لبنان تسلم نسخة من القرار الاتهامي من المحكمة؟

رُصدت الكلمة التي ألقاها الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله في ضوء معلومات لدى جهات معارضة تتحدث عن تسلم المراجع اللبنانية نسخة عن مضمون القرار الاتهامي في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، اذ ان لبنان يتبلغ على نحو مسبق عبر الأجهزة القضائية التي تعود بدورها الى المسؤولين السياسين في هذا الشأن قبل اعلان المحكمة الخاصة بلبنان القرار الاتهامي. لذلك سرت توقعات لدى قوى 14 اذار بأن يعلن السيد نصرالله موقفا من مضمون هذا القرار على نحو مسبق وان لديه ما سيقوله في هذا الشأن وان كلامه على هذا الموضوع سيكون مؤشرا الى تسلم لبنان الرسمي القرار الاتهامي.
لكن الكلمة جاءت في رأي كثر خالية من اي مضمون يبررها، حتى في موضوع الجواسيس اضافة الى موضوع الحكومة او الدعم للنظام السوري وسوى ذلك. فهذه مواضيع ليست جديدة تستحق اطلالة من السيد نصرالله، خصوصا انه قلّل أهمية موضوع الجواسيس نافياً اي ربط لاختراق الحزب بموضوع الدفع نحو ايجاد ذرائع للاختراق تمهيداً او تحضيراً للقرار الاتهامي.
وهناك انطباع لدى الاكثرية والمعارضة ان الكلمة تقررت آخر لحظة من غير مناسبة وفي اطلالة لم تحمل في الشكل اي رسالة محددة باعتبار أن اطلالات الامين العام للحزب في ذاتها والتعبئة الخطابية كانت غالبا جزءا من اسلوبه، كما ان التمهيد لاتهام ما او التأسيس لشيء لاحق كان الجزء الآخر المكمل له. وهو الامر الذي يحمل هؤلاء على التوصل الى استنتاج بديهي يتصل باحتمال انه كان سيقول او يعلن شيئاً ما وأحجم في اللحظة الاخيرة بناء على تقويم مختلف أو طارىء للأمور. وتاليا أن ما لم يقله السيد نصرالله هو اهم مما قاله في ضوء هذه المعطيات، مع انه قال في موضوع المحكمة انه غير معني.
ويمكن ان يعتمد هذا الموقف وان يفيد أنه سيتجاهله تماما على نحو يشابه عدم الرغبة في الاعتراف بوجود دولة ما، أي التعامل سلبياً معها، لكن من دون ان يعني ذلك ان هذه الدولة غير موجودة، وتاليا ان الرئيس ميشال سليمان والرئيس نجيب ميقاتي ليسا مضطرين الى عدم التعامل معها او تجاهلها، مثلما يسري الوضع بنسبة اكبر على سائر الافرقاء الآخرين في البلاد والذين لا يختصرهم "حزب الله".
ومع ان هناك آراء مختلفة أخرى في تقويم كلام الامين العام للحزب وتمهيده وفق ما يرى اصحاب هذه الاراء لحملة على الولايات المتحدة الاميركية في ضوء موقف الاخيرة من موضوع المحكمة والقرار الاتهامي، الى جانب العقوبات المفروضة على سوريا وموضوع الجواسيس، فان هناك توافقا مع الرأي السابق على غياب الكثير من العوامل التي تبرر إطلالة نصرالله قياسا على اطلالاته السابقة.
فهل صحيح ان المسؤولين اللبنانيين تبلغوا نسخة عن القرار الاتهامي على نحو يستبق التوافق على موضوع المحكمة في البيان الـــــوزاري او أن القرار في طريقه الى تبليغ لبنان الرسمي؟
ترجح مصادر معنية في المعارضة ان يكون هذا الامر قد تم على رغم التكتم في شأنه في انتظار بلورة موقف رسمي معلن، على رغم التكهنات بأن هناك سباقا بين البيان الوزاري والصيغة المفترضة لأسلوب التعاطي والمحكمة الدولية الخاصة باغتيال الرئيس رفيق الحريري والقرار الاتهامي.
فالكلام لم يعد كما تقول هذه المصادر على انتظار ايام او اسابيع بل هو حصل فعلاً، ومن يشكك في حصول هذا الامر يؤكد ان اصدار القرار بات قريباً جداً، مع الاصرار على تعبير "قريبا جدا". وفي الحالين فان اعلانه يمكن ان يغير المشهد السياسي ويأخذ الامور الى إطار آخر، وان من ضمن الخطوط السياسية القائمة اي حكومة 8 اذار من جهة والمعارضة من جهة اخرى.
ففي حال عدم تسلم نسخة مضمون القرار بعد فان المعنيين باتوا على معرفة بمضمونه، ولعبة الضغوط المتبادلة تمارس على قاعدة التأثير في الهامش الذي يملكه رئيس الحكومة. واذا صح هذا الامر فهو يبدل الاولويات على نحو مهم جداً ويطرح تساؤلات في ظل متابعة دقيقة للمواقف الاخيرة لكل من الرئيس ميقاتي وقوى 8 اذار، من دون ان يلغي اهمية البيان الوزاري وما سيتضمنه من حيث كونه المؤشر الى امكان ان تكون الحكومة فاعلة او حكومة تصريف اعمال بديلة من حكومة تصريف الاعمال برئاسة الرئيس سعد الحريري ليس الاّ، في ضوء مواقف بدت متوازية على الاقل في اليومين الاخيرين بين ما قاله الرئيس ميقاتي وما قاله مسؤولون في الحزب، ومن بينهم نائب الامين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم.
فرئيس الحكومة قال: "اذا لم يكن هناك اجماع لبناني على قرار معين فاستمر في تنفيذ ما التزمته الحكومات السابقة. اما اذا كانت هناك ضرورة لاتخاذ اي قرار صعب فيجب ان يحصل ذلك من ضمن هيئة الحوار الوطني اي بالتوافق بين جميع ممثلي الشعب اللبناني… انا مستمر في احترام القرارات الدولية الى حين صدور قرار مخالف او اي قرار من هيئة الحوار الوطني". وهذا الموقف كان لافتا جدا بالنسبة الى فريق المعارضة في شكل خاص.
وبدا الاهتمام واضحا بمعرفة ما يقصده ميقاتي وما اذا كان يعني انه سيعتمد البيان الوزاري السابق في موضوع المحكمة كما في موضوع سلاح الحزب، وتالياً تمويل المحكمة، ام انه في غياب التوافق يبقى الوضع الحالي على حاله او تحال المسألة على طاولة الحوار من اجل عرض الموضوع على البحث بين الافرقاء السياسيين، اضافة الى اسئلة اخرى كثيرة بنيت على ما قاله ميقاتي. وتم التنبه في المقابل الى قول الشيخ قاسم ان الحكومة هي ترجمة لـ"خيارتنا الوطنية"، بما فهمه كثر خطا يختلف عما اعلنه ميقاتي ويعني احتمال انتقال أزمة التأليف الى أزمة البيان مع المعطيات الجديدة التي ترجح المصادر المعنية انها دخلت المشهد السياسي. وتالياً بات التساؤل اي خط يمكن ان يربح، في ضوء تشاؤم لا تخفيه مصادر في الاكثرية الجديدة بامكان التوافق على البيان الوزاري؟

السابق
مصدر وزاري:عون لم يأخذ ما طلبه.
التالي
تركيا وخطر التفكك السوري