور تحت السيطرة»، مشيرا إلى أن الأسد اعترف بحصول أخطاء أمنية كما أكد على العامل الخارجي «الواضح» في الأحداث.
الموقف التركي
ويقوم وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو بزيارة إلى دمشق هذا الاسبوع، يلتقي خلالها الرئيس الأسد ونظيره السوري وليد المعلم. وتأتي الزيارة بعد توتر في العلاقات السورية التركية، التي وصفها المعلم بانها «حب من طرف واحد». وهو «حب» تقول مصادر، إن داود أوغلو يرغب في تأكيده خلال زيارته، حيث أرسلت «أنقرة إشارات بهذا الصدد للقيادة السورية كما للجمهور السوري» في إشارة إلى لقاء للسفير التركي في دمــشق عمــر أونهون مع التلفزيون الســوري لهذه الغاية.
واعلنت وكالة ادارة الاوضاع الطارئة التابعة لرئيس الوزراء التركي ان عدد اللاجئين السوريين الذين عادوا الى بلادهم بلغ خمسة الاف وان نحو عشرة الاف ما زالوا في تركيا. واوضحت الوكالة على موقعها على الانترنت ان 343 لاجئا فضلوا العودة الى سوريا ليرتفع عدد الذين عادوا الى بلادهم الى 5001، في حين عبر عشرون لاجئا جديدا الى تركيا ليصل عددهم الاجمالي في تركيا الى 10227.
مؤتمر في دمشق
من جهة أخرى، عقد مؤتمر جديد في فندق سميراميس في دمشق تحت عنوان «المبادرة الوطنية لأجل مستقبل سوريا» دعت له شخصيات سورية وصفت بالمعــتدلة بيــنها أعضـاء مجلس شــعب وأكاديميون.
وقدمت أمام المؤتمر ورقة نقاش تضمنت أربعة محاور منها محور بناء الثقة واشارت إلى أنه «تمهيدا لإنجاح دعوات الحوار ندعو السلطة السياسية في سوريا إلى المبادرة إلى اتخاذ خطوات سريعة لإزالة الاحتقان وبناء جسر الثقة بينها وبين مواطنيها وعلى رأسها المبادرة إلى وقف النزف بين أبناء الوطن الواحد وسحب وحدات الجيش والقوات المسلحة من كافة المدن السورية وتكليف الشرطة وقوات حفظ النظام بحماية أمن المواطنين ومطاردة المسلحين»، كما تضمن المحور الأول «حماية الوحدة الوطنية ومنع كافة وسائل التحريض على الفتنة والشحن الطائفي ووقف الملاحقة واعتقالات الرأي والإفراج الفوري عن كافة الموقوفين والمعتقلين السياسيين وكفالة التظاهر السلمي مع التزام الشرطة بحماية وسلامة المتظاهرين، والسماح لكافة وسائل الإعلام بتغطية الأحداث في سوريا والمحاسبة العلنية لكل من تسبب في قتل متظاهرين سلميين أو افراد الجيش والأمن».
أما المحور الثاني فلفت إلى أن المؤتمر سيتبنى بعض الآليات العامة التي تشكل المرحلة الانتقالية مثل مبادرة السلطة بإعلان برنامج الإصلاح السياسي وبنوده ضمن جدول زمني محدد واضح لا يتجاوز 12 شهرا ينتهي بانتهاء المرحلة الانتقالية، وتشكيل حكومة انتقالية مستقلة تشرف على تنفيذ إجراءات المرحلة الانتقالية»
وواجه المنظمون متاعب في البداية في قاعة الفندق التي سبق وضمت لقاء معارضين ومستقلين الاسبوع الماضي. مما دفع عضو مجلس الشعب السابق محمد حبش إلى انتقاد «سوء المعاملة من الفندق».
وكانت المياه والكهرباء مقطوعة في الفندق، كما أفيد عن حدوث اشتباك بين المجتمعين.
وينظر مراقبون إلى الحراك الحالي على أنه جزء من محاولة فرز سياسي تسبق الانتخابات التشريعية المقبلة، كما تسمح بـ«إبراز تعدد الخيارات» مع إقرار قانون الأحزاب المتوقع قبل نهاية الشهر الحالي.
في هذا الوقت أقال الرئيس الأسد محافظ حماه أحمد عبد العزيز من دون أن يبين الأسباب لذلك. ولكن مصادر إعلامية محلية تحدثت عن «سوء إدارة» للأوضاع في المحافظة، ولا سيما في ضبط حالة الاحتجاج الموجودة فيها، خصوصا أنها باتت تتغذى من مدن أخرى في البلاد. ويأتي الموقف من عبد العزيز بشكل اساسي لسوء تعامله مع مسيرة التأييد التي جرت الاسبوع الماضي، وتعرض فيها المشاركون للضرب من مجموعة مناهضة مما أوقع عددا كبيرا من الجرحى، كما أدى لأضرار مادية كبيرة في ممتلكات خاصة للمواطنين.
كما يأتي من باب الانتقاد للمحافظ لـ«عدم ضبط نفوذ المحتجين الذي بات يؤثر على سير عمل المدينة ككل، من حيث فرضهم بالقوة إغلاق المحلات والمصارف إضافة للضغط من أجل التظاهر». واعتمد المحافظ «اسلوب التفاوض» مع المحتجين، قبل كل تظاهرة، إلا ان الأعداد تنامت من خارج المدينة كما باتت بعض المجموعات خارج السيطرة وتم تداول شعارات مذهبية، مما دفع السلطات لإقالة عبد العزيز، على أن تعاود عملية التفاوض مع بعض «وجهاء المدينة» لإعادة الحياة لطبيعتها خلال زمن محدد مع مراعاة الحساسية الخاصة للمدينة.
وقال نشطاء ومقيمون لوكالة «رويترز»، إن دبابات الجيش السوري انتشرت على مداخل مدينة حماه بعد يومين من خروج أضخم احتجاجات تشهدها المدينة ضد الاسد منذ تفجر الانتفاضة قبل ثلاثة أشهر. وقال رئيس المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن لـ«رويترز» إن العشرات اعتقلوا في ضواحي حماه واضاف ان السلطات تميل على ما يبدو الى الحل العسكري لاخضاع المدينة.
وذكرت وكالة الانباء السورية أن عشرات الالاف من ابناء مدينة صافيتا وريفها شاركوا فى مسيرة حاشدة دعما للاسد وتأكيدا على الوحدة الوطنية. وفي حمص نظم أهالي المحافظة حملة وطنية بعنوان «بيكفي» حيث صبغوا أكفّهم بألوان العلم السوري الذي بلغت مساحته ثلاثة آلاف متر مربع على طول 500 متر وعرض 6 أمتار ووضع في الملعب البلدي وذلك دعما «لمسيرة الإصلاح الشامل وتقديرا لدور الجيش في حفظ الأمن والاستقرار وتأكيدا على الوحدة الوطنية».
واشنطن مرتاحة لموسكو
إلى ذلك، قال دبلوماسي عربي في واشنطن، إن الإدارة الأميركية التي تفرض مزيدا من العقوبات على رموز النظام في سوريا، «تنظر من طرف خفي بارتياح إلى ثبات الموقف الروسي المعارض بشدة لتدخل مجلس الأمن الدولي بالشأن السوري أو إصدار قرار يدين ممارسات النظام».
وأضاف الدبلوماسي في حديث لوكالة «أنباء موسكو»، إن إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما لا تريد فتح «جبهة جديدة» مع العالم العربي في سوريا، معتبرا أن البيت الأبيض «متواطئ» مع الكرملين في عدم السماح بإسقاط نظام الأسد. وأكد أن تصريحات وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، عقب لقائه نظيره الفرنسي آلان جوبيه في موسكو، والتي شددت على ضرورة أن تتفاوض المعارضة مع النظام، «تنسجم تماما مع المساعي الأميركية لحض المعارضة داخل سوريا وخارجها على التفاوض مع النظام».
من جهتها، اعلنت وزارة الاقتصاد السويسرية ان سويسرا جمدت 31.8 مليون دولار (21.9 مليون يورو) من الارصدة المرتبطة بالنظام السوري، مؤكدة معلومة نشرتها صحيفة محلية ناطقة بالالمانية. من جانبها، ذكرت وكالة «ايه تي اس» السويسرية انه لم يعرف حتى الان ما اذا كان هذا الاجراء يتصل بارصدة للرئيس بشار الاسد.

السابق
مصادر: أجهزة المحكمة تدرس اتهامات نصرالله والدفعة الثانية من المطلوبين تشمل 17 متهما
التالي
الحقيقة