أين أصبحت المنازل الجاهزة التي كلّفت الدول المانحة ملايين الدولارات؟

لم يكن حلاًّ، على ما يبدو، بناء المساكن الجاهزة، كبديل مؤقت عن المساكن المهدّمة في حرب تموز 2006: "كان الأجدى أن تستغلّ الأموال التي دفعت على بناء هذه المساكن لبناء مجمّعات سكنية من الباطون المسلّح، يستفاد منها بشكل دائم، لأن هذا النمط من البناء لم يتم استخدامه الاّ من البعض القليل من أصحاب المنازل المهدّمة"، يقول محمد ابراهيم ابن بلدة عيترون الجنوبية.

عشرات المنازل الجاهزة تم تشييدها في بلدات عيترون ومركبا والطيبة وكفرا ومروحين من قبل الهلال الأحمر السعودي وأفراد الجالية اللبنانية في السعودية، اضافة الى أربعين منزل في بلدات تبنين وحاريص وحدّاثا وعيتا الجبل تبرّعت بها الحكومة البولندية. لكنّ اللاّفت هو عدم استخدام هذه المنازل للسكن منذ بنائها الاّ من البعض. وهي اليوم توزّع على الجمعيات وبعضها متروك للخراب. فمن أصل 48 منزلا جاهزا في عيترون، تم استخدام ثلاثة فقط، ولفترة مؤقتة، واليوم أزيلت كلها.

وبحسب رئيس بلدية عيترون سليم مراد فقد "وزّعت هذه المنازل على الجمعيات والأهالي والمحتاجين بصورة فردية بعد انتفاء الحاجة لها، لأن الأرض التي استغلّت لتشييدها ستستغلّ لاحقاً لانشاء الملاعب وحديقة للأطفال".

أما في بلدة مركبا فما زالت المنازل الجاهزة قائمة (30 منزلا) لكنها فارغة من السكان، باستثناء منزلين مؤجرين من قبل المجلس البلدي لبعض أبناء البلدة المقيمين عادة في بيروت.

وفي بلدة الطيبة لم تستخدم المنازل الجاهزة (30 منزلا أيضا) على الاطلاق منذ بنائها بعد حرب تموز، وقد تعرّض بعضها للخراب، وأزيل عدد منها لأسباب غير معروفة، وتم استخدام ما تبقى منها كمقرّ لاتحاد بلديات جبيل عامل.

وهنا يذكر أن كلّ مسكن جاهز مؤلف من ثلاث غرف صغيرة جداً ومطبخ لا يتّسع لأكثر من شخص، وحمام صغير. ويبدو أن المباني التجارية المؤقتة (250 محلّا) في بنت جبيل، التي شيدتها الحكومة القطرية كبديل عن المحال التجارية المهدّمة والتي زادت كلفتها على المليوني دولار اميركي، هي الوحيدة التي استخدم عدد قليل منها للغرض المعدّة له، اما العدد ألكبر فبقي مقفلا، رغم أنه تم هدم جميع المحال التجارية التابعة للسوق القديم في المدينة بعد تضررها في حرب تموز، بهدف اعادة بنائها وفق خطّة هندسية منظّمة على نفقة الحكومة القطرية، بعدما تم تجهيز بنيتها التحتية اللاّزمة، من ماء وكهرباء وانارة. لكن عودة تجّار بنت جبيل الى السوق الجديد بعد اعادة بنائه جعل من هذه المنشآت السكنية تبحث عن من يستخدمها.

يقول محمد قازان معلقا: "عصفور باليد ولا عشرة عالشجرة. أنا استأجرت واحدا هنا لأن محلي التجاري تهدّم في الحرب ولا يوجد بديل آخر، وهذه المحال سيتم تفكيكها لاحقاً لأن الأرض تم استئجارها من قبل المجلس البلدي لمدة ثلاث سنوات".

السابق
التعليم العالي سلعة أم خدمة عامة؟
التالي
وداعا لتلوّث الأنهار في النبطية