النهار: الأسد يريد إصلاحات خجولة ويرفض حواراً مع المخربين وأوباما اتفق وأردوغان على وجوب وضع حد نهائي للعنف

في خطابه الثالث منذ بدء الاحتجاجات الشعبية في سوريا، وعد الرئيس السوري بشار الاسد بحوار وطني في شأن اصلاحات سياسية و"تعديل دستوري أو دستور جديد"، وصولاً الى امكان تغيير المادة الثامنة التي تنص على قيادة حزب البعث للبلاد والتي تطالب المعارضة بالغائها. الا أن انفتاحه الملتبس على المطالبين بالحريات والديموقراطية والساعين الى اسقاط نظامه، لم يشف غليل المعارضة التي سارعت الى رفض الخطاب معتبرة أنه "لا يرقى الى مستوى الازمة"، ويشكل "محاولة لكسب الوقت"، وتعهدت استمرار "الثورة" الى حين تغيير النظام.
وعاد الاسد في جزء كبير من خطابه الذي ألقاه أمام مجموعة مختارة من مناصريه في جامعة دمشق، الى لهجة باتت مألوفة، متحدثاً عن "مؤامرة"، و"مخربين"، ومتعهداً إصلاحات متواضعة بلا آليات ولا مواعيد محددة.
وفيما بدا واضحاً أن الاسد مصر، على رغم الضغوط الداخلية والخارجية، على الدفاع عن نظامه حتى الرمق الاخير وأنه يحاول الخروج سالماً من موجة الاحتجاجات الشعبية، تستعد المعارضة بدورها على ما يبدو للمواجهة، في واحدة من الانتفاضات الاكثر دموية التي يشهدها العالم العربي.

تظاهرات

فما ان انتهى خطابه، حتى خرجت تظاهرات مناهضة للنظام في مدينة حلب الجامعية وسراقب وكفر نبل بمحافظة ادلب وحمص وغيرها من المدن والبلدات السورية.
وأفادت مصادر في حزب البعث أن "تعليمات رسمية صدرت عن الدوائر المسؤولة في الحزب الحاكم الى كل كوادره وموظفي القطاع العام، حتى منهم من لم يكن بعثياً، بالنزول الى الشارع صباح الثلثاء (اليوم) للمشاركة في مسيرات حاشدة تأييداً للنظام".

تركيا: غير كاف

ولم تقتصر الخيبة التي أثارها الخطاب على أوساط المعارضة السورية، بل تخطت الحدود الى تركيا التي رأت حكومتها أنه "غير كاف".
وقال الرئيس التركي عبد الله غول ان الخطاب عن الاصلاح في سوريا "لا يكفي"، وعلى الاسد ان يحول سوريا إلى نظام التعددية الحزبية.

أوروبا

وشدد وزراء الخارجية الاوروبيون الذين اجتمعوا في اللوكسمبور للبحث في توسيع العقوبات على النظام السوري لهجتهم، وتفاوت وصفهم الخطاب بين "محبط" و"غير مقنع"، بينما لم ير فيه الوزير الفرنسي الان جوبيه سبباً "لأخذه على محمل الجد".

الموقف الأميركي

وفي واشنطن أفادت الولايات المتحدة انها لن تحكم على بشار الاسد بالاقوال بل بالافعال، وطالبه البيت الابيض باتخاذ "اجراءات ملموسة" وذلك في رد رسمي اميركي أول على خطاب الرئيس السوري، على خلفية مواصلة المسؤولين الاميركيين جمع المعلومات القانوية والقضائية التي يمكن استخدامها اذا قررت واشنطن احالة المسؤولين السوريين على المحكمة الجنائية الدولية. وجاءت هذه المواقف الاميركية على خلفية الاعلان عن قيام السفير الاميركي في دمشق روبرت فورد بزيارة للمنطقة الحدودية السورية – التركية لتفحص احوال اللاجئين والنازحين السوريين، الذين فروا من قراهم امام زحف الجيش السوري في اتجاه المنطقة الحدودية في الايام الاخيرة.

وصرحت الناطقة باسم وزارة الخارجية الاميركية فيكتوريا نيولاند بان الاسد "يطلق الوعود لشعبه منذ سنوات… المهم هو الافعال وليس الاقوال". وانتقدت اتهامات الاسد "للمحرضين الاجانب بدل ادراك حقيقة ان شعبه بكل بساطة يشعر بالاشمئزاز من نظام يدعم نفسه من خلال القمع والفساد والخوف". وذّكرت بمقال وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون الذي نشرته "الشرق الاوسط" والذي جاء فيه ان معظم الضحايا سقط برصاص قوى الامن السورية. و بعدما أشارت الناطقة الى ان السلطات العسكرية السورية قامت بعزل قاس للمنطقة الحدودية وحرمت مئات السوريين الحصول على امدادات انسانية، أعلنت ان السفير فورد زار الاثنين المنطقة الحدودية.

وكررت انتقاد الحكومة السورية لانها اخذت صفحة من كتاب القمع الايراني، كما كررت انتقاد التدخل الايراني في الوضع السوري الداخلي، ورفض قول الاسد بأن مشاكل سوريا هي من صنع خارجي قائلة: "لا نقبض ذلك". وجوابا عن سؤال شكك في ان يكون الرئيس الاسد ممسكاً بالسلطة الحقيقية في سوريا، قائلة: "لا استطيع الحكم على السياسة السورية الداخلية، واقول ببساطة انه يتحمل المسؤولية الرسمية عن أعمال الحكومة السورية". وأفادت ان السفير فورد يواصل وطاقم السفارة عقد الاجتماعات مع طيف واسع من السوريين. ورأت ان جولته في شمال البلاد ستوفر لواشنطن المعلومات عما يحدث هناك.

وعن احتمال احالة المسؤولين السوريين على المحكمة الجنائية الدولية، قالت ان واشنطن تواصل جمع المعلومات والعمل في هذا الشأن مع حكومات اخرى، كما تواصل البحث في امكان فرض عقوبات اضافية على قطاعي الغاز والنفط. وكشفت ان الوزيرة هيلاري كلينتون اجرت اتصالا هاتفيا بنظيرها السعودي الاميرسعود الفيصل ناقشا خلالها عدداً من المسائل الثنائية الى الوضع في سوريا.
الى ذلك، دعا الناطق باسم البيت الأبيض جاي كارني الأسد الى اتخاذ "خطوات ملموسة" في شأن وعوده بالاصلاح السياسي، وحضه على وقف القمع العنيف للمدنيين.
وسئل عن تعهد الأسد اجراء حوار وطني، فأجاب: "لا أقول إن الكلام لا معنى له… لكنه يحتاج الى التحرك بناء عليه".
وفي وقت متقدم، أفاد بيان للبيت الأبيض أن الرئيس باراك أوباما أجرى اتصالاً هاتفياً مع رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان تطرقا خلاله إلى الوضع في سوريا.
وأضاف أن "الزعيمين اتفقا على ضرورة وضع الحكومة السورية حداً نهائياً لاستخدام العنف وأن تجري فوراً إصلاحات ذات معنى تحترم التطلعات الديموقراطية للشعب السوري".

السابق
جنبلاط للأنباء:أحداث طرابلس مؤشر خطر
التالي
السفير: الأسـد يرســم خـريطـة طريـق للإصـلاح قبـل نهـايـة العـام: تغييـر الدسـتور … وتوسـيع العفـو … والحـوار عنـوان المرحـلة