تحول-5 تتوج بتهديدات بشن عدوان يستهدف الجنوب

إنتهاء المناورات الإسرائيلية "تحول-5" تتوج بتهديدات بشن عدوان يستهدف الجنوب
الأربعاء 29 حزيران 2011، آخر تحديث 09:20 هيثم زعيتر – اللواء

تتجه أنظار الجنوبيين واللبنانيين إلى السباق الحكومي والأبعاد المنتظرة لصيغة البيان الوزاري، الذي على أساسه تأخذ الحكومة الثقة، وما يُمكن أن يترك من مضاعفاتٍ وردود فعلٍ في موقف المعارضة الجديدة، في ضوء ما يُمكن أن تآتي فيه الصياغة حول المحكمة الدولية دون المستوى المطلوب، الذي يقر ويعترف بالمحكمة وإجراءاتها، فيضع البلاد والعباد في مواجهة مع القرار الدولي ودول العالم. وفي الوقت الذي تأخذ فيه التطورات الإقليمية في المنطقة، وبالذات مما يجري في الداخل السوري، ومدى إنعكاساته في لبنان خصوصاً بعد تشابك وتداخل بعض الأحداث على الحدود الشمالية.

وفي الوقت الذي فوجئت فيه الأوساط بما كشفه الأمين العام لـ "حزب الله" السيد حسن نصر الله في خطابه بالقبض على شبكة تعامل أعضاء في الحزب مع المخابرات الأميركية "السي·أي·أيه"، بالإضافة إلى دولة أخرى لم يعلن عن أسمها، وما يُمكن أن تكون هذه الشبكة قد زوّدت به المخابرات الأميركية من معلوماتٍ، قد تكون مهمة ومؤثرة، سواء بالنسبة للتحركات والإجراءات على صعيد الحزب، أو فيما يتعلق بأماكن تخزين الأسلحة ونوعياتها وفاعلياتها والخطط الإستراتيجية ومدى تأثير ذلك وتأثره على نمطية الحزب واستراتيجيته.

في ظل كل ذلك، تتسابق التطورات على الساحة الجنوبية وما يتعلق بها وخصوصاً مع التصعيد الإسرائيلي على أكثر من جبهة، حيث دخلت قوات الاحتلال الإسرائيلي على الخط، وأعلنت عن تهديداتها بشن عدوان جديد على لبنان في حال طرأ تدهور على الأوضاع الأمنية في المنطقة.

هذا الدخول في هذا الوقت الدقيق جداً، الذي يلف الأوضاع في لبنان وفي المنطقة بشكلٍ عام، وضع الكثير من علامات الإستفهام والعديد من التساؤلات التي تطرح الكثير والكثير من المضاعفات والتطورات على الأرض، وعلى بساط المجريات العامة التي تطال كل القضايا، سواءً في المنحى الداخلي اللبناني أو على صعيد المنطقة ككل، مما يُشكل كشفٍاً واضحاً للنوايا والأبعاد لمجريات الأحداث، ليس في لبنان فحسب بل في المنطقة العربية، وبالذات المحور السوري- التركي – الإيراني المتداخل والمتشابك حول مختلف الأمور والقضايا الجارية.

التهديدات الإسرائيلية يوم الأحد مساءً، وهو اليوم الأول في أيام الأسبوع في الكيان الإسرائيلي، الذي تجتمع فيه الحكومة الإسرائيلية، وبالذات المجلس الوزاري المصغّر، كشفت صحيفة هآرتس الإسرائيلية أن رئيس شعبة الإستخبارات العسكرية الإسرائيلية اللواء أفيف كوخافي زار الولايات المتحدة الأميركية سراً للتحذير من وصول أسلحة متطورة موجودة بحوزة سوريا إلى أيدي "حزب الله" في لبنان في حال سقوط نظام الرئيس بشار الأسد".

وذكرت الصحيفة "أن كوخافي التقى مسؤولين أميركيين في واشنطن وسفراء الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي في نيويورك".

وفي غضون ذلك، هدّدت مصادر أمنية إسرائيلية من شنّ عملية عسكرية واسعة النطاق تستهدف الجنوب إذا طرأ تدهور على الأوضاع الأمنية في المنطقة.

وذكرت الإذاعة الإسرائيلية عن المصادر الأمنية القول: أن "حزب الله" جعل من غالبية القرى في الجنوب قرى متفجرة.

وزعمت أنه "تم في الوقت الأخير إكتشاف وسائل قتالية ومقرات قيادة ومستحكمات تابعة لـ "حزب الله" داخل القرى الواقعة في الجنوب". واستطردت المصادر الإسرائيلية بالقول: إذا بالفعل شنّت "إسرائيل" هجوماً على جنوب لبنان، فإنها ستسعى قدر المستطاع إلى تقليص حالات الإصابة في صفوف المدنيين، وستنشر بالوسائل المتاحة توجيهات للمدنيين للجلاء عن بيوتهم حرصاً على حياتهم.

وأوضحت المصادر "أن مختلف الجهات اللبنانية أبدت اهتماماً بالغاً في التمرين الذي أشرفت عليه الجبهة الداخلية الإسرائيلية خلال الأسبوع الماضي والمسمّى "نقطة تحوّل – 5"، وعلى رأسها "حزب الله" والإعلام اللبناني، كما تابعت الجهات اللبنانية مراحل التمرين بترقب شديد وسط مخاوف أن تستغله "إسرائيل" لشن هجوم على، "حزب الله".

لعل المثير للتوقف عنده بكل إهتمام ودراية أن هذه التصريحات الإسرائيلية، تأتي في أعقاب ما سُميّ بأضخم مناورات عسكرية أجرتها "إسرائيل" الأسبوع الماضي، واستمرت لمدة 5 أيام، وهي التي دأبت على مثل هذه المناورات بعد هزيمة عدوان تموز في العام 2006، حيث ألحقت المقاومة الهزيمة بقوات الإحتلال، وفي ضوء تقرير لجنة "فونغراد" الإسرائيلية الصادر في أوائل كانون الثاني من العام 2008، والتي اعترفت بالهزيمة الإسرائيلية، ودعت إلى التحضير للحرب المقبلة دون أن يتم تحديد مكان وزمان هذه الحرب.

مناورات "تحول – 5"

وتركزت مناورات "تحول-5" على عمليات مواجهة مئات الصواريخ التي تطال بلدات ومدن داخل فلسطين المحتلة، حيث شكّلت بما يدعو للشك أو التردد، أن هذه المناورات تخص مباشرة أولاً ما يملكه "حزب الله" من ترسانة صاروخية على عدة مستويات وأبعاد، بالإضافة إلى ما يُمكن أن يلحق بها من صواريخ أخرى وفقاً لمجريات الحرب من جهة، ووفقاً لمدى إمداداتها الإقليمية.

وفي هذا السياق، فقد ذُكر أن المناورات التي أجرتها "إسرائيل" بلغت ذروتها في اليوم الخامس والأخير في إطلاق أكثر من 3 آلاف صفارة إنذار، حيث طلب من الإسرائيليين التوجه إلى الملاجئ والمناطق الآمنة والمكوث فيها لمدة 10 دقائق، حيث تحصّن زعماء إسرائيليون في مخبأ جديد تحت الأرض، محصّن ضد الهجمات النووية استعداداً لحرب صاروخية محتملة مع إيران وسوريا و"حزب الله" والفصائل الفلسطينية المتحالفة معهما.

وقال مسؤولون إسرائيليون: أنها المرة الأولى التي تختبر فيها الحكومة الأمنية المصغرة بقيادة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو المخبأ العميق الذي جرى حفره عند سفح تلال بالقدس الغربية، على مدى العقد الماضي، وأطلقت وسائل إعلام محلية عليه إسم "نفق الأمة".

وقال وزير الدفاع المدني الإسرائيلي ماتان فيلنائي: أنه تصور بعيد بالطبع. وتدريبات "نقطة تحول-5" تُحاكي تصوراً لقصف كثيف وسقوط آلاف القتلى والجرحى في عدد من الجبهات الإسرائيلية، حيث تم التركيز على ضرورة الإستعداد في التصرف لمواجهة إمكانيات حربٍ شاملة.

ودفع الكشف عن وجود مثل هذا المخبأ الحصين في القدس بعض الإسرائيليين إلى التساؤل عما إذا كانت "إسرائيل"، التي تطور درعاً صاروخياً، تتخذ موقفاً إلى الدفاع تجاه التهديدات النووية المحتملة.

ويعتبر مسؤولون "أن توفير ملاذ آمن سرى يُمكن للزعماء الإسرائيليين الرد منه على الهجمات، من شأنه في حد ذاته، أن يمنع أو على الأقل يحتوي أي حرب في المستقبل".

وأوضح الوزير فيلنائي: إن "إسرائيل" أخيراً تمتلك مكاناً ملائماً يُمكن من خلاله العمل أثناء الطوارئ.

واعتبرت الأوساط السياسية والدبلوماسية في الدوائر المحلية والأجنبية "أن هذه التهديدات التي أطلقها القادة الإسرائيليون بشن عدوان جديد على لبنان والجنوب اللبناني فيه بالذات في أعقاب هذه المناورات الضخمة، التي تعتبر بمثابة إستعدادات جادة ترسم خارطة الحرب الإسرائلية الجديدة على لبنان والمنطقة بشكل عام، وهذا ما يكشف نوايا "إسرائيل" بعد سلسلة المناورات التي سبق أن قامت بها منذ العام 2006".

"حزب الله" في مواجهة الاختراق أما بشأن الشبكة التي أعلن السيد نصر الله عن إكتشاف 3 أفراد من "حزب الله" بالتجسس لصالح المخابرات الأميركية، فقد اعتبرت الأوساط السياسية والدبلوماسية، انه ليس بالصدفة لا بالتوقيت ولا بالمندرجات المعنوية أن يتم الإعلان عن شبكة من أعضاء الحزب يعملون لصالح المخابرات الأميركية ودولة أخرى· ومدى ما هو معروف أنه من المسلمات إرتباط المخابرات الأميركية بغيرها من أجهزة المخابرات الغربية الأخرى والمخابرات الإسرائيلية، ومدى التعامل المطلق في تبادل المعلومات حول مجريات الأمور في المنطقة العربية بشكل عام، وبالذات في ما يجري في لبنان ويطال "حزب الله"، والدقة في الحرص على معلوماتٍ عن نوعية وكمية الأسلحة التي يتزود بها، ومدى الأهمية في قوة فعلياته وتأثيرها.

وقد اعتبرت هذه الأوساط "أن أهمية الإعلان عن كشف شبكة التعامل مع "السي.أي.أيه" وأعضاء في "حزب الله" شكلت عملية إختراق مؤثرة، ولهذا تم الإعلان عنها، وتكتمت الأوساط أيضاّ حول ما إذا كان الأمر يقتصر عند هؤلاء الأعضاء الذين تم الكشف عن أسمائهم، أو أن هناك أسماء أخرى قيد التداول أو لم يتم الكشف عنها؟.

ولكن الجديد أن الإختراق استهدف "حزب الله"، الذي كان يُعتبر حصناً منيعاً في مواجهة العملاء الإسرائيليين، ولكن هذا الإختراق جاء لصالح المخابرات الأميركية المتعاونة مع المخابرات الإسرائيلية، والتي قد يكون أحد الأعضاء الموقوفين لدى الحزب، هو من العملاء لصالح المخابرات الإسرائيلية.

ووفقاً للقوانين اللبنانية يتم محاكمة الشبكات العميلة لصالح العدو الإسرائيلي في المحكمة العسكرية الدائمة، التي تصدر أحكاماً بحقهم، حيث تجاوز أفراد الشبكات الموقوفة 160 مشتبهاً بالتعامل منذ العام 2006 وحتى الآن، واتضح أن من جندهم "الموساد" الإسرائيلي، هم من عدة مناطق وجنسيات وطوائف، فضلاً عن شمولهم مختلف الشرائح الإجتماعية والقطاعات التي يحتاج إليها، العدو ويتزود منها ببنك معلومات.

ولكن التساؤل المطروح الآن إذا كان يتم محاكمة هؤلاء بتهمة التعامل مع العدو الإسرائيلي، فماذا سيكون مصير أعضاء هذه الشبكة التي تم توقيفها والمتهمة بالتعامل مع المخابرات الأميركية، وخصوصاً أن اعترافاتهم أكدت أن دبلوماسيين في السفارة الأميركية في عوكر هم اللذين يتولون تجنيدهم، فهل سيتم محاكمتهم أيضاً؟ ومتى سينتهي "حزب الله" من تحقيقاته وتسليم هؤلاء الموقوفين إلى الدولة اللبنانية؟ وهل سيحدث ذلك أزمة مع الدبلوماسية الأميركية؟

ويتخوف المواطنون والجنوبيون بالذات، من تصاعد تطورات وانعكاسات الأوضاع في لبنان والمنطقة، في ضوء ما تكشف عنه "إسرائيل" من نوايا وغايات وأهداف عدوانية، تأتي بعد موجة الإستعدادات المتعددة التي قامت بها.

ويبقى التساؤل ما هي الإحتمالات المطروحة على مجمل الأوضاع بصورة عامة سواءً في المنطقة أو الجنوب اللبناني بالذات، وذلك مع إقتراب العديد من الإستحقاقات: ومنها صدور القرار الإتهامي في جريمة إغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري مع رفاقه، فضلاً عن أن القيادات الفلسطينية جادة بالتوجه إلى الأمم المتحدة لطلب الإعتراف بالدولة الفلسطينية خلال شهر أيلول المقبل· هذا إلى ما يشهده الشارع السوري من تحركاتٍ داخلية، بمؤازرة خارجية، وما يُسجل في بعض الدول العربية من صراعات وتحركات احتجاجية مطالبة بتغيير أنظمة.

السابق
مايكل جاكسون.. رجل في المرآة
التالي
خلافات مضحكة