قطبة أميركية مخفية في الثورات العربية!

الثورات العربية

نشرت مجلة “بلومبرغ” ـ بيزنس ويك” (عدد حزيران 2011) تقريراً صحافياً عن تمويل الادارة الاميركية لنشطاء الانترنت في العالم العربي بأدوات الكترونية، كما تقيم دورات تدريبة لهم.

من التقرير نقتطف:

في خضم موجة الاحتجاجات التي تجتاح سوريا، يواجه المتظاهرون المناهضون لنظام الحكم هناك صعوبات جمة عند محاولتهم الاتصال بالعالم خارج بلادهمم، اذ بادرت الحكومة السورية الى التضييق على تواصلهم بحجب انتقائي لتغطية الهاتف الخلوي عن المناطق التي تستعر فيها نار الاحتجاج، في حين يعتمد معظم مستخدمي الانترنت تقنية الاتصال الهاتفي البطيء Dial-up للولوج الى الشبكة. بعض هؤلاء المستخدمين يستند الى المعلومات الآتية من خلف الحدود لمتابعة ما يجري في بلده، من خلال مقاطع فيديو يتم تحميلها مثلاً على موقع Youtube، عبر ناشطين على الانترنت. ومن هؤلاء ناشط يطلق على نفسه لقب السوري، رفض الافصاح عن اسمه اذ سبق له ان جرب الاعتقال في السجون السورية، وهو يكشف انه يتلقى ملفات فيديو من الناشطين على الارض في درعا وغيرها من المناطق السورية الملتهبة، ويساعدهم على نشرها من خلال تنسيق المقاطع وتحميلها على موقع You tube لعرضها تبياناً لحقيقة ما يحصل.

يتمتع السوري هذا بكل الميزات التي تدرجه في لائحة الأشخاص الذين ترغب وزارة الخارجية الأميركية في امدادهم بكل مساعدة ممكنة راهناً. فهو معارض للنظام القائم ومطالب بالاصلاحات الديموقراطية من جهة، ويفتح نافذة للسوريين الآخرين ليطلعوا عبرها على حقيقة ما يجري في بلدهم وما يواجهونه من قمع رسمي من جهة أخرى. الا ان السوري، كما العديد من هؤلاء الناشطين على الانترنت، يشكك في النوايا الأميركية الكامنة وراء هذه المساعدة.

تؤكد الخارجية الاميركية على دعمها هؤلاء الناشطين على الشبكة برصد 28 مليون دولار على شكل منح هدفها تزويدهم بالعدة اللازمة وتدريبهم لرفع مستوى تفاعلهم الإلكتروني وتنظيمه، ليكون ذلك ترجمة لمساعي الإدارة الأميركية مواكبة التغيير في العالم العربي. وهذه المنح وسيلة لمكافحة القمع التكنولوجي، أو “القمع 2,0” كما يسمّيه مايكل بوسنر، مساعد وزيرة الخارجية لشؤون الديموقراطية وحقوق الإنسان والعمل، في استعارة واضحة من التسمية التي تطلق على مواقع التواصل الاجتماعي Net 2.0. في المقابل، تلجأ الأنظمة وأجهزتها الأمنية بشكل متزايد الى استخدام شبكات التواصل الاجتماعي وتقنيات متطوّرة عديدة لتعقّب المعارضين واختراق صفوفهم. فعلى سبيل المثال، عمدت السلطات التونسية قبيل سقوط الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي الى اختلاق صفحات زائفة على موقع Facebook وصفحات دخول الى Gmail بغية السطو على كلمات المرور الخاصة بحسابات الناشطين.

وبعد أن ساد الاعتقاد بين المسؤولين الأميركيين أن تمكين المعارضين من الوصول الى Facebook وTwitter وغيرهما من مواقع التواصل الاجتماعي الأخرى، سيتيح لهم تنظيم أنفسهم، يعتقد بوسنر الآن أن تدريب الناشطين على سبل تجنّب السقوط في الأفخاخ التي تنصبها الأنظمة، ومنحهم الأدوات الإلكترونية اللازمة للبقاء في مأمن منها ضمن البيئات الرقمية، بات “البند الأكثر أهمية” في جدول مواجهة القمع على شبكة الإنترنت.

انطلاقاً من هذا الرأي، يفيد بوسنر أن وزارة الخارجية الأميركية نظمت سلسلة دورات تدريبية لأكثر من خمسة آلاف ناشط على الإنترنت في مختلف أنحاء العالم، أقيمت إحداها في بيروت في الأول من شباط (فبراير)، وضمت مشاركين من تونس ومصر وسوريا. تتولى منظمات محلية تنظيم هذه الدورات من دون دعاية وإعلانات، وتلقّن المشاركين فيها طرق تمييز المواقع والتقنيات الأكثر عرضة للرقابة الحكومية، وتجاهل الشائعات.

يقول بوسنر إن على وزارة الخارجية أن تعمل بمنطق المشاريع الاستثمارية المغامرة إذا شاءت مواكبة حركة الناشطين والحكومات على حد سواء، وأن تمنح مطوري المواقع الإلكترونية المال اللازم لتحديث مواقعهم وتحصينها. لذا، وزعت وكالة الاستخبارات الأميركية حتى الآن 22 مليون دولار في شكل منح لتعزيز حرية الإنترنت، وتخطط لرفع قيمة المساعدات الى 50 مليون دولار بحلول الصيف المقبل، على أن تخصص الوجبة الحالية من المنح لإنشاء أدوات رقمية يحتاج إليها الناشطون في تنظيم احتياجاتهم. وفي نيويورك، تقوم منظمة لا تتوخى الربح هي MobileActive.org، تديرها كاترين فيركلاس، تلقّت تمويلاً حكومياً لتطوير Panic Button أو زر الذعر الذي يسمح للناشطين، في حال تعرضهم لخطر الاعتقال، إرسال رسالة قصيرة الى مجموعة محددة من الأرقام، من دون أن تترك الرسالة أثراً في سجل الهاتف الخلوي.

كما يمحو هذا التطبيق البرمجي أي بيانات قد تعرّض حامل الجهاز لخطر التجريم. وتطوّر Mobile Active التطبيق بشكل يسمح باستدامه في الهواتف التي تعمل بتقنية Java، ابتداء بهواتف BlackBerry الذكية وصولاً الى الهواتف العادية الأخرى من Nokia، والتي يرجّح أن يقتنيها معظم الناشطين في العالم الثالث. وفي خط مواز، تترك الشركة المصنّعة الباب مفتوحاً لتحديث هذا التطبيق، مع تطوير نسخة منه تتوافق مع نظام Android. تقول فيركلاس: “يشبه التطبيق الأطفال الرضّع الذين يحتاجون الى التغذية الدائمة”.

السابق
في ما خصّ “الفايسبوك”
التالي
سوريا: لماذا كل هذا الارتباك الدولي؟