النهار: لا توافق حكومياً على بند المحكمة ومواقف عون تختبر تماسك الأكثرية

مع أن مناخ السجالات الحادة الذي أثارته هجمات العماد ميشال عون على الرئيس سعد الحريري والردود عليه ظل طاغيا على مجمل الوضع السياسي أمس، أبرز الاجتماع الثالث للجنة صياغة البيان الوزاري في السرايا برئاسة رئيس الوزراء نجيب ميقاتي بلورة بعض الخطوط العريضة المتصلة بالسياسات الحكومية في بعض القضايا الحساسة والمهمة.

وقالت مصادر وزارية بارزة لـ"النهار" في هذا الصدد انه غداة اقرار الفقرة المتعلقة بتثبيت معادلة "الجيش والشعب والمقاومة" بصيغة معدلة في الشكل في اجتماع اللجنة الثلثاء، جرت امس مناقشة للفقرة السياسية من المسودة التي أعدها الرئيس ميقاتي والتي تقع في أربع صفحات، وأقرت بعد ادراج ملاحظات أبداها أعضاء اللجنة، ثم انتقلت اللجنة الى مناقشة موضوع وضع قانون جديد للانتخابات النيابية، واتفق مبدئيا على اعتماد النسبية فيه ولكن من دون الخوض في التفاصيل. وتابعت بعد ذلك مناقشة البنود العائدة الى الوزارات والادارات وأوضاع الخدمات وتصور كل وزير لعمل وزارته على أن يستكمل البحث في هذا الشق في الاجتماع الرابع للجنة المقرر اليوم.

وإذ بات شبه مؤكد أن البيان الوزاري لن يتجاوز تسع صفحات، أوضحت المصادر الوزارية أن أجواء النقاش تتسم بالهدوء والايجابية خلافا لما كان متوقعا.

وفي اضاءة على موضوع المحكمة الخاصة بلبنان الذي يشكل الاختبار الاساسي للحكومة في بيانها الوزاري، كشفت المصادر نفسها ان هذا الموضوع لم يبت بعد وفهم انه متروك الى ما بعد انجاز كل الفقرات والبنود الاخرى في مسودة البيان الوزاري في انتظار استكمال اتصالات ومشاورات تجري بين اقطاب قوى الاكثرية بعيدا من الاضواء. وأضافت انه لم يتم التوافق على هذا البند بين هذه القوى مع ان مسودة البيان تتضمن عنوانا أساسيا عن المحكمة. وأشارت المصادر الى ان هذه القضية لا يمكن تجاوزها مع أن بند تمويلها قد لا يكون موضع بحث في الوقت الحاضر. والرأي الغالب داخل الحكومة، في انتظار الاتصالات الجارية، هو أنه لا يمكن الخروج عن التزامات لبنان الدولية وخصوصا في ضوء المواقف التي يتبلغها رئيس الوزراء من السفراء الغربيين الذين، مع تأكيد ثقتهم بميقاتي من حيث ما يعلنه لهذه الناحية، يشددون على أهمية التزام لبنان القرارات الدولية ولا سيما منها تلك المتعلقة بالمحكمة الدولية والتي تشكل المفصل الاساسي في تعامل الدول مع الحكومة.

لذا تعتبر المصادر أنه لا يمكن لبنان ان يقدم على أي خطوة ناقصة في هذا الموضوع لان من شأن ذلك أن يؤدي الى وضع الحكومة مبكرا في دائرة الاستهداف الخارجي وقد يعرض ذلك لبنان لمخاطر سياسية واقتصادية. وذكرت أن ميقاتي يكرر التشديد أمام السفراء على الموقف المبدئي الذي أعلنه منذ اليوم الأول بأن لبنان ملتزم القرارات الدولية والمحكمة. واستغربت ما يحاول البعض اشاعته عن سعي رئيس الوزراء الى تأخير البحث في فقرة المحكمة في انتظار صدور القرار الظني قائلة انه يستعجل انجاز البيان الوزاري وعقد اجتماعات يومية للجنة الوزارية منعاً لجدالات عقيمة، علماً أن أحداً لا يعرف الموعد الحقيقي لصدور القرار الظني.

وكان سفراء الاتحاد الأوروبي اتخذوا أمس موقفاً حازماً في موضوع الالتزامات الدولية للبنان عقب اجتماعهم مع ميقاتي جددوا فيه "الترحيب بتشكيل الحكومة"، لكنهم شددوا على "اعتماد بيان وزاري يدعم التزامات لبنان الدولية (…) ومتابعة المحكمة الدولية الخاصة بلبنان عملها من دون عوائق وبتعاون السلطات اللبنانية".

مضاعفات الهجوم العوني

على صعيد آخر، قالت أوساط سياسية مطلعة على الأجواء التي سادت صفوف الأكثرية عقب انفجار السجالات بين العماد عون وقوى 14 آذار، أن هجوم عون على الرئيس الحريري شكل هزة مبكرة جدية لقوى الأكثرية نفسها ينبغي رصد مفاعيلها وخصوصاً في ضوء مسارعة الرئيس ميقاتي ورئيس "جبهة النضال الوطني" النائب وليد جنبلاط الى اتخاذ موقفين مناهضين للهجوم العوني. ورأت الأوساط أن ميقاتي وجنبلاط أطلقا بموقفيهما رسالة عاجلة موجهة الى عون مفادها منع وضع الحكومة تحت عنوان "المصادرة" من جانب سياسة طرف واحد وإلا لكان الأمر هدد بمضاعفات جدية وخصوصاً على وضع رئيس الوزراء تحديداً في ضوء افتعال معارك مبكرة وغير مبررة مع "تيار المستقبل". ولفتت الى ان هذا التطور سيضع تماسك قوى الأكثرية أمام اختبار حساس، علماً ان القوى الأخرى في 8 آذار التزمت جانب الحياد والصمت حتى البارحة في هذا الصدد.

ولوحظ في هذا المجال أن الوزير وائل ابو فاعور مضى أمس في تثبيت موقف جنبلاط إذ أعلن "اننا لن نقبل بأن نكون في مرحلة شبيهة بالعام 1998 (عهد الرئيس اميل لحود) وأن نسير في أي كيدية". وقال إن كلام عون "مرفوض ولا يعبر عن رأي الحكومة وتوجهها".

وفي المقابل اعتبرت الأمانة العامة لقوى 14 آذار أن "ما يصدر عن النائب ميشال عون يؤكد الطبيعة الانقلابية للحكومة من جهة ويتضمن تهديدات بالنفي والسجن والقتل للمعارضة من جهة ثانية". وحمّلت رئيسي الجمهورية والحكومة "مسؤولية هذه الحالة العونية المرضية" ورفضت "محاولتيهما التنصل مما يدلي به عون فيما يتحملان مسؤولية تعزيز وضعه على رغم خطورة تهديداته".

السابق
أولى جلسات الحكومة: إقالة عبد المنعم يوسف؟
التالي
One way ticket